عِتابُ الكُتّاب
تاريخ النشر : 2020-12-01
بقلم - أسيل أبو غثيث

كتبَ في مُقدّمة كِتابهِ الأوّل: "هذِه قصّتي مَعكِ، وتلكَ البِداية.
أجَدتُ حَلّ مِئةَ وعِشرين شيفرَة في عالَمِ البَلاغة؛ إلّا اعتِزالُكِ الحِبرَ والكِتابة؛ رُغمَ أنّكِ مُولَعة بِها حَتى أنامِلُكِ تُجيدُ فيها الشّقاوَة، كَطِفلٍ في عُمرِ السّابِعة!
ما الذي أغواكِ والانطِفاءُ هكَذا!
ألَعنَةُ الكاتِب قِيامَةٌ كهذِهِ عَزيزَتي -رايا- "!
ردّت عَليهِ في مَقالٍ وقالَت: مَرحَبًا بِك في مَقاليَ الأوّل وثَلاثةُ خَيباتي السّابِقة، إجابَتي التي جَهِلتَها لَن تكُن من وَحيِ ارتِجالٍ بَل هيَ الخاتِمة التي زَخرَفَت خَيبَتي النّهائِيّة؛ كِتابيَ الثّالِث الذي أعلنتُ فيهِ لَعنَتي القاضِية!
أظنّ أنّها لسُؤالِكَ بكافِية!

- " هذِه رِوايَتي معكَ، وتِلكَ النّهاية!
لا بِدايةٌ سِواكَ كانَ؛ ولا بِدايةٌ لغَيرِكَ إلّا اللّابِداية!
أجَدتَ حُبّ المُطالَعة، وتَغلّبتَ على عِصيانِكَ للكِتابة، أعرِفُ أنّكَ بَدأتَ تُحلّقُ بينَ النّحوِ والفَصاحة، والثّمانِيةُ والعِشرونَ لا تَخلُوَ مِنهم دِيارِكَ!
لرُبّما لَستَ تَعلَم أنّي أخبَرتُكَ بكِتابيَ الأوّل في تلكَ المُقدّمة؛ التي أصبَحَت باهِتة!
" عَزيزي -دانييل- هذِهِ أوّلُ بِدايةٍ لي بالكِتابة، بِدايةٌ لامِعة كَثغرِكَ تمامًا، آمَلُ لَو تُنصِتَ وتُحلّق بتلكَ الأحرُفِ كَما حدّقتَ بي في أوّل ميعادٍ لَنا بقُعرِ الباحة.
نَذرتُ أنامِلي لِكتابَتِكَ، ذِكرِ تَفاصيلِكَ وكُلّ ما يَعنيكَ لا أستثني أيّ تَفصيلٍ بَتاتًا!
إنّي أُجيدُ العَبث بالحَرفِ كطِفلٍ في السّابِعة، أُجيدُ اقتِباس طَورِ العَجوز مِن ظُلمةِ الكآبة، وأُجيدُ التّصرفَ ككاتِبة في حُبّكَ هائِمة؛ وَحدُك من سَتختار ذلِكَ؛ آمَلُ أن تُبقِني في دَورِ الكاتِبة!
نِهايَةُ البِداية، أُعزوفَتي اللّاهِية، أوّلُ كَلِمة تَفوّهتُ بِها عَلى سَفحِ مُذكّرَتي كانَت فورَ أوّلُ رَشفةِ قَهوةٍ جَمَعتنا على تلكَ الطّاوِلة.
أُقسِمُ لَو هَجَرتنَي يومًا؛ اعتِزالي لَها سَيكُن قِيامةً، لا مَفرّ مِنها إلّا لَها!
أنتَ تَعلمُ كَم أنا مُولعَةٌ بِها؛ حَبّذا لَولا تُغادِرني سِراجَها بيومٍ ما مِن أيّامِكَ!
لأبعدِ مَدى، أُحِبُّ وتَلحَقُها كافُكَ! ".

رُبّما أجَدتَ حلّ مِئة وعِشرينَ شيفرَةٍ في البَلاغة؛ لكنّكَ نسيتَ نَحوي وتلكَ عُظمِ الكارِثة!
على أيّ حال؛ ها هيَ إجابةُ اعتِزالي المُرّة!
كرّرها حتى تُهلوسُ بِها في القادمِ من كِتاباتكَ المُبهَمة!
رُبّما لَم تَعُد تَذكُر أنّي كاتِبة، في عزّ اعتِزالي أُمطِركَ بأحرُفي، أجعلُكَ في كَيانِكَ تسقُط كالهاوِية، وإن راقَ لي أجعلُكَ تقتبسُ من جَوابي لوَحدهِ رِوايَة.
جَعلتَني أقرّ تَوبَتي منَ الكِتابة، لكنّك لَن تَمحوَ ما كَتبتهُ في تلكَ الثّلاثة!
إنّي ألعَنُكَ من الألفِ إلى الياء، وفوقَهُم ثَمانِيةٌ وعِشرون حتى المالانِهاية!
ها أنا جَمعتُكَ في المُقدّمة والخاتِمة، في البِدايةِ والنّهاية!

بقَلم: مَن تغلّبتَ عَليها بخِداعِك؛ والتي هيَ ذاتَها حَرفٌ واحِدٌ مِن مُراوغَتِها مُباغَتة؛ كَفيلٌ بتيهٍ لا تُجيدُ بَعدهُ لَمّ شَتاتِكَ!