الصلاة الصامتة.. والأمة الصامتة بقلم خالد صادق
تاريخ النشر : 2021-10-11
الصلاة الصامتة.. والأمة الصامتة

بقلم: خالد صادق

بعد سماح المحكمة الصهيونية للجماعات اليهودية المتطرفة بأداء ما اسمته بصلوات صامتة في المسجد الأقصى المبارك, بات لزاما علينا كفلسطينيين شعب ومقاومة ان نستعد لمعركة جديدة وطويلة ودامية مع الاحتلال الصهيوني, فلطالما رفع شعبنا بفصائله المختلفة شعار "الأقصى خط احمر" وحتى نترجم هذا القول الى فعل فعلينا ان نكون جاهزين للمعركة, وان نوصل رسالتنا بشكل واضح للاحتلال فالقدس خط احمر ولا يمكن الصمت على انتهاكات الاحتلال الصهيوني لحرمة المسجد الأقصى, خطيب المسجد الأقصى المبارك الشيخ عكرمة صبري، أكد أن خطورة السماح لليهود بـ "الصلاة الصامتة" في باحات الأقصى تكمن في شرعنة صلاة اليهود بقرار محمي قانونيًا يمنحهم الحق في اقتحام المسجد الأقصى وقتما يُريدون, وهى خطوة إسرائيلية متقدمة لفرض السيادة الكامل على باحات الأقصى تنفيذًا لسياسة التقسيم الزماني في باحاته, وأن القرار عدواني تجاه الأقصى ولكافة المسلمين في العالم لا سيما وأنه قرارٌ باطل وصادر عن محكمة ليست صاحبة اختصاص, وتحذير الشيخ عكرمة صبري يحمل دلالات واضحة عن نوايا "إسرائيل" ببدء تنفيذ مخطط التقسيم والهيمنة على الأقصى, وفرض واقع جديد, وشرعنة خطوات الاحتلال ياداء الطقوس التلمودية داخل باحات المسجد الأقصى, تحت حماية قرار المحكمة الصهيونية الغير مختصة بالنظر في هكذا قضايا, لكن الاحتلال الصهيوني ذاهب الى التصعيد والمواجهة, لأنه لا يريد ان يقوض مشروعه في القدس, ويقضي على أحلام اليمينيين الصهاينة الذين باتوا يتحكمون في المشهد الصهيوني برمته, فما تقدم عليه حكومة بينت مغامرة تتطلب المواجهة من شعبنا.

الاحتلال الصهيوني يتجرأ على مثل هذه الخطوات التصعيدية في هذه المرحلة من المواجهة مع الفلسطينيين، وفي اعقاب معركة سيف القدس البطولية، وبعد ان لمس تحولا في أداء المقاومة على الأرض وتطور سلاحها وصواريخها وقدراتها بشكل سريع، لأنه يعتمد على عوامل أخرى داخلية وخارجية تزيد من اطماعه منها.

أولا: ضعف السلطة الفلسطينية في مواجهة إجراءات الاحتلال المتصاعدة في القدس والمسجد الأقصى، ولهاثها خلف "إسرائيل" للجلوس على طاولة الحوار فقط لاكسابها نوعا من الشرعية، وقبولها بتحول القضية الفلسطينية من قضية سياسية الى مجرد قضية إنسانية كي تحافظ السلطة على وجودها.

ثانيا: الصمت العربي والإسلامي على المستوى الرسمي والشعبي والذي شجع "إسرائيل" على المضي بمخططاتها العدوانية تجاه القدس والاقصى, فملك الأردن صاحب الوصاية الهاشمية على الأقصى لا يملك من القوة ما يمكن ان يواجه به "إسرائيل" التي يقيم معها علاقات رسمية, وكذلك ملك المغرب الذي يرأس لجنة القدس يقدم كل ولاءات السمع والطاعة لإسرائيل ويسابق الإسرائيليين في التطبيع والتحالف والتعاون المشترك ولا يجد أي غضاضة فيما يتعرض له المسجد الأقصى من انتهاكات على يد الصهاينة المجرمين فالوصاية على الأقصى والتي ترتبط بالأسرة الهاشمية, ورئاسة لجنة القدس التي ترتبط بالملكية المغربية ما هي الا مواقع شرفية فقط وليس اكثر, اما الدفاع عن الأقصى والقدس فهى تقع على عاتق شعبنا بفصائله المختلفة.

ثالثا: التواطؤ الأمريكي والدولي الفاجر في كل ما ترتكبه إسرائيل من انتهاكات بحق المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس والخليل وبيت لحم ونابلس وغيرها من الأماكن، فالمجتمع الدولي يغض الطرف عن ممارسات الاحتلال، وامريكا تعطي الضوء الأخضر "لإسرائيل" لتنفيذ مخططاتها واطماعها، وهذا التواطؤ هو الذي يشجع "إسرائيل" على المضي بمخطط السيطرة على الأقصى وإقامة الهيكل المزعوم على انقاضه.

يجب ان يعلم كل المسلمين في شتى بقاع الأرض ان المواقف الرسمية العربية والإسلامية لن تقف في وجه الاحتلال ولن تتصدى لأطماعه العدوانية تجاه القدس والاقصى، وان من سيأخذ على عاتقه مهمة الدفاع عن الأقصى هم الشعوب العربية والإسلامية واحرار العالم الذين يقفون مع مظلومية الشعوب المستضعفة، لذلك فان ما يحدث في الأقصى لا يحتاج الى امة صامتة، بل يحتاج الى امة ثائرة تدافع عن حقوقها ومقدساتها، فالقدس ملك لكل المسلمين وعلى عاتقهم تقع مهمة الدفاع عنه، والمعركة القادمة مع الاحتلال الصهيوني للدفاع عن الأقصى تتطلب وحدة الموقف الشعبي, والتضامن الفاعل مع ثورة الفلسطينيين في الدفاع عن القدس والاقصى, فهل ستستجيب الامة وتلبي نداء الواجب, ام ستبقى في دائرة الصمت محاصرة بخوفها وجبنها وتخاذلها, ان التاريخ لا يرحم, وثقتنا في امتنا انها تقف عند الملمات لتنصر دينها ومقدساتها والصلاة الصامتة تحتاج الى امة متيقظة قادرة على الدفاع عن مصيرها ووجودها وحضارتها, فهل تكون الامة قادرة على حمل الأمانة؟!.