هل تغير الإدارة الأمريكية من درجة عدائها للشعب الفلسطيني؟
تاريخ النشر : 2021-07-08
هل تغير الإدارة الأمريكية من درجة عدائها للشعب الفلسطيني؟

بقلم: د. عبد الرحيم جاموس
 
لماذا الإدارات الأمريكية المتعاقبة تعادي حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة في وطنه؟، الثابتة غير القابلة للتصرف والتي يقرها القانون والشرعية الدولية، والتي تجد المناصرة والتأييد من جميع دول العالم تقريبا، ومن معظم الشعب الأمريكي الذي بات يدرك ويعرف خطأ إداراته التاريخي في معاداتها للشعب الفلسطيني وانحيازها السافر دائما لصالح المستعمرة الإسرائيلية وسياساتها التوسعية العنصرية ..؟!
 
سؤال قد يبدو ساذجاً للوهلة الأولى، لكن أرى من الضروري طرحه، والطلب من الإدارة الأمريكية الحالية ومن الأمة الأمريكية تقديم الجواب عليه، بعد كل هذا الإنكشاف للعدوانية الصهيونية، وأن لا نتسرع ونقدم أجوبتنا الجاهزة على هذا السؤال، والمستندة لمنظومتنا الثقافية والعقدية والتاريخية، نريد أن يأتينا الجواب من الإدارة الأمريكية نفسها ومن رئيسها الرئيس جو بايدن حاليا، ومن نخب المجتمع والشعب الأمريكي مباشرة، الذي يمارس هذا العداء بإسمه من قبل إداراته ومؤسساته، علينا أن نترك المهمة لهم في البحث عن جواب مقنع لمبررات تلك المواقف العدوانية تجاه الشعب الفلسطيني وتطلعاته الوطنية المشروعة في وطنه ..!

يوجد على سطح الكرة الأرضية مائة واربعة وتسعون دولة، وماذا يضير العالم والولايات المتحدة تحديداً أن يصبح عدد دول العالم (195) دولة ؟!
 
لماذا تتنكر الولايات المتحدة لأن يكون للشعب الفلسطيني دولته شأنه شأن كل شعوب الأرض التي أسست دول وأصبحت عضوة في الأمم المتحدة ؟!

هل ستشكل الدولة الفلسطينية الوليدة خطراً على الأمة الأمريكية ومصالحها فعلاً ؟!
 
إني أشك في ذلك، لأن دولة صغيرة مثل دولة فلسطين إن ولدت ليس بإمكانها أن تشكل أي خطر على دولة كبرى مثل الولايات المتحدة، لا ثقافياً ولا إقتصادياً ولا أمنياً ولا أي شكل من أشكال الخطر الذي يبرر للإدارة الأمريكية ومؤسساتها هذه العدائية السافرة، وأن يدفعها لإحتضان مشروع إستعماري مثل (الكيان الصهيوني) مناهض لكافة القيم الإنسانية المعاصرة، وفي مقدمتها القيم التي تنادي بها الأمة الأمريكية ودستورها وإداراتها المتعاقبة وخصوصا منها مبدأ حق تقرير المصير واحترام مبادىء حقوق الإنسان ..!

سوف نستمر في طرح هذا السؤال، لأن معاداة الولايات المتحدة للشعب الفلسطيني وتطلعاته في الحرية والإستقلال لا مبرر لها وهي التي تمنح الصراع العربي الفلسطيني الإسرائيلي الديمومة والإستمرار، ولأنها توفر شبكة الأمان للكيان الغاصب لإستمرار عدوانه، والحيلولة دون اخضاعه للقانون وللشرعية الدولية، ما من شأنه أن يهدد الأمن والإستقرار في منطقة الشرق الأوسط، ويغذي الإرهاب في المنطقة.

الإدارات الأمريكية لا تتعلم من تجاربها ومن اخطائها، التي كلفت أمريكا وشعوب العالم ملايين الضحايا، كما كلفت أمريكا مليارات الدولارات وفي نهاية تلك الصراعات، كانت الغلبة للحقائق التاريخية والإجتماعية وللقانون وللشرعية الدولية، وللشعوب المعتدى عليها، والتجارب القديمة والحديثة تؤكد على ذلك من الهند الصينية في الفيتنام والكوريتين وكمبوديا وجنوب أفريقيا وأمريكا اللاتينية، إلى الشرق الأوسط التي تورطت فيه الولايات المتحدة في حروب دامية مباشرة وغير مباشرة منذ النصف الثاني من القرن العشرين وإلى الآن.

