أزمة اللاجئين الإثيوبيين شرق السودان بقلم: هويدا احمد الملاخ
تاريخ النشر : 2021-03-02
أزمة اللاجئين الإثيوبيين شرق السودان    

بقلم: هويدا احمد الملاخ

بعد تحول الأزمة الدستورية القائمة بين إقليم التيجراي والحكومة الفيدرالية في أديس أبابا من حالة الخلاف السياسي إلى المواجهة العسكرية المباشرة ، تفاقم الصراع الممتد من أواخر 2020 م بينهما بعد  قرار آبى أحمد تأجيل الانتخابات في عموم البلاد جراء تفشي فيروس كورونا وتمسك الجبهة  بنصوص الدستور وعقدت الانتخابات في وقتها ، كما كان ثمة خلافات أخرى تتنامى منذ فترة طويلة بين الطرفان  إذ كانت جبهة تحرير شعب التيجراي هي الحزب السياسي المهيمن في إثيوبيا لعقود، تتنازع مع حكومة آبي احمد منذ توليه السلطة في عام 2018 ، وتطور الخلاف بين آبي أحمد والجبهة بعد رفض الجبهة الانضمام إلى حزب الازدهار الذي شكله رئيس الوزراء الحالي مؤخرا، كائتلاف جديد بديلا للائتلاف السابق المسمى بـ"الجبهة الديمقراطية الثورية" ، فانتهج آبى احمد  سياسة عقابية تجاه قادة الجبهة قام بتوجيه عدة اتهامات بالفساد وانتهاكات حقوق الإنسان ، على اثر ذلك قام بحملة إقالات جماعية واعتقالات واسعة لشخصيات بارزة في الجبهة الشعبية لتحرير التيجراي من المناصب التي كانوا يشغلونها في الحكومة المركزية.

كما أعلن آبى احمد  حالة الطوارئ بالإقليم لمدة  لستة أشهر، ومنع تحليق الطيران المدني بالمنطقة،  وقام بإعادة وأعاد أربعة جنرالات متقاعدين إلى الخدمة العسكرية بقوات الدفاع الإثيوبية للتصدي لجبهة تحرير التيجراى  .

لم تعترف حكومة آبى احمد الحاصل على جائزة نوبل فى السلام - والتى من المفترض الحاصل عليها يكون له جهود في إرساء السلام والاستقرار في بلده أو حول العالم-  على الإطلاق بأن هناك حرباً، فظلّت تردد أنها عملية محدودة وسريعة تهدف فقط إلى إلقاء القبض على مجموعه متمردة من  قيادات جبهة تحرير تيجراي .

 لكن الذي حدث مخالف تماما للتصاريح الرسمية ، حيث  قامت السلطات الفيدرالية بالتصعيد الموقف أولاً من خلال  البرلمان الإثيوبي الذى اتخذ عدة قرارات  صارمة وعقابية ضد حكومة الإقليم ، من بينها قطع التمويل ومنع التعامل معها باعتبارها حكومة غير شرعية  ، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل قامت بقطع كافة وسائل الاتصال ومنع دخول وسائل الإعلام المستقلة بالتزامن مع بدء العملية العسكرية، ما أثار المخاوف من ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية،  وبالفعل تحدث تقارير منظمة « مراقبة حقوق الإنسان  » Human Rights Watch عن وقوع انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان في إقليم  التيجراي موثقة بصور الأقمار الصناعية أن القوات الإثيوبية قصفت مناطق مكتظة بالسكان في الأسابيع الأولى من النزاع وأصاب القصف المدفعي للقوات الداعمة منازل ومستشفيات ومدارس وأسواق  ، ما أسفر عن مقتل المئات،  وتشرد معظم سكان الإقليم  ، ولجأ ما لا يقل عن 80 ألفاً إلى السودان، وتدمرت البنية التحتية بفعل القصف والنهب الممنهج الذي اتهمت به القوات الإريترية.

كما وردت شهادات من سكان ترد لأول مرة وسط التعتيم الإعلامي تكشف عن تعطل خطوط وسائل الاتصال ، ونتيجة نقص الكهرباء كانت اتصالات الإنترنت عبر الأقمار الصناعية صعبة ،  وفي منتصف الشهر الجاري  صدر تقرير عن  لجنة حقوق الإنسان الإثيوبية، أشار إلى الإبلاغ عن 108 حالات اغتصاب خلال الشهرين الماضيين في منطقة التيجراي بأكملها، في ظل عدم تواجد المؤسسات المحلية مثل الشرطة والمرافق الصحية، حيث يتجه ضحايا العنف الجنسي عادة للإبلاغ عن مثل هذه الجرائم .

ازداد الوضع سوءا امنيا ومعيشيا مما أدى إلى فرار الآلاف من وجه القتال الدائر في إقليم تيجراي،  بعد أن  واجهوا أوضاعاً محفوفة بالمخاطر، بما في ذلك تعرض منازلهم للنهب، والتجنيد القسري للرجال والفتيان، والعنف الجنسي ضد النساء والفتيات مما دفعهم للجوء إلى شرق السودان  .

تخشى حكومة السودان من أن يؤدي الوصول الكثيف للاجئين الإثيوبيين إلى زيادة حدة الأزمة الاقتصادية في بلادهم الناجمة عن سنوات من الحرب وسوء الإدارة وأخيرا فيضانات كارثية.

كما أن عدد اللاجئين أكبر من الإمكانيات المتاحة إلى جانب التحديات التي تواجه الولاية، أمنيا واجتماعيا وصحيا وخدميا، والآثار المترتبة على المرافق الخدمية والمجتمع المحلي  وأي زيادة في الأعداد ستؤدي إلى ضغط إضافي ليس فقط على الولاية ولكن على السودان ككل ، ويشعر سكان شرق السودان في القضارف وكسلا، على وجه الخصوص بحدة الأزمة الاقتصادية، وهما الولايتان اللتان استقبلتا اللاجئين .

صرحت الخارجية السودانية بان وقف الحرب في إقليم تيجراي تحتاج إلى بذل جهود وتعاون دولى ، من أجل وقف عمليات اللجوء إلى شرق البلاد  ، كما أشادت  بجهود ودعم الشركاء والمانحين من المجتمع الدولي في الاستجابة لأزمة اللاجئين الفارين من الصراع في إقليم "تيجراي" إلى شرق السودان، لكنها فى نفس الوقت ناشدت المجتمع الدولى بزيادة الدعم والمساهمات لضمان احتواء الأزمة وتلبية الاحتياجات الإنسانية الحرجة للاجئين الإثيوبيين في شرق السودان ، خاصة بعد أن أكد  أطباء المعسكرات أن حالات ايدز وحمى وديسونتاريا وسل ظهرت بالفعل بين اللاجئين غير أنه لم يعلن أي رقم رسمي بعد.

إن تواجد اللاجئين الإثيوبيين شرق السودان شكل ضغطاً كبيراً على كافة المرافق والخدمات وأسهم في نشاط عمليات تهريب البشر والسلاح علاوة على الأوضاع الصحية والقضايا المتعلقة بحقوق الإنسان وبالتالي  تحتاج إلى تدخلات عاجلة من الأمم المتحدة والمنظمات الدولية لتدارك الموقف .