14 عاماً من إدارة حماس لقطاع غزة بقلم د. ناصر الغلبان
تاريخ النشر : 2021-09-27
14 عاماً من إدارة حماس لقطاع غزة

بقلم: د. ناصر الغلبان
 
يرصد هذا المقال التحليلي نتاج إدارة حماس لقطاع غزة مدة 14 عاماً، فاليوم وبعد مرور 14 عاماً على حكم حماس، تزداد الحاجة لتقييم تلك المرحلة، ومقارنة الشعارات التي رفعتها حماس في وجه السلطة في حملتها الانتخابية عام 2006م، وهل أوفت بما وعدت؟ وهل جلبت الازدهار والتنمية للقطاع؟؟

عاش قطاع غزة وأهله العديد من التحديات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وتجسدت التحديات بتزايد معدلات الفقر والبطالة وتردي الأوضاع المعيشية، التي أثرت سلباً في استقرار الأفراد والأسر، فقطاع غزة يحتوي على أكثر من مليوني فلسطيني، يعانون أوضاعاً معيشيةً متردية للغاية، فالقطاع يعيش واقع لا يتناسب مع عدالة القضية ولا مع حجم التضحيات التي قدمها أبناؤه، فهو يمر بظروف اقتصادية واجتماعية صعبة بسبب إغلاق عدد كبير من مؤسسات القطاع الخاص وتسريح مئات العاملين بسب حاله الركود الاقتصادي الناتج عن فرض حماس كمية كبيرة من الضرائب التي أثقلت كاهل المواطنين، إلى جانب نقص في تمويل المشاريع الدولية ووقف معظم المساعدات.
وتشير معظم التقارير الصادرة من داخل القطاع انه وبعد تفرد حماس بإدارة القطاع واستمرار تردي الأوضاع الاقتصادية؛ أصبحت شرائح اجتماعية عديدة تحت خط الفقر، وظهرت حالة من الحراك الاجتماعي الشاذ الذي افرز شرائح اجتماعية عليا (أثرياء) بجانب شريحة من العمال المُعدَمِين (الفقراء).
إن تزايد ارتفاع نسب البطالة بين الشباب أدى إلى ظهور أمراض اجتماعية مثل السرقة، وانتشار المخدرات بكل أنواعها، والجرائم التي تمثلت في الانحراف الأخلاقي والاجتماعي والأمني، وسعى عدد كبير من خيرة شبابنا للهجرة إلى الخارج هرباً من هذا الواقع المُزرِ، كما انتشرت ظاهرة الانتحار وتكررت بين الحين والآخر، وأوضحت الجهات المختصة الازدياد الملحوظ في حالات الانتحار، وقد سجلت محاولات الانتحار نسباً عالية في قطاع غزة، وتعزو هذه الجهات ما افرزه الواقع الاجتماعي والاقتصادي وارتفاع نسب الفقر والبطالة؛ التي تشكل الأسباب الرئيسية لظاهرة الانتحار في القطاع.
 
إن حركة حماس وحكومتها قد وقعت في محظور ممارسات البذخ، من شراء المنازل، والأراضي، والعقارات، والسيارات، والمرافقين، إلى جانب ما يتقنوه من أساليب الخطابة واللغة الإنشائية وعبارات الصمود والممانعة والمقاومة.

وهنا أقدم تساؤلاً يدور بخاطر السواد الأعظم من الشعب الفلسطيني: هل هذا النجاح الذي كان ينتظره الشعب الفلسطيني (الذي انتخب حماس) ؟؟ هناك فرق كبير بين نجاح حزب مسلح في الوصول إلى السلطة وبقاؤه فيها مدة 14 عاماً، وبين نجاحه في تحقيق أهداف الشعب ومصالحه، ومحافظته على تحقيق شعاراته الانتخابية، وتامين حياه كريمة تليق به.

إن استمرار الانقسام السياسي واستمرار تفرد حماس بحكم قطاع غزة؛ أدى إلى تراجع مكانة القضية الفلسطينية، وتشويه صورة النضال الفلسطيني، وتراجع الديمقراطية في المجتمع الفلسطيني، وغياب مبدأ تداول السلطة، فحماس بسياستها المرفوضة دولياً وفرت الذرائع لإسرائيل لمواصلة فرضها الحصار الخانق على قطاع غزة.

وعلى الجانب الآخر لم نعد نشاهد مظاهر الرعب داخل المجتمع الإسرائيلي كما في الأعوام 1994- 2004م، حيث كان حجم الخسائر كبيراً داخل المجتمع الإسرائيلي، فشكلت العمليات الاستشهادية في العمق وسيلة أكثر إيلاماً لإسرائيل، فقد كانت تشكل نوعاً من توازن الرعب والردع، وأدت إلى انخفاض نسبة الهجرة إلى إسرائيل، وازدياد نسب الهجرة المعاكسة.

ما أود قوله هنا أن الشعب الفلسطيني عامةً، والشعب الفلسطيني في قطاع غزة خاصةً؛ يألم ويتعذب ويُضحي ويصبِر ويصابر ويكابد الأمرين، وجزء منه بالكاد يحصل على قوت يومه وجزء لا يستطيع ذلك، بدون أي ثمن أو مردود لا على مستوى القضية ولا على مستوى الجغرافيا، فقطاع غزة لم يزد سنتيمتراً واحداً في مساحته، بل حصل تراجعاً كبيراً في كل النواحي عن فترة ما قبل حكم حماس.

يمكن القول بان استمرار سيطرة حماس على القطاع يعتبر نهاية المشروع الوطني الفلسطيني، ونهاية مشروع السلام الفلسطيني المبني على الشرعية الدولية، كما أن مشروع المقاومة الذي تتبناه حماس قد وصل إلى طريق مسدود، وكأن كل ما تريده حماس هو السلطة وبقاء قطاع غزة تحت إدارتها، أما قضية تحرير فلسطين وإقامة دولة فلسطينية على كامل تراب فلسطين التاريخية، فهي أمور مؤجلة إلى أن يشاء الله، لان حركة حماس آل أمرُها إلى سلطة محاصرة في قطاع غزة؛ تسعى إلى إقامة هدنة طويلة الأمد مع إسرائيل.

خلاصة القول: يجب وضع حد للانقسام، ووضع إستراتيجية وحدة وطنية، ويجب الاتفاق على ثوابت وأسس مشروع وطني تَحَرُرِي، يفاوض دون أن يُسقط الحق بالمقاومة، ويقاوم دون أن يُسقط خيار التسوية السلمية وتحقيق السلام العادل.