لقد انتصرت فيتنام وكمبوديا وانتصرت الحقائق التاريخية والإجتماعية والثقافية لتلك الشعوب على العدوانية الأمريكية، التي أزهقت فيها ملايين الأرواح من تلك الشعوب وألحقت الدمار والخراب فيها، هل تسعى الولايات المتحدة أن تستمر في معاداة الشعب الفلسطيني من خلال إستمرار إنحيازها ضد تطلعاته، والإصطفاف والتبني الكامل للمشروع الصهيوني واستمرار عدوانه على الشعب الفلسطيني، إلى أن يسقط ملايين الضحايا من الأبرياء، ويعم الخراب والدمار المنطقة برمتها، حتى تصل إلى النتيجة الحتمية أن لا مبرر وجيه لمعاداتها للشعب الفلسطيني، وأن مواقفها وسياساتها التي تتخذها وتمارسها وتعبر عنها خاطئة ولا فائدة منها تعود على الولايات المتحدة وشعبها، وأن الأضرار التي قد تلحق بأمريكا ومصالحها وبقية دول العالم ومصالحه جراء هذه المواقف، أكثر من أية عوائد قد تعود على الولايات المتحدة جراء تلك السياسات والمواقف العدائية من الشعب الفلسطيني وتطلعاته المشروعة؟!.

إن تجارب الشعوب وتاريخ الصراعات ما بينها وبين القوى الإستعمارية عبر التاريخ تعطي إجابة واحدة وهي حتمية الإنتصار على المستعمر وعلى المحتل، وزواله وإنقشاعه ...
كما تمكنت كافة الشعوب التي ناضلت من أجل الحرية والإستقلال من إنتزاع حريتها وإستقلالها من الجزائر إلى فيتنام ولاوس وجنوب إفريقيا إلى غيرها من الشعوب التي خاضت حروب التحرر الوطني وبأشكال وأساليب مختلفة، سوف يتمكن الشعب الفلسطيني من الإنتصار على خصومه وفي مقدمتهم الولايات المتحدة الأمريكية العاجزة عن تفسير سبب هذه العدوانية للشعب الفلسطيني، والإنحيازية المطلقة للمشروع الصهيوني الإستعماري، كما عبرت عنها (صفقة القرن) والمواقف والقرارات التي إتخذتها الإدارة الأمريكية السابقة الهوجاء برئاسة دونالد ترامب إزاء الشعب الفلسطيني وقضيته.

السؤال اليوم موجه للإدارة الحالية برئاسة الرئيس جو بايدن، فهل يستطيع تغيير أو تخفيف درجة العداء الأمريكي للشعب الفلسطيني ..؟
 
وبالتالي اعلان التراجع والتخلي عن مشروع صفقة القرن التي أقرها سلفه الرئيس ترامب؟
والتي واجهها الفشل الذريع لإنحيازها السافر للكيان الصهيوني، والمجافية للقانون وللشرعية الدولية وبسبب الرفض والمقاومة الفلسطينية والعربية لها، وكذلك الرفض والمعارضة الدولية الوازنة لها، والتي تبلورت في مواقف مختلف الدول المهمة من دول العالم وفي مقدمتها الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن وبقية المجموعات الدولية المختلفة، التي تؤكد جميعها على اعتماد مبدأ حل الدولتين ورفض ما تضمنته صفقة القرن من اجحاف بالحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني، وتؤكد على ضرورة تنفيذ قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية كأساس ومرجعية شرعية لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي .... هذه المواقف لم يجرِ التعبير عنها عبثا ... وإنما ترسل رسالة واضحة وقوية للعدو الصهيوني وللادارة الأمريكية أن تعدل من مواقفها وأن تكون أكثر حيادية وأقل انحيازا في مواقفها وتعاطيها مع الصراع الفلسطيني وأكثر انسجاما مع الرؤية الدولية والقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية، وإلا فإن الإدارة الأمريكية أيضا ستبقى عاجزة عن الوصول بالصراع العربي الإسرائيلي إلى تسوية دائمة ومقبولة وتواصل عزل نفسها عن لعب دور مركزي في عملية السلام.

إن استقبال الرئيس جو بايدن وإدارته للعاهل الأردني الملك عبدالله ابن الحسين المنتظر خلال أيام، يشكل فرصة مهمة للإستماع للموقف الأردني والفلسطيني والعربي على السواء من عملية السلام، فالكرة ستكون بعدها في مرمى السياسة الأمريكية لإتخاذ الموقف المنسجم مع الرؤيا الدولية والعربية والفلسطينية والعمل على فتح آفاق جديدة وعملية أمام الجهود المختلفة من أجل إقرار تسوية مقبولة للصراع، يبنى على اساسها تنفيذ مشروع حل الدولتين، والذي سبق أن أعلن الرئيس جو بايدن أنه يسانده ...!
وللحديث بقية..