مِن قتل الابن والابنة إلى قتل الأخت والزوجة
تاريخ النشر : 2021-09-24
مِن قتل الابن والابنة إلى قتل الأخت والزوجة
سميرة الخطيب


مِن قتل الابن والابنة  إلى قتل الأخت والزوجة - لا سائل ولا مسؤول

بقلم: سميرة الخطيب 

إن حدة الأحداث السياسية حولنا وأهميتها وسرعة تواصلها وانفعالنا معها قد تضع غشاوة على عيوننا ولا نرى حدة الأحداث الاجتماعية المحلية الخطيرة التي تظهر هنا وهناك وهي ، في نظري ، لا تقل أهمية عن الأحداث السياسية .

فمجتمعنا الذي ليس فقط يتجه إلى العنف بأشكاله المختلفة في التعامل الاجتماعي بل ، وهذه الأخطر ، أصبح يتقبل هذا العنف ويتغاضى عنه ويعتبره " أمراً عادياً "  مقارنة بعنف الأحداث السياسية .

ومن قتل الطفل بالضرب المبرح على يد أبيه إلى ضرب الطلاب الجامعيين لأنهم يرتدون الكوفية الفلسطينية  في جامعة الأزهر في غزة ، إلى مقتل أكثر من مئة من عرب الداخل سنوياً  بجرائم أطلاق الرصاص وعصابات الإجرام ، إلى  قتل النساء بدعوى شرف العائلة وإلى عمليات الضرب ومحاولات القتل التي لا نسمع عنها – كل هذا هو اتجاه خطير ، والتغاضي عنه هو أمر أخطر .

الطفل الذي قتله ابوه ضرباً قبل أيام في قطاع غزة  بقصد " تربيته "  هو ليس الأول ولن يكون الأخير . وهناك العديد من الأطفال الذين تم قتلهم بهذه الطريقة  خلال السنين الماضية ومعظمهم من قطاع غزة .

هذا القتل ، أو بالأحرى تكراره  وعدم توقفه ،  يثير أسئلة كثيرة حول عدم وجود  عملية  لردعه أو منعه من قبل السلطات المختصة  كالجهاز القضائي وجهاز الشرطة ووزارة التنمية  الاجتماعية  ومختلف المؤسسات والجمعيات التي تدعي تبنيها للموضوع . هناك من يصف ضرب الإبن أو الإبنة ، وحتى ضرب الزوجة ،   بأنه شأن عائلي وطريقة للتربية ، و" كل واحد حر "  كيف يربي بيته !

 وهناك من يسعى للتغطية على مثل هذه الأمور ، إذا حدثت ، بحجة " بلاش فضايح " و " محدا دخله " وبلزمش حدا يعرف . والهدف طبعاً عدم المس بالمعتدي ، خاصة وأنه ذكر فحل  ..

وعندما يصل الأمر للشرطة فهناك أولاً محاولة لإقناع من اشتكى أن يسحب شكواه  حرصاً على سمعة البيت والعائلة ولتهدئة الأمور و" المسامح كريم " و"إن شاء الله بصير خير " . حتى الشرطة تحاول الإقناع بعدم تقديم الشكوى . وإذا كان هناك إصرار على تقديم الشكوى فيوجد بعد ذلك تمييع في التحقيق ومده لفترة زمنية طويلة حتى يتلف الملف على الرف أو يعلوه الغبار  . وحتى إذا وصل الأمر للمحكمة فإن القاضي يحاول " إصلاح ذات البين " والاكتفاء ب" تعهد " من المعتدي أن لا يكرر الاعتداء . وخلصنا .  ما من رادع وما من معاقِب . فما الغريب في استمرار واستفحال هذه الظاهرة التي تؤدي إلى الموت أحياناً ؟

لا أريد أن أناقش هنا اتهامات المسؤولين  واقتراحات الحلول التي حفي لساني وألسنة  إخوتي الصحفيين ونحن نناقشها ، لأننا زهقنا من التلفونات التي تلي المقالة من هنا وهناك للعتب على " المس " بهذا أو ذاك لشعوره أن الانتقاد موجه له ، وطبعاً من يتصل هو من " على رأسه ريشة " ! 

 وما قلناه بشأن ضرب الأبناء والزوجات ينطبق على  قتل البنت على يد أخيها أو إخوتها أو أبيها أو جميعهم في مؤامرة واحدة ، والذي  يحدث كثيراً من آن لآخر ، وهنا ليست الضفة الغربية بأفضل من قطاع غزة في هذا المضمار ، وليس الداخل الفلسطيني أفضل حالاً .

في الداخل الفسطيني ، الذي يخضع للقانون الاسرائيلي والشرطة والقضاء الاسرائيليين ، يختلف الوضع من هذه الناحية . فهناك من الواضح أن ما يجري هو بتغذية من السلطة الاسرائيلية ، وليس مهماً في هذه الحال إن كانت السلطة الاسرئيلية قد خططت مسبقاً لهذا الحال أو أنها قامت بتغذيته وغض الطرف عنه لاستفحاله  وانتشاره ، عله يقضي على ما تبقى من فلسطينيين على أرض قلب فلسطين .

ولم لا ؟ فلا سائل ولا مسؤول عند العرب !

 وبدل السائل والمسؤول هناك المطبع والمذلول .