الانتخابات الفلسطينية ما بين الأزمة والفرصة بقلم د.عبد الرحيم جاموس
تاريخ النشر : 2021-03-03
الانتخابات الفلسطينية ما بين الأزمة والفرصة..

بقلم د. عبد الرحيم جاموس
 
قد يستغرب البعض هذا العنوان وما يحمله من تساؤل عميق، لكنه في حقيقة الأمر سؤال مشروع في ظل الخصوصية الخاصة للوضع الفلسطيني برمته والذي يمتاز عن أي وضع لأي دولة من دول العالم كونه يرزح تحت الإحتلال والإستعمار وفي ظل تراكم وتزاحم الأزمات والتحديات التي ترزح وتئن فلسطين الشعب والقضية سلطة ومنظمة وفصائل وأحزاب تحت وطأتها.

فهل تأتي الإنتخابات الفلسطينية المستحقة والمزمع عقدها لتمثل أزمة جديدة للشعب الفلسطيني تعمق من أزماته الكارثية، أم ستمثل فعلا فرصة مهمة للتخلص من بعض الأزمات العميقة التي لا خلاص منها سوى بهذه الإنتخابات لإستعادة الصحة والعافية المفتقدة للنظام السياسي الفلسطيني برمته واستعادة القضية الفلسطينية لمكانتها الطبيعية عربيا ودوليا ومدخلا ومفتاحا لعلاج المشاكل الحياتية للإنسان الفلسطيني في قطاع غزة وبقية أنحاء الضفة ...؟ سؤال مشروع يطرحه المواطن الفلسطيني اليوم في كل مكان.

ذلك بعد مرور أكثر من 15 عاما على آخر إنتخابات فلسطينية وما أعقبها من أحداث جسام وانقلاب وتمرد من قبل حركة حماس على السلطة الفلسطينية ونظامها السياسي في صيف العام 2007م بحجج وذرائع واهية قد ثبت من خلال الواقع للقاصي والداني إنعدام مبرراتها، قد نتج عنها أزمات مركبة ومتناسلة ومتتالية على كافة المستويات الحياتية للشعب الفلسطيني في قطاع غزة أولا وعلى مستوى الكل الفلسطيني ثانيا في الوطن وفي الشتات، سواء من فرض حصار ظالم ومن فرض حروب ظالمة قد فرضت على قطاع غزة وقد أحدثت انقساما فلسطينيا خطيرا هدد وحدة السلطة ووحدة النظام السياسي الفلسطيني برمته وهزت نسيج مجتمعه، قد عجزت لغاية الآن كافة الجهود من إنهائه وإزالة آثاره الوخيمة، مما اعطى فرصة تلوَ الأخرى لمواصلة الإحتلال الإسرائيلي لإجراءاته الإحتلالية والتعسفية في قطاع غزة والقدس وفي جميع أنحاء الضفة الفلسطينية من عدوان وتوسع استيطاني وضم للأرضي وتضييق لمساحات ولصلاحيات السلطة إلى اضيق نطاق ممكن ... فكان هذا الإنقلاب وما نتج عنه أكبر هدية تقدم لليمين الصهيوني كي يواصل غيه وغطرسته وتمدده والعمل على تجاهل الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وتجاوز ذلك أحدث اختراقات مهمة في المحيط العربي والدولي على حساب مكانة القضية الفلسطينية عربيا ودوليا.

اذا لم يستفيد الفلسطينيون بكل قواهم وفصائلهم من تجربة النتائج السابقة لإنتخابات 2006 م وما ترتب عليها من نتائج وأحداث وقراءات سياسية خاطئة للواقع الفلسطيني فإن الإنتخابات القادمة ستؤدي في هذه الحالة إلى كارثة ماحقة لا سمح الله للكل الفلسطيني، يجب على الجميع أخذ العبرة منها وعدم تكرار تلك الأخطاء التي وقعت ولم يعد الأمر يحتمل تكرارها لا على مستوى الفصيل ولا على مستوى الجهة أو المنطقة ولا على مستوى الكل الفلسطيني.

إن ما يأمله الفلسطينيون من هذه الإنتخابات هو أن تكون ونتائجها رافعة ومفتاحا ومدخلا لحل وإزالة كافة إشكالات المرحلة وإنهاء لكل مخلفات للإنقسام وأن تؤدي إلى استعادة الوحدة والعافية لكل الحالة الفلسطينية والعمل على اعادة بناء النظام السياسي والوطني الفلسطيني في كل مستوياته على أساس من الشراكة السياسية والوحدة المجتمعية والمناطقية والكفاحية دون اقصاء أو استفراد، من أجل بناء القاعدة الصلبة والأداة الفاعلة لمواجهة خطط الإحتلال وإفشال مؤامراته الهادفة إلى تصفية القضية الفلسطينية والقفز على الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وفي مقدمتها إنهاء الاحتلال للأراضي الفلسطينية وممارسة حق العودة وتقرير المصير وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس.

لذا نخلص إلى أنه بغض النظر عن كافة الإعتبارات والعوامل الداخلية والخارجية التي فرضت وهيئة الظروف والموافقات من مختلف الفصائل للتوجه لهذه الإنتخابات فإنه بيدها هي فقط أن تمثل هذه الإنتخابات والإلتزام بنتائجها فرصة حقيقية تتاح يبنى على اساسها خطط تجاوز كافة الخلافات وحل كافة الإشكالات القائمة والمعطلة للنضال والوحدة الوطنية الفلسطينية واستعادة العافية والفاعلية للكل الوطني الفلسطيني.