قراءة سياسية في العدوان الإسرائيلي على غزة بقلم أ.د خالد محمد صافي
تاريخ النشر : 2021-05-12
قراءة سياسية في العدوان الإسرائيلي على غزة

بقلم: أ.د خالد محمد صافي

ما تقوم به قوة العنجهية والعنصرية هو تدمير ممنهج للبنى التحتية المدنية في عدوان موجه بشكل رئيس لتدمير الذات الفلسطينية الصامدة من خلال حرب نفسية، وضرب بنية الذات الجمعية الفلسطينية في محاولة لتفتت عضد هذه الذات ولحمتها الوطنية نحو ذات مريضة أنانية تبحث عن الخلاص الفردي. ومن هنا تمعن العنصرية وآلة الحرب الصهيونية في ضرب الأبراج السكنية وتدمير واجهتها وبناها التحتية كما حدث ويحدث في تل الهوى وشارع الصناعة قرب برج السوسي. هي محاولات تكبيد الشعب الفلسطيني خسائر فادحة في تجمعاته السكنية للنيل من إرادته، وفق خطط رئيس الأركان الأسرائيلة حول الحرب الخاطفة، أي ضرب كثيف في وقت أقل.
 
خطة سيكون مصيرها الفشل كما فشلت سابقاتها، حيث تبدأ ألة الحرب الصهيونية من حيث انتهت في عدوان 2014م من خلال ضرب الأبراج السكنية للضغط على المقاومة. لن تنجح خطط العدوان في مواجهة شعب يعشق الشهادة كما يعشق الحياة. يبذل روحه رخيصة من أجل مقدساته وأركان عقيدته. وحيدا وسط الميدان بكل عنفوان وكبرياء في زمن الخنوع والخضوع والمذلة العربية الرسمية التي تأبى إلا العيش في وحل التطبيع والخيانة.

إن ما يربك الجانب الصهيوني هو دخول المقاومة في غزة على خط إرباك خطط العدو في القدس، فالخطط الصهيونية تسعى لإكمال برنامجها التهويدي بصمت عربي وخنوع فلسطيني رسمي، ولكن دخول المقاومة على خط الربط بين تهدئة الحدود الجنوبية ليس بحد ذاتها فقط بل بأي إجراءات صهيونية في القدس شكل استراتيجية جديدة للمقاومة، دفعها بعيدا عن التقوقع الذاتي في الحدود الجنوبية، وأوضاع غزة الإنسانية وحصارها، فأدخل المقاومة في صلب مشروعها الوطني وقضيتها ككل، ومن ثم إعادة البوصلة مرة أخرى القدس مركز القضية الفلسطينية. 

لقد حاولت سلطات الاحتلال في السنوات السابقة صرف الأنظار عن عملية التهويد في القدس والاستيطان في الضفة الغربية بعدوانات مستمرة على غزة، ومحاولة حصر غزة في ظروفها الإنسانية وحدودها المحاصرة، ولكن المقاومة الأن تربك الاستراتيجية الصهيونية لتجعل غزة تقود المشروع الوطني ككل، وتمسك بزمام القضية بعد محاولات شرائها بحقائب قطرية بطلب من المخابرات الصهيونية.
 
ما يحدث هو إعادة تدوير لنظرية الدور، وقيادة غزة للمشروع الوطني ككل، وإعادة ترتيب الاستراتيجية الوطنية في تجاوز التقسيم الجغرافي. وكون اسرائيل تدرك ذلك من هنا تصب جام غضبها على غزة في محاولة لأفشال هذه الاستراتيجية، وإعادة غزة إلى محورها الجغرافي والتقوقع حول واقعها المعيشي الصعب.