أين يكمن سر ثلاثي قطر وأتباعهم/تمفصلاتهم !
تاريخ النشر : 2020-12-05
سؤال حامض 2116: أين يكمن سر ثلاثي قطر وأتباعهم/تمفصلاتهم !

بقلم - عادل سمارة

مرة أخرى يُقال بان الشيخ القرضاوي قد تُوفي، ربما.  وبغض النظر عن صحة الخبر، فاسمه يذكرني بثلاثي
كان هناك في الدوحة مع انفجار الوضع في سوريا. أقصد الشيخ خالد مشعل والشيخ يوسف القرضاوي والدكتور عزمي بشارة.

كان ثلاثتهم من المحظيين في سوريا حتى قبل لحظة العدوان
عليها ربما بساعة. زاروها ومدحوها وحاوروها وعاش بعضهم فيها  حيث عومل خالد مشعل كما لو كان سفير دولة عظمى
قبل أن ينتهي في عاصمة الاستعمار العثماني.

ما الذي حدث فجأة حيث انقلب ثلاثتهم ضد سوريا في لحظة بدء العدوان!. والأهم أنهم أخذوا يروجون بان النظام السوري سوف يسقط بلا شك.

هل كانوا الأكثر معرفة بداخل البلد؟ هل كانوا يذهبون هناك لترتيبات خاصة للثورة المضادة أي للخليج والغرب والكيان وتركيا؟ أم هم علماء اجتماعيا  وسياسيا  واستبطانياً؟ 
ومن طراز له قدرة كشف خارقة.

بمعنى آخر، هل كان مديحهم لسوريا كذبا وتغطية على ما هو
عكس ذلك؟. إذا كان ذلك كذلك، فهم لا شك ذوي ذكاء خارق. ولأنه "خارق" فعلى من يخالفهم أن يكن حذرا.

أثرت هذا السؤال مع أكثر من صديق/ة فكان معظم قولهم بأن هؤلاء يرتبطون بموجِّهٍ واحد آمر وناهٍ ولا يُرد له قول ولا أمر وهو الثورة المضادة، اي الغرب كل الغرب (امريكا وبريطانيا واليابان ثم الصهيونية والكمبرادور العربي.
وبالطبع الكمبرادور العربي هو في قاع الثورة المضادة وليس في قمتها).

ما أود أن أخلص إليه من هذا سؤالين استكاريين:

الأول: لماذا لم ينقد هؤلاء انفسهم بعد صمود سوريا؟ لا
أقصد أن ينقدوا موقفهم العدو ضد سوريا، بل فشل ما قالوه وأكدوا عليه. 
فالقرضاوي في "مواعظه" كان يؤكد رؤيته لسقوط سوريا كما يرى صحن اللبن أمامه في صيف الخليج القائظ. أما خالد مشعل فإنه من فرط قناعته وتأكده من انتصار ارهاب الثورة المضادة حرك جنوده لطعن الجيش العربي السوري في ظهره حتى وهو داخل دمشق، ومع ذلك أزاحته سوريا بلطف تُدان عليه أبداً! أما عزمي بشاره ، فمن حظي بمشاهدة سلسلة خطابات ومحاضرات له عن حتمية سقوط سوريا ومن راى لمعان عينيه وتقاطيع وجهه وانتفاخ أوداجه من حيث التأكد  من جهة، والاغتباط لا
يخالطه الشك من جهة ثانية فيخال بأن هذا نتنياهو مضافة إليه بدانة العيش الرغيد.

لو كان تحليل هؤلاء اصيلا وذاتيا لكان لا بد لهم من نقد
انفسهم، أو على الأقل تقديم تفسيرات ملتوية لتغطية التعري الفكري والسياسي والعقلي والوطني.

لم يحصل، وكأن إيمان هؤلاء بتعاليم السادة رسخت فيهم
مثابة دين.

طبعا قيل وقالوا بأن سبب صمود سوريا هو الدعم الروسي.
لكن الدعم الروسي جاء عام 2015 أي بعد أن تأكد الروس أن السوريين يستحقون الدعم نظراً لكفائتهم. هذا ناهيك عن الدعم الإيراني والحديث عن مشاركة حزب الله القتال دفاعا عن سوريا وهي برايي مشاركة هي الأولى من نوعها في تحطيم حدود سايكس-بيكو بعد المحاولة المحدودة عام 1970 حينما حاولت سوريا دعم المقاومة في الأردن خلال مذابح ايلول. وطبعا بعد قيام مصر ناصر  1963 بدعم ثورة اليمن الشمالي ضد الإمام البدر ونظام السعودية.

ومن اللافت أن هؤلاء لا يذكرون مآت آلاف الإرهابيين من
معظم بلدان العالم الذين قذفت بهم الثورة المضادة في سوريا.

والثاني: موقف حواريوا وتمفصلات وأتباع هذا الثلاثي
المضاد لسوريا بشكل مفتوح لا يتغير مهما تغير وضوح المعطيات وهنا تكمن الطرافة بل المفارقة.

