هل تتغير مواقف اميركا ؟
تاريخ النشر : 2020-12-01
هل تتغير مواقف اميركا ؟
صورة أرشيفية للكاتب


هل تتغير مواقف أميركا؟
الحلقة الثالثة
بقلم - حمادة فراعنة

لا يتوفر أدنى وهم لدى أي فلسطيني أو عربي أو مسلم في الولايات المتحدة، من أن السياسة الأميركية نحو فلسطين والمستعمرة الإسرائيلية ستتغير، أو يطرأ عليها انقلاب في ظل معطيات الواقع السياسي والثقافي والعقائدي السائد لدى المجتمع الأميركي، وانعكاساته على سلوك وسياسات واشنطن.
ولكن حينما ندرك أن المصالح الأميركية لها الأولوية على ماعداها من عوامل مؤثرة في صنع القرار الأميركي، وأن المصالح الأميركية وابرزها في العالم العربي هي:-
1_النفط والغاز المنتج من قبل الشركات الأميركية على الأغلب.
2_العالم العربي سوق لتصريف البضائع الأميركية  والعسكرية منها خاصة.
3_مورد جلب ثروات نقدية مستثمرة في البنوك والشركات الأميركية.
4_منطقة استراتيجية تقع بين أوروبا وأسيا وافريقيا،  وفي قلبها المستعمرة الإسرائيلية التي تحظى باهتمام الأميركيين وحمايتهم.
لهذه الاسباب والعوامل تهتم الولايات المتحدة في هذه المنطقة من العالم .
النظام العربي برمته أو على أغلبه فاقداً القدرة على إتخاذ سياسات مستقلة تحمي مصالحه الوطنية والقومية، وتفرض على الاميركيين احترام مصالح العرب والتعامل معهم بندية، ولذلك لا أمل مرتجى في المدى المنظور لتغيير السياسة الأميركية بفعل التغيير في الموقف العربي وكيفية تعامله مع واشنطن.

ولكن في داخل الولايات المتحدة الأمريكية تتسارع التغييرات الاجتماعية والاصطفافات الطبقية والقومية والدينية أسرع مما يتوقعه العديد من المراقبين باتجاهين:-
أولاً: من قبل الحزب الديمقراطي الذي تتبلور انحيازاته نحو الطبقات الوسطى والدنيا، ونحو التعددية والقومية والدينية، في مواجهة الحزب الجمهوري الذي تزداد سياساته الطبقية انحيازاً لمصالح الشرائح العليا الأكثر ثراء، ولدى المتعصبين العنصريين البيض من ذوي الأصول الأوروبية، وكذلك نحو المسيحيين الإنجيليين، ورداً على سياسات الجمهوريين هذه تم الانحياز من قبل الأغلبية الفلسطينية والعربية والإسلامية والإفريقية لمرشحي الحزب الديمقراطي بايدن وهاريس لسببين جوهريين:
1- انحياز الحزب الديمقراطي لمصالح الشرائح الدنيا وللتعددية، ورفضاً للتعصب القومي والديني، واستجابة برنامج الحزب للمصالح الحياتية والمعيشية والاجتماعية لهذه الشرائح المتعددة كالتأمين الصحي والاجتماعي وغيره من المصالح .
2- تفهم مواقف الحزب ومؤسساته والسماح للفلسطينيين والعرب والمسلمين للتعبير عن مواقفهم نحو قضاياهم القومية ومصالح بلادهم الأصلية.
ثانياً: لقد كان ترامب وإدارته فاقعاً متطرفاً نحو عناوين التعصب والعنصرية في مواجهة التعددية القومية والدينية مما ساعد على تعزيز وتماسك اللوبيات القومية والدينية وبروز هوياتهاالاثنية.
وقد ساعد تبني ترامب سياسات المستعمرة الإسرائيلية المتطرفة ضد فلسطين و القدس وخطته صفقة القرن غير المنصفة للتسوية، ادت الى ولادة دور فلسطيني نشط في وحدته وفي التأثير على القيادات العربية والإسلامية، وعلى الرغم من توفر التماثل في مواقف الحزبين الجمهوري والديمقراطي نحو الحفاظ على تفوق المستعمرة وحمايتها، إلا أن العديد من الإجراءات الاستفزازية المتطرفة التي أقدم عليها ترامب سيتم التراجع عنها من قبل إدارة بايدن المقبلة بفعل الدور الحيوي للفلسطينيين والعرب والمسلمين والافارقة.
إضافة إلى توفر تيار تقدمي إيجابي لدى الحزب الديمقراطي يتعزز دوره وتأثيره يقوده السيناتور بيرني ساندرز والعديد من النواب والشيوخ، ولديهم علاقات تنمو بإطراد مع ممثلي الجاليات الفلسطينية والعربية والإفريقية والمسلمة وهذا يُبشر بالخير والتقدم، خاصة بعد تأثير هذه الجاليات على نجاح بايدن وهزيمة ترامب.