الاقتصاد في الوطن العربي بين فشل خطط التنمية ومحاباة رجال الاعمال وفسادهم وتنصلهم من مسؤولياتهم الاخلاقية والوطنية
تاريخ النشر : 2020-12-05
الاقتصاد في الوطن العربي بين فشل خطط التنمية ومحاباة رجال الاعمال وفسادهم وتنصلهم من مسؤولياتهم الاخلاقية والوطنية
صورة أرشيفية للكاتب


بقلم - سفيان الجنيدي

الاقتصاد في الوطن العربي بين فشل خطط التنمية و محاباة رجال الاعمال وفسادهم وتنصلهم من مسؤولياتهم الاخلاقية والوطنية

لا يخفى على أي انسان أن الاقتصاد في الوطن العربي يمر بحالة من الجمود و الفشل حتى أن بعض الدول العربية اصبحت قاب قوسين او ادنى من حالة  الافلاس والانهيار الكلي ويعود ذلك لاسباب جمة سنلط الضوء في هذه العجالة على بعض المسببات مثل فشل الخطط التنموية ومحاباة رجال الاعمال وتنصلهم من مسؤولياتهم الاخلاقية والوطنية تجاه المجتمعات العربية.

إشكالية خطط التنمية الاقتصادية

فيما يخص إشكالية التنمية الاقتصادية المستدامة في الوطن العربي نجد أن اساس المشكلة يكمن في عدم مقدرة الحكومات العربية على وضع خطط تنموية واضحة، يمكن قياس مخرجاتها وانحرفاتها المعيارية وبالتالي تقصي الحقائق والاسباب التي تؤدي إلى نشوء تلك الانحرافات مما يتطلب عمل خطة تصحيحية للتغلب على جميع النتاىج السلبية والانحرافات الناتجة عن تطبيق أي خطة حكومية، ومما لا شك فيه أن مآلات فشل و عشوائية سياسات التنمية الاقتصادية في الدول العربية ادى ألى تردي وتأزم حالة الاقتصاد إضافة إلى المديونيات العامة والتي وصلت عنان السماء والتي تحتاج بعض الدول العربية إلى إكثر من جيل فقط لسدادها، وهذا يعني أن الاجيال القادمة ورثت ديون قد ينقضي عمر الفرد خلالها ودين الدول ما زال جاثما على صدره ، ولهذه النتائج تداعيات خطيرة للغاية اهمها أن الاجيال القادمة سوف تحرم من ابسط حقوق الحياة المدنية من قبيل التعليم المجاني والصحة بالإضافة إلى حياة إقتصادية كارثية نتيجة لديون تصل عنان السماء و خدمة ديون ومعدلات تضخم فلكية.

محاباة رجال الاعمال مدخل للفساد

 محاباة رجال الاعمال صورة من صور الفساد المستشري في المجتمعات العربية  وكذلك صورة من تجليات الفشل الذريع لخطط التنمية الاقتصادية العربية ، فالحكومات العربية المتعاقبة دأبت في سن التشريعات والقوانين والاستثناءات والتي يتم تفصليها لفئات دون غيرها متجاهلين شرائح عريضة من اصحاب المشاريع الصغيرة والتي في مجموعها تشكل اكثر من ٨٠% من روافد الاقتصاد الوطني في الدول العربية ولعل من اخطر الظواهر التي أصيبت بها المجتمعات قاطبة والعربية على وجه الخصوص ايدولوجية تزواج السلطة مع رأس المال ، فالآثار الوخيمة الناجمة من هذا التزواج لا تقتصر على الجانب الاقتصادي فحسب وانما تتعداه لتطال جميع جوانب ومناحي الحياة، ونتيجة لهذا التزواج اللا- مبارك دأبت الحكومات العربية في محاباة رجال الاعمال ومنحهم الامتيازات والتي في كثير من الاحيان كانت مدخلا للفساد ونهب خيرات الامة ومقدراتها، وقضايا احتيال رجال الاعمال وحصولهم وإنتفاعهم وتهريبهم لقروض بنكية بمئات الملايين كثيرة ولا يمكن الإحاطة بها، ناهيك عن نظام الضرائب في الوطن العربي والذي في معظم الاحيان يحابي رجال الاعمال على حساب غيرهم ، فتجد نظام الضرائب في معظم الدول العربية يحتوي على ثغرات لمساعدة رجال الاعمال للتهرب الضريبي كما ان نظام الضرائب لا يأخذ بعين الاعتبار فرض ضرائب متزايدة لتتناسب طرديا مع مداخيل الشريحة المخملية في الوطن العربي.

مسؤولية رجال الاعمال تجاه المجتمعات العربية

اما فيما يخص الإشكالية الثانية: تنصل رجال الاعمال لمسؤولياتهم الوطنية والإنسانية

المدهش في الموضوع اننا ترعرعنا في بيئة دينية واجتماعية ديدنها الحث على مكارم الاخلاق من قبيل الإيثار والكرم ونصرة الملهوف والتكافل الإجتماعي ما بين ابناء المجتمعات العربية، ورجال الاعمال العرب نبتوا في هذه البيئة ونهلوا من منابعها ومشاربها الدينية والاجتماعية، وهم ليسوا بحاجة لمن يذكرهم بالمسؤوليات الملقاة على كواهلهم، إلا أن المرء يخوض في هذا الأمر لما يرى من تقاعس رجال الاعمال في هذا المضمار، فبالكاد نجد لرجال الاعمال اثرا ملموسا في الاعمال الخيرية ودعم ابناء المجتمعات التي نبتوا وترعرعوا فيها، وربما تكون هذه فرصة لهم حتى يراجعوا انفسهم قليلا، فرجال المال والاعمال لديهم المقدرة  أن يساهموا مساهمة فاعلة من خلال إبداء قليل من المواقف الوطنية والإنسانية من جهة ومن جهة أخرى رد الجميل والمعروف لابناء الدول التي احتضنتهم وقدمت لهم البيئة الخصبة و المثالية لتكوين ثرواتهم الطائلة، وفي هذا المقام لا نسأل رجال الاعمال ان يتنازلوا عن نصف ثرواتهم  تقليدا  لمليارديرات الغرب والذين تنازلوا عن نصف ثروتهم لابناء اوطانهم حين عصفت في بلادهم النكسات المالية، ولكن نتمنى عليهم أن يظهروا بعض من اللفتات الانسانية

ختاما: إزدهار وإنتعاش الاقتصاد الوطني مطلب جماهيري، فالشعوب العربية على إختلاف ثقافاتهم وطوائفهم واختلاف انتمائتهم الحزبية و العقائدية تصلي وتبتهل ليل نهار أن يزدهر وينتعش وينمو الاقتصاد الوطني في الوطن العربي ليعم بعض من الاستقرار والرخاء على ابناء الوطن العربي،إلا أن هذا لا يعدو عن كونه امنيات قد لا تتحقق في المستقبل القريب، حيث أنه وللأسف كل الاقتصادات العربية تعيش حالة مزرية من العجز في الموازنات بل ان جلها اصبحت على شفة حفرة من الإفلاس و الانهيار الكلي. وهذا ما يستوجب مراجعة شاملة لملفات الاقتصاد الوطني في كل دولة على حدا، ولا شك أنه لا مفر من الشفافية وضمان النزاهة والمتابعة والعقاب ومن جهة أخرى يجب تشكيل فرق وطنية من خيرة المفكرين والاقتصاديين لدراسة حالة الاقتصاد الوطني وتقديم التوصيات لحكومات وطنية نزيهة