 صمتَ الثلاثي، وتوقفت عواضم الثورة المضادة عن الحديث عن  سقوط سوريا وعن "شرط" تغيير الرئيس هذاالشرط الذي كان بشاره يؤكد عليه كأنه المندوب السامي على سوريا.

لكن هذه التمفصلات لم تتوقف عن أمر خطير:

إنه اللغط بنقد النظام السوري بل وكل الجمهوريات:  لم تكن هذه ديمقراطيات، ولم تنتصر على الكيان، بل نذهب نحن أبعد من هذا أي: أن أي قطر عربي يفقد شبرا لا يمكنه استعادته اعتمادا على نفسه فقط بل بموقف عربي مع عرب أو كل العرب ذلك لأن فقدان اي شبر لم يكن لأن العدو كان طرفا واحدا فقط بل كانت الثورة المضادة بكمالها واكتمالها. وهذا بالطبع لا ينفي أنه حتى الجمهوريات لم ترتقي لتقم بحرب الشعب.

لكن هذه التمفصلات لا تقل كلمة عن بقية الأنظمة العربية
التي لا تقوم بممالئة الأعداء وحسب بل تقف ضد الشعب في كل قطر وضد الأمة فهي أنظمة عدوة للأمة، أنظمة تحتل أرض شعبها، أنظمة لم تساهم في اية معركة تحرر ولا تنمية وثقافة، أنظمة هي احتلال.

أليس عجيباً هذا الصمت. وحينما نقول لبعضهم:

طيّب يا جماعة، أنظمة الجمهوريات ديكتاتورية وقمعية ولكن
وطنية، لكن أنظمة النفط والمالك هي أولا نفط وممالك وليست وطنية وهي فراخة القمع وهي عدوة لكل الأمة ومولدة الإرهاب الأكبر/إرهاب قوى الدين السياسي، فعلى الأقل اذكروها.!

من المثير للسخرية أن بشارة حينما يتحدث عن الجمهوريات يقول بأن قياداتها هي ريفية فلاحية رعاعا اي ليست ارستقراطية. ذلك لأنه يرى الديمقراطية لا تنمو إلا في ظل وعلى يد الارستقراطيات، كما هو شأن أوروبا الغربية برأيه. 
ولكن هل حكام الخليج ارستقراطيين؟ وهم بالكاد إنتعلوا أحذية كان قد استهلكها بني أمية قبل 14 قرنا!. لست أدري بالطبع إن كان اصل بشارة ارستقراطيا ذلك لأن فلسطين تخلو من هذه الشريحة، وإن حصل فهي شكلانية وهي وحدها ، كما بعض العائلات من لبنان وسوريا، التي باع بعضها أرضا للمستوطنين الصهاينة. طبعاً، من يعيش في كنف الغاز والنفط لا يؤمن بأن هناك ديمقراطية يمكن أن تقيمها الطبقات الشعبية.

وهنا نصل إلى سؤال محرج: ترى من الذي يقود هذه التمفصلات
التي تلهج بالثقافة والحداثة واللبرالية وما بعد الحداثة والماركسية؟
هو هل الثلاثي أعلاه؟ أم الثورة المضادة.  

ولكي نتلافى التعميم نقول بعض هؤلاء تحركه الثورة
المضادة مباشرة وهو من جُنْدها وبعضهم مضمخ باللبرالية الغربية التي لا يفهمها فيغوص في الضياع.

وبلا إطالة، انظروا التالي: كم مرة جرى ذكر مشاركة
هولندا في العدوان ضد سوريا؟ ربما لم تُذكر قط..

بالأمس كان رئيس وزرائها يمنع اي حديث في البرلمان عن
دور هذه الدولة في دعم الإرهاب في سوريا! وهولندا تعتبر من أقدم "ديمقراطيات" غرب أوروبا! وهي غالبا أنجليكان اي من أول من تحول إلى الراسمالية التجارية في مباراة مع بريطانيا بمعنى أنها "عريقة" في الدمقرطة. 
بل هي عريقة استعمارياً.

ولأنها امبريالية صغيرة ومنحسرة، ما الذي دفعها للمشاركة
في دمار سوريا؟ وما هي الأسرار الخطيرة التي منعت برلمانها من مجرد الحديث عن دورها الإرهابي في سوريا؟ وهل هي بهذا المعنى ديمقراطية بالمعنى الإنساني وحتى الاجتماعي، أم هي ديمقراطية من طراز من يقل لك" طالما تتصرف بما يخدمني فأنا
ديمقراطي، وبغير هذا ألجمك وأقمعك. هذه ديمقراطية الأرستقراطية التي تتذيل لها مستوطنة الثقافة في قطر بآلاف المرتزقة من حاملي (د)، واي دال!

 ويبقى السؤال
معلقاً ليُحرج تلامذة الثقافة الغربية بتخارجهم وغربنتهم/ن. وفي الحقيقة لا ينفع ابدا تمترس مثقف وراء غشاء ركيك بأنه لا يتراجع عن موقفه لا لشيء إلا لأنه "مثقف". 
لكن ثقافته تدعي العذرية بينما جسدها الثقافي  مشاعاً.