مرَّة أخيرةً أخرى أمام بَرِيْدِ الْمَوْتَىْ بقَمِيْصٍ مثَّقوب بقلم إبراهيم شواهنة
تاريخ النشر : 2021-10-19
مرَّة أخيرةً أخرى أمام بَرِيْدِ الْمَوْتَىْ بقَمِيْصٍ مثَّقوب

بقلم: إبراهيم شواهنة

مرَّةً أخيرةً أخرى، أستدعي يتامى أحْلاْميْ، من المَمَرَّرَاْتِ السُّوْدِ لأزجَّ بهم في هواء الطواحين
مرة أخيرة أخرى، أحتاجُ هذا الظلام ـ كل الظلام ـ لإعلانِ هزيمتي الفائتة.
[كان الناسُ يُحرقونَ قلوبهم
وقصائدهم
كأنَّهُ الشِّتَاْء الأخير]
الْهَوَاْءُ نفسهُ، ضيِّقٌ ساخنٌ، والطرقات ذاتُها، سوى أنَّها ليسَتْ هيَ، والأنْفاقُ بظلامها المزدحمِ، والجسور بتاريخها الماكر، والطَّعام بمذاقه المفقود، والنساء باحتمالهنَّ المؤجل، والجميع بما جمعوا من المحال المؤكد.
فلمن كلُّ هذا العيد؟.....أذن؟؟؟؟
السنةُ الَّتِيْ لمْ تبْدأ
تخْلعُ ملابسَها على سياج حروبٍي القديمة
بانتظار سياطِ الحديدِ الَّتِيْ تجْلدها
تحتً سَمَاْءٍ تبكي!


سمائي .... تبكي!
أسْقطُ عالياً وبطيئاً كمظليٍّ يتذكَّر....تاريخ حبك ... أسقطُ خارجَ الزمن المُعلن، أسقط هذهِ المرَّةَ هادئاً.
لمنْ كلُّ ما أرى من جدرانٍ تصلُ الشوارعَ بالحدائقِ؟
لمنْ العيونُ المتساقطة في الشوارعِ كفصِّ الخاتم؟
لمن تُبنى الغيومُ هناك؟
لمن بقايا الآن؟
[قريباً من السطوح
حسرات.....والالام
والسَمَاْءُ سوق بلا زبائن]
مرَّةً أخيرةً أخرى، يداك ـ بلا زُهُوْرٍـ تبحثانِ عنْ رفاتِ أيامي.
مرَّةً أخيرةً أخرى، القبورُ ممراتُ، مسطَّحة، والطرقات مقابر عالية لفتيانٍ غامضين.
مرَّةً أخيرةً أخرى، الشاهدةُ واحدةٌ لقتْلى متعدِّدين.
[ كانت أحلامي تنظِّف السَمَاْءَ
من ذكريات الحب
لتكتبَ العصافير بدلاً عني،
أسْمَاْءَ حببيتي]
أرفقُ هذا اليأسَ الفاحشَ بعناوينَ وهميِّةٍ للمدنِ السُّوْدِ.
فشلٌ مؤكدٌ هو كلُّ ما أعرفُ عن كمون النقاطِ في صرْخةِ المتخلِّينَ عنْ إنقاذ ساحلي من الوقت.
فشَلٌ مؤكدٌ هو كلُّ ما أعرفُ عن إرداء أسئلتي أمام سفراء الذكريات.وملائكة الموت
[ترتدُّ إلى التسمياتِ الأشجارُ،
إلى كلامٍ يرقِّعُ الفشلَ
إلى حبلٍ أبْيضَ، هاربٍ من حبر النسيان.]
نصْفُ حياتي لنقْل الغيومِ من أماكنَ طارئة لأخرى مؤجَّلة، وعليَّ إحصاء كلِّ هذا الأبد الممزَّق.
نصْفُ حياتي لأتعلَّم مكافحةَ الأزهار الَّتِيْ تُردي حياتي.
نصْفُ حياتي لحراسةِ الوحوش الحديديَّةِ من هواء الشِّتَاْء.
[المدافعُ مَحْبَرةُ تُلاحِقُ جُثَّة الْهَوَاْءِ،
تَرْسُمَ ـ بالدويِّ ـ عرياً أسْود]
لماذا كلُّ هذا الاسترخاء حيالَ طوفانِ الغياب؟....
لماذا يتخلى المنتحرونَ عن الرصاص المتبقيِّ في مسدَّساتهم؟
سأنْذِرُ اللافتاتِ بالرَّحيلِ عن البابِ لأخرج.
[وهذا خطاُ آخرُ أحصيه بعناية
أنْتِ والحياة باطلتان.]

أنت والحياة ...باطلتان
أرثيك، كما أصفُ غابةً مهدَّدةً بالغيمِ،
تقدَّمْ إلى احتمالكَ الناقص أيُّها الزمن المصفَّدُ.
حريَّة لمْ يطأها المجْنون، ربيعُها أقلُّ إعلاناً ورمادُها مزدوجٌ إلى آخر الماضي.
أقلُّ استحواذاً على فجرٍ يفزُّ من نومه في الحافلة.
أقلُّ من أزهارٍ تنتقلُ من شعر امرأة إلى مكتب شخصٍ ينسى حياته في غابة بيضاء.
[وهو لمَّا أرسلوه ـ نائماً ـ إلى الصَّحْراء
نسيَ احتجاجَه،
وصفَّقَ بأجفانه.