المرأة قوة وضمان استقرار الوطن بقلم د. عادل عامر
تاريخ النشر : 2021-05-04
المرأة قوة وضمان استقرار الوطن     بقلم د. عادل عامر
د. عادل عامر


المرأة قوة وضمان استقرار الوطن

بقلم: د. عادل عامر

المرأة ما زالت مخلصة في نواياها وقولها ورؤيتها مقارنة بما وصل اليه الرجال (بشكل نسبي وعام بعيدا عن الخصوصيات).. فهي لا تضع مصلحة حزبية او طائفية او قبلية أو مذهبية أمام مستقبلها. أسرتها هي البداية والنهاية.. أبناؤها وأهلها... كما القطة التي تبحث عن أي مكان آمن تنقل له صغارها كلما ازعجها المحيط في مكان الهدوء والاستقرار وضمان امان محيطها الاسري والعائلي هو غايتها الأولى. المرأة حين تتصدى لما يجري من مهاترات وصراعات تقلق وطنها وتزعزع استقراره، إلى انها (اي المرأة) هي من ستعاني من تداعيات اي صراع او عدم استقرار في بلدها وموطنها، فهو محق بذلك.

الرجال دائما ما ينشغلون في الصراع بكل أشكاله، كما نشاهد على شاشات التلفزيون ووسائل التواصل في كل الدول التي تشتعل بها الحروب بين طرف وآخر، سعيا وراء سيطرة مذهب او طائفة او فكر.. بعون وإمداد لا متناهٍ وبكل الوسائل المتاحة مادية وعينية.. من محيط قريب او بعيد لجهات يسيل لعابها لرؤية المزيد والمزيد من العبث والدمار والحريق والقتل في اوطان الاستقرار.

نعم، المرأة هي من تضع أسرتها وأهلها نصب عينيها.. تخاف عليهم بكل جوارحها، تفكر بهم اليوم وغدا وبعد غد. الأم تحمل همّ ابنائها في كل ثانية تعيشها، وتسأل نفسها كيف سيحيون ويعيشون غدا وبعد غد.. ليس الأبناء فقط بل الاحفاد.

المرأة هي من تلملم اطراف اي مشكلة تقع بالاسرة لاي سبب كان.. وهي ايضا من تحاول سد اي ثغرة تصيب أسرتها.. اي ثغرة تدخل من خلالها رياح التشتت والتشرذم والجوع والمرض اذا ما غاب الرجل ليبحث عمن تسبب في هذه الثغرة.

الام هي من تصرخ بوجه من يهدد كيان اسرتها وبيتها بكل ما اوتيت من قوة.. ولا تتوانى لحظة في الانقضاض عليه لتتحول من قطة وديعة لا تكاد تسمع صوتها الى وحش لا ترى ملامحه ولا تميز زئيره.

نعم.. المرأة لها  دور مهم جدا وأساسي في كبح جماح من يسعى إلى زعزعة امن وطننا وكيان مجتمعنا.. كلمتنا يجب ان تكون قوية تُزلزل من دون نفاق او استجداء عطف او رضا لَيّن.. كلمتنا (قولا وكتابة) يجب ان تكون الجرس المدوي الذي يقرع ليعلن لحظة الصمت والتفكير والكف عن اللعب بالنار.

نعم.. المرأة عندها  الجرأة والقوة في قول كلمة الحق امام كائن من كان.. حتى لا يدمر وطننا ولا يهد سقف بيتنا.. ويتشتت أبناؤنا ويضيع احفادنا.

المرأة لا تدافع عن طائفة او قبيلة او مذهب او فكر.. هي لا تدافع سوى عن استقرار وطن يكفل العيش الهانئ والمريح لاسرتها واهلها وهذا لا يتوافر سوى في وطن مستقر.

مهمتها ان تكسر يد او تحرق اطراف من يحاول زعزعة هدوء مملكتها الصغيرة وهي الاسرة، والاكبر وهو الوطن.

المرأة حين تقول كلمتها في قضايا وطنها لا تعمل حساب من سيرضى او يزعل.. من سيحاسبها اذا زل لسانها بكلمة لا تعجبه او لا يرضى عنها هذا او ذاك.. لان امن وطنها هو الاول والاخير.

القطة الضعيفة والهزيلة ما ان تلد اطفالها وهي في عز هزالها.. تكشف عن انيابها ويتحول مُواؤها الضعيف الى رعد مدو امام من يقترب من صغارها.. وتستمر في نقلهم وحدها.. اكرر وحدها من مكان إلى آخر بحثا عن مكان آمن ومستقر وهادئ.

