في يوم الأسير من لأسيراتنا وأسرانا بقلم عصام بكر
تاريخ النشر : 2021-04-18
في يوم الأسير من لأسيراتنا وأسرانا    بقلم عصام بكر


في يوم الاسير من لاسيراتنا واسرانا !!

بقلم: عصام بكر

تحل ذكرى يوم الاسير هذا العام في ظروف جديدة مختلفة، واكثر تعقيدا عن الاعوام السابقة زاخرة بالمستجدات الداخلية على اكثر من صعيد من بينها واحدى اهمها الاوضاع في السجون، والمعتقلات التي يعيش الاسرى فيها ظروفا تتفاقم بشكل يومي وممنهج رافعة من المعاناة بكل اشكالها ازدادت مع انتشار فيروس كورونا، وتفشي المرض في صفوف الاسرى، ولكن اسشتهاد اربعة اسرى العام الماضي 2020 وستة اسرى العام 2019 رفع عدد الشهداء الاسرى الى 226 شهيدا من الاسرى منذ العام 1967 وبات مؤشرا واضحا يدق ناقوس خطر جدي ازاء الوضع الكارثي للاسيرات، والاسرى الى جانب تعرضهم لسياسة الموت البطيء التي تنتهجها ادارات السجون بحقهم بالمقابل على الجانب الاخر الداخلي تجري التحضيرات لاجراء الانتخابات التشريعية باعتبارها المرحلة الاولى التي من المقرر ان يتبعها الانتخابات الرئاسية، والمجلس الوطني، وما تحدثه من حراك داخلي حرك المياه الراكدة في مشهد يعج بالكثير في ظل انقسام سياسي، وجغرافي يضرب المجتمع الفلسطيني هذه الانتخابات تبقي على الاسرى كقضية حاضرة ايضا من عدة زوايا منها الترشيحات من بين الاسرى او الاسرى المحررين او ما يتعلق بقضية الاسرى ليس فقط على مستوى القوائم، وانما ما قد تشمله، وتحظى به الدعاية الانتخابية من افكار او برامج تتعلق بقضية الاسرى، ومدى المكانة التي تحتلها قضية الاسرى لدى شعبهم، وهم الذين ضحوا بحياتهم، وسني عمرهم من اجل ان يحيا الوطن حرا كريما تصان كرامته وانسانيته .

يأتي السابع عشر من نيسان هذا العام ايضا يغيب عنه الاسير الاول محمود بكر حجازي الذي فارقنا قبل ايام وهو من دشن هذا اليوم باعتباره يوم الاسير الحريص على احياء المناسبة، والمشاركة في فعالياتها المختفلة حتى في الاعوام الاخيرة، وهو يعاني المرض ظل محافظا على الحضور، وايقاد شعلة الذكرى في بيت اسير او في احدى الساحات، ظل كنجم يتحدث عن اول عملية تبادل للثورة الفلسطينية المعاصرة عن الاعتقال، والاسر، والتحرير اسير لاسير باشراف الصليب الاحمر الدولي لترتبط الذكرى في كل عام بهذه اليوم، وتشكل علامة ذات دلالة كبيرة لتسليط الضوء على واقع الاسرى والاسيرات، وتذكير العالم، والضمير الانساني بواقع الاسرى وتجنيد الدعم الدولي لهم، ونقل صورة ما يتعرضون له للعالم اجمع ليرى بشاعة الاحتلال، وممارساته وجرائمه بحق الشعب الفلسطيني، وهو يطالب المجتمع الدولي منذ عقود باحقاق الحق، والتدخل لوقف المعاناة لعل المناشدات، والنداءات تلقي يوما اذانا صاغية تفضي لمعالجة جدية ليس فقط بوقف الاجراءات الاحتلالية المخالفة للقانون الدولي، والمواثيق الدولية، وانما ايضا بالعمل من اجل انفاذ القانون، ومحاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم، ووقف سياسة الكيل بمكيالين، وازدواجية المعايير عندما يتعلق الامر بالحالة الفلسطينية .

هذا العام بدلا من ان يحمل بشرى التحرير فان الواقع القاسي يستمر فهناك اسرى شارفوا على دخول العام ال 40 في السجون نائل البرغوثي، وكريم يونس، وقائمة من الاسماء لما يعرف باسرى ما قبل اوسلو وعددهم 26 اسيرا  منهم 25 اسيرا امضوا 33عاما اضافة الى 63 اسيرا امضوا اكثر من 20 عاما 543 اسيرا محكومين مدى الحياة، واذا ما تحدثنا بلغة الارقام ايضا فهناك حسب الاحصاءات 70 اسيرا من الداخل المحتل، 36 اسيرة، 140 طفلا 440 معتقلا اداريا، من نواب التشريعي 10  بينما يوجد 300 اسير من القدس و250 اسيرا من قطاع غزة من بين حوالي 4450 اسيرا هم اجمالي عدد الاسرى، والعدد قابل للتغيير هؤلاء بطبيعة الحال ليسوا ارقاما او شرائح، وتقسيمات فالاسرى المرضى وعددهم يزيد عن 700 اسير من بينهم العشرات الذين يحتاجون للعلاج الطبي تفاقمت اوضاعهم الاعتقالية بعد انتشار فيروس كورونا فالاسيرات، والاسرى هم حالات نضالية متقدمة، وهم ايضا ضحايا الاحتلال يحتاجون منا كل الدعم والاسناد كي تبقى قضيتهم حاضرة بوصفها قضية الضمير وعمق الانتماء .

