سد النهضة.. قضية شعب بقلم جمال المتولي جمعة
تاريخ النشر : 2021-07-15
سد النهضة .. قضية شعب

بقلم: جمال المتولي جمعة

توالت الأحداث في الفترة الأخيرة في بحث قضية سد النهضة مع توترات بالغة التعقيد وضعتها الحكومة الإثيوبية عاقت التوصل إلى اتفاق يرضي كافة الأطراف.. الأمر الذي حدا بمجلس الأمن الدولي نتيجة عدم الاتفاق على قرار ملزم، إلي التوصية بضرورة إعادة المفاوضات تحت رعاية الاتحاد الأفريقي.

وقد ازدادت الأزمة تصعيدا بعد إبداء اثيوبيا نواياها الشريرة ورغبتها فى الملء الثانى لسد النهضة في انتهاك سافر للقوانين والاعراف الدولية التى تحكم المشروعات المقامة على الاحواض المشتركة.

فالانهار الدولية بما فيها نهر النيل الذى تنظم استغلال موارده اتفاقيات ومواثيق تلزم دولة المنبع وهي اثيوبيا باحترام حقوق دولتي المصب وهما السودان ومصر في حقوق الانتفاع من المصادر المائية وتمنع الاضرار بها.وهذه القواعد ملزمة قانونا بمعنى أنها ليست اختيارية، ويجب على الدول الالتزام بها.

أهدرت القيادة الإثيوبية الحالية أية علاقات تاريخية ربطت بين شعوب الدول الثلاث على مر الأزمان، وعلى مسار هذا التعنت، أقامت إثيوبيا 13 سدا حتى الان على النيل الازرق والذى يشكل مياهه 80% من مجموع مياه النيل العظيم وهدد رئيس وزرائها ابى أحمد بإقامة 100 سد اخرى فى السنوت المقبلة.

وهذا يكشف سوء نية اثيوبيا وتعاملها مع نهر النيل وغيره من الانهار الدولية كأنها انهار داخلية تخضع لسيادتها ومسخرة لخدمة مصالحها فقط، ولقد جاء الأخطار الأثيوبي بالملء الثاني لسد النهضة ليبين للعالم وضع إثيوبيا كدولة لا تحترم التزاماتها والتي وردت في المواثيق الدولية.
 
وعلى العكس من الموقف الأثيوبي، تعاملت مصر بشرف وأخلاق ومباديء الجيرة والروابط الأفريقية..الا ان الصبر على التعنت الأثيوبي والذي استمر نحو 10 سنوات حتى الآن .. قد آن الأوان أن يصل إلى نهايته خصوصا عند النظر بعين الاعتبار إلى ان الحفاظ على الموارد المائية هي قضية مصيرية.

ووفقا لإحصاءات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء، يبلغ اجمالى الاراضى الزراعية فى مصر 8,687,427، ويعمل بالقطاع الزراعى 5 ملايين 509 الاف مشتغل.

وفى اسوأ السيناريوهات سيفقد قرابة 4 ملايين و750 الف مشتغل بالزراعة مصدر دخلهم وهى نسبة تصل الى حوالى ثلاثة ارباع العاملين بالقطاع مما يؤدى الى ارتفاع معدل البطالة.

وتستهلك الزراعة 90% من حصة مصر من مياه النيل ويسهم القطاع الزراعى بحوالى 11% من الناتج المحلى الاجمالى كما يستوعب القطاع اكثر من 25% من اجمالى القوى العاملة فى مصر وفق تصريح وزير الزراعة المصرى امام لجنة الزراعة والرى بمجلس الشيوخ فى شهر يونيه الماضى.

وعلى ضوء التواترات المتسارعة والتصعيد المتواصل من الجانب الأثيوبي للأزمة، وبعد قرار مجلس الامن الذي لم يكن على مستوى الفاعلية المنشودة لحل الأزمة، فان الوضع قد زاد تعقيدا.. وقد تحلت القيادة السياسية بالحكمة بدرجة عالية جذبت احترام العقلاء في المجتمع الدولي طوال الاعوام الماضية.

ان الخيار العسكرى هو الأفضل الأن للحفاظ على أمننا المائى المشروع لان مرور المخطط الأثيوبى بهذا الشكل سيسجل سابقة خطيرة على مصر واجيالها القادمة.