صوت الزامور بقلم زينب محمد سليمان
تاريخ النشر : 2021-06-05


بقلم : زينب محمد سليمان محمد

استيقظتُ على صوت المؤذن يؤذن لأذان الفجر أيقظتُ أولادي للصلاة وبعدها بدأتُ بتجهيز الفطور لأولادي ليأكلوا قبل ذهابهم إلى مدرستهم.

تناولنا فطورنا وخرج ابني إلى مدرسته بعد أن قبلته ودعوتُ له وجاءت ابنتي فاطمة فرحة تقول لي سألقي خاطرة اليوم في الإذاعة المدرسية عن فلسطين ...فصمتُّ ودمعت عينيّ ، فجاءت ابنتي الي وقالت لي : لماذا تبكين يا امي

قلت لها : انها قصة طويلة يا حبيبتي ، قالت لي : أرويها لي يا أمي
 
قلت لها عندما كنت صغيرة والعب مع اخي الصغير في حديقة منزلنا سمعتُ حينها صوت إطلاق نار ذهبتُ اركض مع اخي فإذا بابي مدد على الأرض والدماء تذرف منه كعينين ضعيفتين كدتُ اموت من الصدمة حضنتُ اخي وحملته وصرتُ أبحث عن أمي بحثت في كل المنزل ولم أجدها لم يكن أمامي خيار الا الهروب من حرب لا ترحم أودت بمدينتي خراباً.

كانت هناك سفينة تحمل الناس وتنقذهم لتوصلهم الى الاردن خرجت معهم لاذهب إلى منزل خالي الذي وجدته يستقبلني وياخذني إلى منزله مع اخي، هناك بدأت رحلة حياة قاسية مع زوجة خالي التي كانت تقسو علينا ولا تعطي الطعام لأخي الصغير ، والذي كان ينام كل يوم وهو يبكي ويقول: أريد امي
في صباح يوم استيقظت على صراخ زوجة خالي وهي تضرب بأخي دون سبب او حتى تبرير.

ثم خرجتْ من المنزل وهي تهدد وتصرخ وقتها قلتُ لأخي لا تخف يا حبيبي ان الله معنا ،
 
ثم أخذته وخرجنا من المنزل لنبدأ رحلة البحث عن أمي لعلني أجدها، صرنا نسير في الشوارع ونسأل كل من نجده عن أمي ونريه صورتها ثم قال لي اخي اريد طعاماً وماءً قلت له أريد أن اشتري لك طعاما من مال احتفظت به بجعبتي
 
اشتريت له ورجعت لأعطيه الطعام والماء
 
سربٌ من الناس يجتمعون ..مالذي يحصل؟ لماذا يتجمعون؟ أين اخي ؟ ...صرخت..احمد ..اين انت ؟ ويقطع صرختي مشهداً لم يكن في الحسبان ..أحمد ملقًى على الأرض ..اقتربت منه ملئت دماؤه ثيابي
دنا مني شيخ كبير وقال لي : دهست السيارة اخوك
بكيت حتى جف مدمعي وليته يجف حقا ..وبعد أن ودعته ووضعته تحت التراب اكملت المسير بحثاً عن أمي..
تساقطت زخات المطر بقوة وليتها تسقي حرقة قلبي التي لا تطفؤ وأين السقيا؟
قلبي الجريح يقف وسط الشارع ينظر بدون رؤية..، عينيه تلمح شيئا كالمستحيل..هل هو سراب ام حقيقة ..امي أمامي تنظر إلي وأنظر إليها...زخات المطر في تزايد ..دقات قلبي في تزايد أسرع..، وفجأة...يعتلي صوتها الحنون صوت المطر : حنااااااااان ...
زامور شاحنة قوية يغطي على صوتها وضجيج المطر ..، بدماءٍ تغمر المطر ..اقتربت منها..أمسكت بها وكانت هذه المسكة الأخيرة
مازلتُ محدقة بصوت الزامور..تنده الي ابنتي تُيقظني من كابوس لم أستطع الاستيقاظ منه حتى الآن، تقول لي : لقد جاءت حافلة المدرسة الم تسمعي الزامور!؟
تركض الى مدرستها وتتركني محدقة بين هذه الكوابيس .