المرأة قوة.. قوة لضمان استقرار وطنها واستمراره من خلال قول الحق ولا شيء غير الحق.. وبتجرد كامل وتام عن اي مصالح اخرى قد تشغل رجل الديوانية او الجمعية او النادي او التجمعات هنا وهناك.

طوال السنوات العشرين الماضية، أحرزت المرأة تقدمًا ملحوظًا  في مجال تحقيق السلام والتنمية، إذ تقلدت المناصب السياسية، وشاركت في صنع السياسات والأنشطة المتنوعة في المجتمع المدني. تنشط النساء أيضاً في جهود صنع السلام المحلية، ويتضح ذلك من مساهمتهن الفعالة في إنشاء المنظمات غير الحكومية والمؤسسات المجتمعية، وتعزيز دور التعليم في نشر ثقافة السلام، والدعوة إلى التعددية والاندماج في مؤسسات الدولة بغض النظر عن الجنس أو العرق أو اللون أو الانتماء الطائفي.

فالمرأة تشارك الرجل في التكاليف المنوطة بكل واحد منهما، إلاَّ أنه قد خفف عنها الشرع فأعفاها من بعض التكاليف التي يكلف بها الرجل مراعاة لخلقتها، وقدراتها، فلم يفرض عليها الجهاد ولا الكسب للنفقة على الزوج والأولاد.. إلى غير ذلك مما اختص به الرجال.

إن من يجب أن يكون له نشاط في هذا المجال ( مجال شؤون المرأة ) هن نساء مجتمعنا ، و إذا كان هناك قصور في المرأة المسلمة في المجتمع الإسلامي ، سواء كان في إيران او بعض الدول الإسلامية ،

فباعتقادي أن جزءاً منه يرجع إلى النساء أنفسهن ، و الجزء الآخر يكون بسبب الرجال ؛ لأن من يجب عليه أن يعرف حقوق المرأة في الإسلام و أن يدافع عنها ، هي المرأة بالدرجة الأولى . يجب على النساء أن يعرفن ماذا يقول الله تعالى في القرآن الكريم عن المرأة ، و ماذا يريد منها ، و يجب أيضاً أن يعرفن من الذي يحدّد مسؤولية المرأة حتى تستطيع أن تدافع عن حقها بما يقوله الإسلام و في إطار الإسلام ؛

 و إذا كانت المرأة بعيدة عن هذه الأمور ، فسوف تسمح لفاقدي القيم الإنسانية أن يمارسوا الظلم لها ، كما نلاحظ في المجتمع الغربي الخاضع للأنظمة المادية ، بالرغم من كل هذه الشعارات المرفوعة لمصلحة المرأة . حيث نجد أن أكثر الظلم الذي يقع على المرأة في هذه المجتمع هو من قبل الرجال ، فنجد ظلم الأب لابنته و الأخ لأخته و الزوج لزوجته ، و نجد حسب الإحصائيات و الأرقام الموجودة على المستوى العالمي ، أن نسبة كبيرة من الظلم للمرأة و التعدي عليها يمارس من قبل رجال هذه المجتمعات الغربية .

إذا تحلّ القيم المعنوية مكانها الطبيعي ، و إذا لم تكن هي السائدة في نظام من الأنظمة ، فسوف تخلو القلوب من القوة المعنوية الإلهية ، و سيجد الرجال طريقة لظلم المرأة مستعيناً بقدرته الجسمانية المادية . إن الرادع الحقيقي لممارسة الظلم يتمثل في الله و الإيمان و القانون ، و أيضاً في معرفة المرأة لحقها الإنساني و الإلهي و الدفاع عنه و سعيها لتحقيقه بكل معنى الكلمة إن الإسلام قد عيّن حدّاً وسطاً في مسالة حقوق المرأة خالياً من الإفراط و التفريط ، حيث لم يعط للمرأة حق ممارسة الظلم . و في نفس الوقت لم يغض النظر عن الطبيعة الحاكمة التي تميّز الرجل عن المرأة ، إن الصراط المستقيم و القويم هو الصراط الإسلامي الذي حدّده الإسلام ، و نحن نشير إليه بصورة مختصرة .

إن النظرية الإسلامية في استقلالية المرأة اقتصادياً قد سبقت العالم ، إذ صرّح الإسلام بهذه المسألة قبل ثلاثة عشر قرناً ، أما في أوربا فلم يصرح بهذه المسألة إلّا قبل أربعين أو خمسين سنة ، حتى إن بعض الدول لم تعط للمرأة استقلالها الاقتصادي إلّا قبل سنين قليلة ، حيث سمح للمرأة و أُعطيت حق التصرف بأموالها ؛ لذا نقول إن الإسلام قد سبق غيره في هذه المسائل .