قصص ناجحة بقلم زينب لعظم
تاريخ النشر : 2021-03-14
قصص ناجحة

بقلم: زينب لعظم

"قصص ناجحة"، جملة قصيرة لكنها ذات معاني كبيرة... قالها السيد الرشيد منتصر (مسير المشاريع بمؤسسة الطلس الكبير) قبل نهاية زيارتنا لتعاونيتين هذا اليوم، الزيارة التي تعتبر جزءا من تتبع الأنشطة المندرجة ضمن برنامج (من فلاح إلى فلاح).
 
إذا ما كنت تسعى لفهم واكتشاف قصص نساء التعاونيات المغربيات، فأعدد لنفسك للإبحار على سفينة قوية متينة تجول بك ذلك العالم الفريد... في خضم هذه الرحلة، ستجد نفسك قد أصبحت شخصية من بين شخصيات هذه القصة قبل أن تدرك ذلك، أو ربما تتفاعل مع كل كلمة تحدثك بها تلك النساء بل وقد تجد نفسك تبكي فرحا لبكاء إحداهن جراء ما حققته من نجاح، وتأخذك الحروف والتراكيب والأساليب، لتلك الأزمنة التي حدثت فيها الوقائع...
 

قصة النجاح الأولى: نساء صامدات، تحت لواء شعبة غمات
 

تسرد لنا السيدة (عائشة بلكرن) قصة تعاونية شعبة غمات قائلة: " إن نقطة انطلاقتنا لم تكن عن خبرة أو عن علم أو حتى عن سبق تخطيط، وإنما كانت وليدة مجلس نسوي محض تتخلله أحاديثنا اليومية الروتينية، إلا أن رغبتنا في تحقيق شيء ما، حتى ولو لم يتجل لنا حينها، كانت هي الدافع المشترك بيننا، فأخذنا الأمور على بساطتها ثم بدأنا العمل واخترنا إنتاج العسل الطبيعي" ثم تواصل كلامها بابتسامة كلها أمل وانتصار: "وبدل أن يقتصر طموحنا على مجرد الحلم، أصبح نشاطا لا يمكن الاستغناء عنه".

تتابع السيدة (زهرة بوجنوي):"نعم اخترنا إنتاج العسل بالرغم من كونه نشاطا صعبا وبالرغم مما نتلقى من عبارات التعجيز من أطراف عديدة، إلا أن ورشة التمكين التي قدمت لنا السيدة ابتسام كان لها وقع كبير في كيفية تعايشنا مع الصعوبات وكذا رؤيتنا للمستقبل".

إن اعترافات هذه النساء بتلك العفوية المطلقة أثناء هذا اللقاء، تمكننا من إدراك مدى نجاح ورشة التمكين التي قدمتها السيدة ابتسام النيري (أخصائية الرصد والتقييم ومدربة تمكين المرأة) سنة 2019 لفائدة نساء دوار شعبة غمات في إطار برنامج تصورات تمكين المرأة، بالإضافة إلى نجاح التكوين الذي قدمته السيدة (جانيت) متطوعة مشروع (من فلاح إلى فلاح) سنة 2020، بحيث لمحنا عن قرب الالتزام بجميع التوصيات التي قدمتها، ومن أمثلة ذلك زيارة تعاونيات أخرى تعمل على تربية النحل، وأيضا تدريب التعاونيات الأخرى في خطط التشغيل والمبيعات.

وحقيقة فإن هذه التكوينات آلت إلى تحفيز نساء المنطقة بشكل فعال، وبهذا الصدد فقد أخبرتنا السيدة (عائشة اشعبي) رئيسة التعاونية بانضمام أعضاء جدد، كما تضافرت الجهود المتوالية لمحاولة توفير المزيد من الأدوات اللازمة لاستمرار نشاط التعاونية، من بذل النحالين، وصناديق النحل، وأدوات أخرى...

وأضافت السيدة عائشة أنه تم إنتاج حوالي 39 كلغ من العسل الطبيعي خلال هذه السنة على الرغم من أنه كان عاما صعبا، كما انخرطت التعاونية في "اتحاد مناحل الحوز" لتكون النتيجة بكل هذا "نساء صامدات تحت لواء شعبة غمات".

أشار بالمقابل السيد الرشيد إلى مدى افتخاره بما حققنه من إنجازات مؤكدا أن برنامج مشروع (من فلاح إلى فلاح) سيعقد دورات تكوينية أخرى مستقبلا على رأسها التكوين الذي سينظم آخر الشهر والمتعلق بتربية ملكات النحل، علاوة على ذلك بدء الاستعداد للحصول على شهادة السلامة الغذائية.

قصة النجاح الثانية: تعاونية أبوغلو مشهد نسائي بدينامية متواصلة

انتقل فريق العمل مباشرة إلى تعاونية ابوغلو لنساء اوريكة، والتي بدأت نشاطها منذ سنة 2015 كما أنها حصلت على العديد من الجوائز والتقييمات، زد على ذلك المشاركات الرائدة في المعارض الفلاحية.

وفي ظل الرتابة التي قد تعيشها أي تعاونية حقت نجاحات عديدة، إلا أن طاقم هذه التعاونية لم يكف يوما عن الاستزادة من فعاليات التعاونية، وهذا ينجلي بصورة واضحة من أول خطوة تضعها داخل هذه البنية، إذ أن المنتوجات المعروضة متنوعة وتوحي بمغربية التعاونية، كما أن عدد النساء المشاركات مهم وكل منشغل بعمله.

أثناء هذه الأجواء، وبعد ترحيب هؤلاء النسوة بفريق العمل لمشروع (من فلاح إلى فلاح) بدأت السيدة (رشيدة اوتشكي) رئيسة التعاونية تحدثنا عن مستجدات وضع هذه الأخيرة، خصوصا فيما يتعلق بإعادة هيكلة محل التعاونية من أجل الحصول على شهادة السلامة الغذائية، إذ أن الاقتراح تم قبوله من قبل المديرية الإقليمية للفلاحة بمراكش قبل الوباء، إلا أنه سرعان ما تم إعلام التعاونية بإلغاء التمويل بغية صرفه في أولويات أخرى للتصدي لجائحة كوفيد.

لكن السيدة رشيدة تواصل كلامها بكل طموح وتفاؤل، كلاما كان فحواه مدى نجاح ورشة التمكين التي تقدمها للنساء في دواوير مختلفة، إذ أن كل ورشة يصحبها مباشرة تأسيس تعاونية جديدة. ومن ضمن ذلك، الدورة التكوينية تصورات تمكين المرأة التي استفادت منها مجموعة من نساء (تيديلي مسيوا). وهذا حقيقة إنما يدل على كون السيدة رشيدة ذات الهمة العالية لم تنحصر مساحة تأثيرها على (تعاونية أبوغلو) فقط وإنما تعدت ذلك، فمهدت الطريق لنساء أخريات لتكون بذلك هذه التعاونية بنسائها وبرئيستها رمزا للعطاء ونموذجا للنجاح بل ومشهدا نسائيا بدينامية متواصلة.