وإن جنحوا للسلم فاجنح لها بقلم عبد القادر حسونة
تاريخ النشر : 2021-09-12
وإن جنحوا للسلم فاجنح لها           بقلم عبد القادر حسونة
عبد القادر حسونة


وإن جنحوا للسلم فاجنح لها

بقلم: عبد القادر حسونة

انتهت الحرب الأخيرة على غزة ووضعت أوزارها، ولكن حزن الفلسطينيين في غزة لم ينته ليس فقط على من ذهبوا في هذه الحرب أو على الجرحى أو على المنازل المدمرة، بل وأيضاً على الحالة المعيشية المزرية التي وصل إليها سكان القطاع.

أغلقت إسرائيل المعبر التجاري بعد الحرب لعدة أشهر، وتسبب هذا بغلاء فادح بأسعار المواد المعيشية وتوقف العديد من الصناعات، ولكن قبل وقت قصير أعلنت إسرائيل أنها ستفتح المعابر التجارية في حال استمر الهدوء من غزة، وأيضاً سمحت للتجار للسفر وممارسة عملهم.

ولكن هذه التسهيلات على ما يبدو ستكون في مهب الريح نظراً لتهديدات حركة حماس في غزة، بالعودة إلى الإرباك الليلي على الحدود، وبذلك سيهدد باندلاع مواجهات جديدة لن تزيد الطين الا بلة، خاصة وأن الأوضاع الاجتماعية لمواطني القطاع لا يمكنها تحمل المزيد على كافة الأصعدة، ولكن حماس لا تأبه بذلك إذ تلوح في كل تصريح عبر ناطقيها الرسميين أنها جاهزة لأي تصعيد تفرضه الظروف.

وما نريد أن نقوله في هذا المقام، أنه لا بد لحركة حماس أن تمنح الفرصة لسكان القطاع من التعافي مما تسببت به الحرب، وأن تحافظ على مكتسبات الهدنة وإن كانت لا تصب في مصلحتها لحفظ ماء وجه المواطنين ولكي لا تترك الفرصة لانفجار غضب اجتماعي في القطاع خاصة وأن الأحوال الاقتصادية وتأخر المساعدات القطرية وعدم مباشرة ملف الإعمار وتفشي كورونا، فهذه المواضيع لا يخدمها.

وبحكم أن حركة حماس هي التي تسيطر على قطاع غزة، وبالتالي فهي المسؤولة عن توفير حياة كريمة لكل مواطن، وهي المسؤولة عن توفير فرص عمل للشباب وتوفير الأمن والأمان، لذلك فعليها العمل في اتجاه هدنة كفيلة بالتنفيس على حال مواطني القطاع لا العكس.

الفرصة مواتية حيث أن الحكومة المصرية مشكورة والتي هي اليوم تساهم في إعمار قطاع غزة، تبذل جهوداً حثيثة من أجل الوصول إلى اتفاق وقف لإطلاق النار طويل الأمد، وفي حال تم هذا الاتفاق فسيعمل على إنعاش الاقتصاد المنهار في قطاع غزة وبالتالي سيحل مشاكل عديدة موجودة بالقطاع ومن أهمها الفقر، لذلك فمن الحكمة الاستجابة إلى الجهود المصرية كوسيط جيد، لمحاولة الوصول إلى هدنة، وأن لا تعمل حماس عكس ذلك، من خلال الفعاليات التي يتم تنظيمها على الحدود ومن خلال فعاليات الإرباك الليلي.

الواقع المعيشي لسكان غزة لا يسمح لهم بالمطلق بخوض حروب أو تصعيدات عسكرية أخرى، لذلك فمن الحكمة النظر في مصلحة المواطنين والعمل على توفير حياة كريمة لهم، لتخفف الضغط على الغزيين وتعيد الأمور إلى نصابها الطبيعي دون أن يتأذى أي طرف، ولنا أن ننظر في قوله تعالى " وإن جنحوا للسلم فاجنح لها".

فهذا مطلب شعبي اليوم في وقت تزداد الحياة صعوبة وبشكل مستمر، لذلك يجب وضع مصلحة المواطنين ضمن الرؤية الاستراتيجية، لصون حقوقهم والمحافظة على كرامتهم.