ما الذي يدور في عقل الدولة؟ بقلم عريب الرنتاوي
تاريخ النشر : 2021-04-18
ما الذي يدور في عقل الدولة؟  

بقلم: عريب الرنتاوي

يجتاحني فضول لمعرفة ما الذي يدور في عقل الدولة الأردنية، بعد الزلزال الذي ضربنا، وكاد يستنفذ تدرجات "ريختر" ومقياسه...ثمة صمت مطبق يلف مؤسسات الدولة ودوائر صنع القرار، فهل هو هدوء ما قبل عاصفة الإجراءات والسياسات والتغييرات الجديدة، أم أننا عُدنا إلى يومياتنا الرتيبة، وكأن شيئاً لم يكن، أو لكأن ما حصل في الأسبوعين الأخيرين، ليس سوى "فاصل قصير"، نواصل من بعده، ما كنا نفعله من قبله؟!

فضول يولّده القلق ويحفزه، وليس من صنف الترف أو الفانتازيا، فلا يهمني من يخرج أو يبقى في مؤسسات الحكم والحكومة، ولم أسجل يوماً اتصالاً للتهنئة والتبريك بأي منهم، دع عنك الزيارات وطوابير الانتظار، للظهور بين يدي "من تزهوا بهم المناصب"، فضول تغذيه التغطيات المؤذية والتقارير الطافحة، بكل ما يبعث على التحسب، ودائماً من أرقى صحف العالم وأكثرها تأثيراً، أو من مراكز بحث مرموقة ومنظمات دولية وازنة...الوضع في الأردن، ليس بخير.

ما الذي تبحثه الحكومة هذه الأيام، وما الذي يدور في أروقة صنع القرار، وهل لاذ "القوم" إلى أنفسهم، بحثاً عن أجوبة على أسئلة اللحظة الراهنة الحارقة، تقييماً للأداء واستخلاصاً للدروس والعبر، والأهم، لرسم ملامح خريطة طرق للخروج من الاستعصاء، وتبديد القلق والاحتقان، وتدارك ما يمكن تداركه؟

هل ثمة “صفة استعجال"، تضغط على صناع القرار، للبحث في ملابسات الأزمة الأخيرة، وذيولها وتداعياتها، وما الذي أبقته من الفرضيات والمسلمات المؤسسة لاستقرارنا السياسي وأمننا الوطني؟ ...أشعر أحياناً، أن "خللاً بنيوياً" قد أصابني، إذ يهيئ إليّ، أنني وحدي، من يستشعر "الاستثناء" في لحظتنا الراهنة، وأن الأمر برمته، لا يستحق كل هذه المبالغة والتطير.

وأبدأ نهاري بتصفح الجرائد، بحثاً عمّا يمكنه إرشادي لمعرفة الكيفية التي ستتعامل بها الدولة، حكما وحكومة، مع المرحلة المستجدة، وفي ذهني واحد من سيناريوين متطرفين: الأول؛ مفرط في تشاؤمه، كأن أقرأ على سبيل المثال: إن وزارة الشؤون السياسية والبرلمانية، قد رفعت لمجلس الوزراء تعديلات مقترحة على قانون الأحزاب و"نظامه المالي"، أو أن تشرع رئاسة مجلس النواب، في توجيه رقاع الدعوة لحوار وطني بشأن قانون الانتخاب، والحق أنني أسعد حين لا أجد أخباراً من هذا النوع، ويظل الأمل يحدوني برجحان كفة السيناريو الثاني.

أما السيناريو الثاني؛ فهو خطة انقاذية شاملة، تبدأ بتشكيل حكومة انقاذ مؤقتة، ترعى حواراً وطنياً ملزماً، وتنتهي بحل مجلس النواب وإجراء انتخابات مبكرة، بقانون جديد، صديق للأحزاب والنساء والشباب، تنبثق عنه حكومة برلمانية عتيدة، فضلاً عن سيلٍ من إجراءات العقاب والثواب، لكل من انخرط في إدارة الأزمة الأخيرة، وأقول ثواب وعقاب، إذ لا يعقل أن شعار "كلن يعني كلن"، لبناني المنشأ، يمكن أن يكون صحيحاً في حالتنا الأردنية.

لا أحد يتحدث إلى الأردنيين، عمّا ستفعله الدولة وما الذي يتعين عليها فعله...بعد "المؤتمر الصحفي إياه"، ورسالة الطمأنة الملكية، والجلسة المغلقة لرئيس الحكومة مع مجلس الأمة بغرفتيه، ما زلنا أسرى للإشاعات والتكهنات، مع أنه ما من يوم يمر، من دون أن تُمطرنا الصحافة الدولية (والإسرائيلية) بوابل من الأخبار والتحليلات التي تذهب في كل اتجاه.

ما الذي يدور خلف الأبواب المغلقة، وهل ثمة أبواب مغلقة، غير تلك الموصدة في وجه رياح التغيير وتبادل الأفكار والحوار الوطني الجامع حتى الآن؟، وهل من دخان أبيض يمكن أن يتصاعد من مداخنها، ومتى، وبم يؤذن، وإلام يؤشر؟، أسئلة وتساؤلات تطرق ذهني منذ أيام، وليعذرني من يعتقد أنني أحمّل المسألة أكثر مما تحتمل.