كل اسير هو معاناة، وقصة تعج بالتفاصيل الانسانية سواء بالتعذيب او اساءة المعاملة او البعد عن الاهل والقهر اليومي، ومنع الزيارة او العقوبات التي تفرضها ادارات السجون سواء في النقل او ما يعرف بنظام "البوسطة" او العزل الانفرادي او الضغوطات النفسية جراء المعاملة القاسية التي يتعرضون لها قصة الاسير منصور الشحاتيت التي شاهدها العالم اجمع قبل ايام ما هي الا احد الامثلة، والنماذج الحية لما يجري من فقدان ابسط القيم الانسانية التي يتواصل تنفيذها باصرار، وبقرار سياسي من اعلى مناطق صنع القرار السياسي في دولة الاحتلال لالحاق الاذى النفسي، والمعنوي، والجسدي بالاسير، وسلبه انسانيته تدريجيا، ضمن محاولات تحويله لعبء او قصة معاناة بينما سطرت السجون، وكانت وما زالت قلاع متقدمة للعمل النضالي، والوحدوي مثل الاسرى طوالها طليعة متقدمة، وجامعات لصقل شخصية المناضل، وتعبئته في مواجهة السجان والاحتلال  .

اليوم الصورة اختلفت للاسف الاسير هو الاسير الا ان المعاناة تزداد هناك عناصر تغيرت، واثرت سلبا اهمها وحدة الحركة الاسيرة نفسها لم تعد كما كانت انعكاسا لعدم الوحدة في الخارج لمكونات النظام السياسي حيث امتد الانقسام للسجون التي تغيرت مثل غيرها من الساحات، وهي لا تختلف كثيرا عن واقع الحال خارج جدران الاعتقال للاسف ايضا، وتدل التجربة السابقة انه دوما عندما تكون الحركة الاسيرة  قوية فانها تستطيع ايضا استعادة شخصيتها، وارادتها القوية الموحدة وبالتالي تحقيق الكثير من الاختراقات، وليس ادل على ذلك من الاضرابات الفردية خلال السنوات الماضية التي رغم الملاحظات الكثيرة عليها الا انها حققت انجازات عديدة لا سيما تقصير مدة الاعتقال الاداري او الوصول لتسويات تلبي الحد الادنى من تحسين شروط الحياة الاعتقالية، وانتزاع بعض المطالب الحياتية رغم ان الهدف الاساس يجب ان يبقى حرية الاسرى جميعا، وهم الذين راهنوا على امكانية التحرر من السجن في اطار تسوية سياسية للقضية الفلسطينية لكن سرعان ما خابت الظنون بفعل احتدام الصراع فما لم يتحقق في زمن "السلام" ربما لن يتحقق في زمن ارتفاع منسوب الصراع الى احدى اخطر، واشد حلقاته صعوبة كون الاسرى نتيجة للصراع، وليسوا سببا فيه فطالما هناك احتلال سيبقى هناك نضال واعتقال، وهذا طبيعي لاي شعب يناضل من اجل حريته، وبدلا من الحرية اصبح النضال المطلبي هو العنوان من اجل تخفيف القيود، وادخال تحسينات طفيفة هنا وهناك الى الطعام، والزيارة، والاجهزة الكهربائية، والعلاج الطبي اي العودة الى ما تحقق بفعل الامعاء الخاوية للحركة الاسيرة ابان سنوات الثمانينات من القرن الماضي بعد فترة صعبة اعقبت سنوات الاحتلال الاولى اواخر الستينات حيث استمدت الحركة الاسيرة شرعية وجودها بالدماء والعذاب .

بينما نحتفي بيوم الاسير، ونحيه هذا العام في ظل اجراءات الحظر الصحي، والتقليل من التجمعات الا ان هناك اشكال ابداعية عبر وسائط، ومنصات التواصل المختلفة، والحملات، والموجات الاذاعية المفتوحة، والاستخدام الواسع للاعلام بمختلف اشكاله فقضية الاسرى هي قضية جامعة للشعب الفلسطيني في اماكن تواجده مهما كانت التباينات واسعة، وهي ليست قضية خلافية هذا يعني تجنيد كل الامكانات لاوسع اسناد شعبي، وسياسي، وقانوني خصوصا البعد الدولي من الجاليات، والسفارات، والممثليات في الخارج، وفي برلمانات العالم، ومع استمرار حالة الترقب للبدء بتحقيق دولي من قبل المحكمة الجنائية الدولية علينا العمل بتكامل الجهد محليا اقليميا، ودوليا من اجل فضح جرائم الاحتلال من جهة، وللمطالبة بتوفير الحماية للاسرى من جهة اخرى، وتوفير العلاج الطبي لهم وفق القانون الدولي، والمواثيق الدولية لكن اولا وقبل كل شي تبقى حريتهم هي الاساس، والمطالبة باطلاق سراحهم هو العنوان الاهم، والعمل على ذلك دون تأجيل حتى ينالوا حريتهم، ويتمتعوا بضم الاحبة، والاهل تحت شمس الدولة المستقلة ذات السيادة فان لم نكن مع اسرانا، ولاسرانا فمن يكون  لهم؟