بقلم: نواف الحاج علي
التعايش يعني ان ينعم الناس بعيش كريم ، في امن وسلام وعداله ، وعكسه التهاوش اي الفتن والفوضى والاقتتال، اذن لا بد ان يتقبل الناس بعضهم بعضا ، هذا ينطبق على الأفراد والمجتمعات والامم ، ( يا ايها الناس انا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا - ان اكرمكم عند الله اتقاكم – ان الله عليم خبير ) ؟؟ ليس هناك فرد يشبه الاخر، ولا مجتمع يشبه مجتمعا آخر، لان الاختلاف من سنن الله عز وجل ، والاختلاف والتنوع يولدان التطور العمراني والثقافي والاجتماعي : ( ومن آياته خلق السماوات والارض واختلاف السنتكم والوانكم ان في ذلك لآيات للعالمين) – واختلاف الالسن يعنى اختلاف الفكر والثقافة والمعتقد – واخلاف الالوان من جملة ما يعنيه هو اختلاف الطباع والسلوك والصفات - والتعايش بسلام يؤدي للتعاون ، فان الانفتاح على العالم يؤدي الى زيادة المعرفه، ونقل النظريات العلميه ، والتعرف على ثقافات الشعوب ، ويؤدي الى التبادل الاقتصادي والصناعي والمعرفي –
ليس بالضرورة ان يكون التعايش والتعاون مبنيا على المحبه ، بل يجب ان يكون لكل انسان معتقده الذي يلاقي به ربه ، فنحن كمسلمين بحاجة الى اعادة تأهيل ومراجعه بعض من الموروثات التي ترفض الآخر، مع عدم المساس بالاساسيات الدينيه والعقائديه، ( ما معنى ان التقيت بشخص من غيرك دينك ان تضطره ليمشي عند الجدار ذليلا !!! ) ، ولكي يستطيع الانسان ان يقيم سلاما مع الاخر، لا بد اولا ان يقيم سلاما مع خالقه اولا ثم مع نفسه وضميره ، فالسلام ينبع من الداخل.
حين اسس الرسول عليه السلام دولة في المدينه ، لم يمليها على السكان املاء، بل استمزج الآراء المختلفه، وجعلها وطنا لجميع فئات المجتمع من مسلمين وغير مسلمين – وجعل السلام فيها قضية جميع السكان، وعليهم جميعا الدفاع عن سلامتها ، اذن اعتبر ان المواطنه هي الحل ، ولكي تتحقق المواطنه الفاعله لا بد من تكامل المواقف بتشكيل منظومه واحده متكامله تربويه سياسيه اداريه اقتصاديه – لا بد من قانون واحد يحكم ابناء الدولة الواحده - فسيادة القانون العادل هي التي تقوم عليها المواطنه الصالحه ، وهي التي تحفز الانتاج والابداع والتقدم --- ان التمييز بيت افراد المجتمع ووضع بعض الموروثات مثل المحسوبيه والطبقيه والطائفيه والحزبيه والعشائريه، بديلا عن قانون الدولة ، انما ينمي الاحقاد والعداوات ويؤدي للتهاوش والتخلف.
إن المواطنة الصالحة تعني ان كل ابناء الوطن الواحد لهم نفس الحقوق وعليهم نفس الواجبات بصرف النظر عن المعتقد الديني او الحزبي او الطائفي ، ولكي تصلح احوال مجتمعاتنا يجب احترام الرأي الاخر مهما بلغت الاختلافات ، يجب ان يسود منطق الحوار العقلاني وليس فرض الرأي والتعصب ، ان شعار " من ليس معنا فهو ضدنا " انما هو شعار هدام يؤدي للفتن والاقتتال والحروب والدمار --- اما موضوع الارهاب الذي يجعل البعض يلجأ للقوة لفرض معتقده أو رأيه او اجندته انما يؤدي لهدم المجتمعات بعيدا عن العدل والسلم والطمأنينه ---
اما العلاقات بين الامم فيجب ان يسودها العدل والحريه ، ان حقوق الانسان يجب ان تطبق على جميع الدول دون تمييز، ان اسئثار الدول الكبرى بالقرار والهيمنه على الدول الضعيفه انما يخلق حالة من الظلم والاجحاف والفوضى ، نحن لا نستطيع تغيير سلوك الدول الاخرى، ولكننا نستطيع تغيير انفسنا من خلال وحدة مواقفنا والتنسيق فيما بيننا، مع اشاعة ثقافة المحبة والتسامح بين مجتمعاتنا، ثم نتقدم نحو التكامل الاقتصادي والثقافي والمعرفي لنصل في النهاية الى الوحده التي تفسح لنا مكانا واسعا بين الامم المتقدمة –
إن الشعوب الأوروبية رغم ما مرت به من حروب وخلافات ، ورغم اختلاف اللغة والتاريخ الا انها وجدت ان من مصلحتها الوحده، كي تجد لها موقعا متقدما بين القوى العظمى --- ونحن امة واحدة لها لغة واحدة وتاريخ واحد وقيم واحدة ومستقبل واحد، فلم لا نحذو حذو الأمم الاوروبية ؟؟ في ظني لو تخلت انظمتنا عن الأنانية وحب التسلط وجمع الثروات والتمسك بالكراسي لوصلنا بسهولة الى ما نصبو اليه.
على ان السلام بين الامم والتسامح لا يعني ان تسكت امتنا عن احتلال اراضيها ومقدساتها من عدو لا يفهم الا لغة القوة ؟؟ وما التطبيع مع العدو ال- ص- ه – ي – و- ن - ي الا هو شكل من اشكال التركيع والاذلال والهوان ؟؟ على الامه ان تنهض كي تستعيد حقوقها المغتصبة وكرامتها وعزتها ، ولا يتم ذلك الا بالتخطيط السليم ولم شمل الامه في عيش كريم ومحبة ، بعيدا عن التناوش والتهاوش.