إلى ساسة لبنان.. ارفعوا أيديكم عن لبنان فإنه يحتضر بقلم مجدي الرشق
تاريخ النشر : 2021-05-04
إلى ساسة لبنان.. ارفعوا أيديكم عن لبنان فإنه يحتضر

بقلم: مجدي الرشق

لبنان الثقافة لبنان الفن لبنان العروبة لبنان الحضارة والتاريخ، هذا البلد الذي يمر هذه الأيام بمرحلة ربما هي الأصعب في تاريخه المعاصر، فشعبه يعاني الأمرَين ويئن من كثرة المصائب التي نزلت على رأسه، فكما يقال ضربتين على الرأس توجع فكيف إن كانت ضربات كثيرة موجعة ومتتالية، وهذا دفع الشعب للخروج إلى الشوارع محاولاً أن يوصل صوته لساسة لبنان ومسؤوليه، فبدأت المظاهرات والوقفات الاحتجاجية تعم كافة أرجاء لبنان، وحدثت مناوشات عنيفة بين المحتجين والمتظاهرين من جهة وبين قوات الأمن والجيش من جهة أخرى في عديد من المدن اللبنانية، فالشعب يصرخ من الألم لكن ساسة لبنان ومسؤوليه أذن من طين وأذن من عجين لا يسمعون ولا يفقهون قولاً، وكأن الصرخات تأتي من بلدٍ أخر لا من أبناء وطنهم، ومن يدري ربما يريدون أن يصطدم الشعب والجيش وهم جالسون يتفرجون "ربما".

جائحة كورونا أضرت بلبنان كثيراً، لكن كارثة انفجار مرفأ بيروت كانت بمثابة القشة التي قسمت ظهر البعير، وأدخلت لبنان في منعطفٍ خطيرٍ لا نعلم إن كان أو متى سيخرج منه، فالاقتصاد ينهار يوماً بعد يوم، والعملة منهارة، وأرقام المديونية والفقر والبطالة وصلت لحدودٍ غير مسبوقة ومرشحة للارتفاع، فما يخرج من الدولار أكثر مما يدخل، سواء عبر التهريب أو غيره، وتم نهب أموال المودعين في البنوك، فقد بات لبنان مهدداً بمغادرة النظام المالي العالمي، وهذا سيجعل من لبنان دولة فاشلة حسب الأعراف الدولية، الملفت هنا أن الكثير من المحللين اللبنانيين وغير اللبنانيين أقروا بأن هذه الأفعال هي من صنع ساسة لبنان ومسؤوليه، ففساد هؤلاء استشري لدرجة اعتراف رئيس الوزراء المستقيل حسن دياب بأن الفساد متجذر في كل مفاصل الدولة، وأنه أكبر من الدولة، أضف إلى ذلك الأوضاع المعيشية الكارثية والمتردية التي يعيشها الشعب اللبناني، فالمواد المدعومة من الدولة لم تسلم وهُربت للخارج، حتى بات المواطن اللبناني يقف في صفوف طويلة لكي يحصل على أبسط البسيط من حاجياته من المحال التجارية، وتم رفع سعر الخبز بشكل كبير حتى تزيد البلاوي بلاوي، وكل ذلك ولم يحرك أي من الساسة والمسؤولين اللبنانيين ساكناً لفعل شيء، فهناك خوف كبير من عدم مقدرة الحكومة على دفع رواتب الموظفين وخاصة رواتب الجيش والأمن، وهذه ورطة كبيرة للحكومة اللبنانية، فقد اعترف وزير الداخلية الذي قال إن القوى الأمنية منهكة وفعاليتها لا تتجاوز 50 في المئة، فالبعض يقول أن لبنان على حافة السقوط في الهاوية، أما أنا فأقول أن لبنان سقط بالفعل، ولكن ننتظر لنرى إلى أي مدى وأي عمق سيستمر السقوط، فالظروف التي يمر بها لبنان ربما لم تمر بها دول فيها حروب.

لكن بعد كل هذا نتساءل، أين هم ساسة لبنان ومسؤوليه عن ما يجري؟

هل على الأقل حاولوا فعل شيء لوطنهم وشعبهم في هذه الظروف الصعبة؟

ألم بعد هؤلاء الساسة والمسؤولين يكترثون لأمر وطنهم إن انهار وسقط؟

أأصبحت عقولهم مقفلة وقلوبهم كالحجارة ؟

الم يعودوا يكترثون لشعب فقد أي أملٍ فيهم؟ ألا يرقبون في شعبهم إلا ولا ذمة؟

ساسة لبنان ومسؤوليه حالهم كحال من يعيش على كوكب أخر وزمن أخر، فلا هم لهم إلا مناصبهم وكراسيهم وسلطتهم، فيأبى أي منهم تحمل أي مسؤولية نتيجة الإدارة الفاشلة للبنان ولكل الملفات الهامة خاصة الاقتصادية والمعيشية منها وهي ما يهم الشعب بالمقام الأول، وإن وجدنا أحداً منهم يبكي على لبنان فهذه الدموع بلا شك دموع التماسيح، ويتم عرقلة أية مساعٍ داخلية وخارجية سياسية واقتصادية لتحسين ظروف وأوضاع البلد، فها هو رئيس الوزراء المكلف سعد الجريري يطل علينا يريد تشكيل وتفصيل حكومة على مقاسه، تلاه رئيس الجمهورية يضع الشروط المعطلة والمعرقلة لتشكيل هذه الحكومة ويطالب (بالثلث المعطل ب6 وزراء)، فهذا هو همهم، أي المناصب يستلمون وعلى أي الكراسي يجلسون وما هي السلطة التي سيملكون، وخلف كل هذه المناكفات والمهاترات هناك وطنً يحتضر وشعبً يضيع.

الشعب ما عاد يحتمل وجود هؤلاء فحتى رأيتهم أو رأيت صورهم أصبح أمراً مستفزاً، والشعب يريد رحيلهم جميعاً، بل أن رحيلهم أصبح ضرورة، وقد رفع الشعب في وجههم شعار (كلن يعني كلن)، كيف لا وقد وصل الحال بهذا الشعب أن طلب عودة الاستعمار الفرنسي للبنان أو عودة السوريين للسيطرة على لبنان من جديد، فالشعب وجد أن المستعمر أرحم من الساسة والمسؤولين أبناء وطنهم وجلدتهم.