الجسد يحاور المواد و الخامات .. وفق صور متعددة واقعية .. متخيلة.. حلمية أو طيفية..
تاريخ النشر : 2020-11-30
الفنانة التشكيلية و الباحثة وصال بن سليمان :
الجسد يحاور المواد و الخامات .. وفق صور متعددة  واقعية .. متخيلة.. حلمية أو طيفية..
بوح ملون لأجساد أنثوية في شتى الحركات و الحالات و الهيئات لابراز مضامين متعددة..

بقلم - شمس الدين العوني

في سياق التعاطي الفني مع الذات و هي تشهد هواجسها و أسئلتها تجاه العالم و الآخرين في هذا الحيز الانساني المفتوح على المتغيرات و التبدلات المتسارعة تبرز فكرة البحث و القلق وفق سياق متخير من الفنان للقول بالممكنات التعبيرية و الجمالية التي تشير بل تذهب الى شواسع هذه الذات الحاملة لتلويناتها الفكرية و الوجدانية و الثقافية .



و الفن التشكيلي حمال هذه الرغبات الملونة و غيرها في الحوار مع العناصر و الأشياء و التفاصيل فالرسم ظل هاجسا تعبيريا منذ القدم ..قدم النظر و التأويل فالرسامون و بما انطووا عليه من حلم و في مختلف منجزاتهم الفنية و الجمالية سعوا ليكونوا في جوهر الأسئلة و منها أسئلة الجسد ...و كل بطريقته و أسلوبه و تمثله المخصوص للفن .

الجسد و ثقافته و باعتباره الاطار المادي للذات في تعاطيها الدلالي و الحسي كان حاضرا تاريخيا في شتى الأنماط التعبيرية الجمالية الفنية وفق حالات من الاحتفائية و القول بدوره السوسيو- ثقافي ..و الجسد الأنثوي أساسا كان ضمن هذا الحضور و ارتساماته المختلفة من فنان الى آخر من حيث تنوع خطاباته المقترحة و مرجعياتها الفلسفية و الجمالية و الاجتماعية.



الجسد لغة و خطاب و ذاكرة و مضامين و حالات و أفكار و حركة و طاقة و حياة و من هنا كان الاشتغال عليه في الفنون البصرية الجمالية في ضروب شتى من التوظيف لما يختزله من منطوق و أحاسيس دالة تذهب بالعمل الفني و الاطار المشتغل عليه عموما الى حالات قصوى من التعبيرية و التأثير و يبرز ذلك بينا في تجارب الفن المعاصر و في هذا المنحى الليبرالي التحرري الذي على ايقاعه يمضي العالم الى درجات التسويق و الترويج العالية.

تأويلات و قراءات متعددة مختلفة تتقاطع في استثمارها للجسد و عوالمه في المجالات الفنية و اقتراحاتها الابداعية .

هكذا نمضي و في هذا السياق مع تجربة الفنانة التشكيلية  و الباحثة وصال بن سليمان التي اشتغلت على عوالم الجسد في نشاطها التشكيلي حيث مثلت لوحاتها الفنية التي شكلت معرضها الشخصي بدار الثقافة شكري بلعيد بجهة جبل الجلود الجسد الأنثوي في حالاته الواضحة و الغامضة و الحركة وفق تخييل منطلق من ذات الفنانة و نظرتها للعالم و علاقاته المتداخلة و بما للمرأة من خصوصيات اجتماعية و ثقافية .



في لوحاتها بوح ملون يبرز أوضاع أجساد أنثوية بين الانطلاق و الخوف و التأمل حيث الألوان سياقات ذوقية جمالية للتناغم مع المضامين البينة و اسناد تعبيريتها في شتى الحركات و الحالات و الوضعيات و الهيئات التي عليها هذه الأجساد. حوار آخر تخيرته وصال في تعاطيها الفني هذا و منذ سنوات و في تعدد أشكاله حيث تقول عن هذا التمشي الفني

لديها " ... عملي يتمحور حول الجسد حيث اعد مشروعا قوامه الجسد يحاور المواد و الخامات .. قد تكون صورة الجسد واقعية او متخيلة حلمية او طيفية لذلك الجسد يتخذ في عملي أشكالا متعددة قد تكون واضحة المعالم أو غامضة ..مجتمع الأوصال أو متشظيا كاملا أو لا مكتمل ..أعشق التعامل مع الألوان حتى و ان بدت للبعض قوية و وحشية. عملي على الجسد ينبع من تمردي على نظرة المجتمع و موقفه و ربما ذاكرتي الجسدية الشخصية...".




وصال بن سليمان الباحثة و الفنانة التشكيلية حائزة على اجازة في الفنون التشكيلية اختصاص رسم من المعهد العالي للفنون الجميلة و متحصلة على ماجستير في نفس المؤسسة ساهمت في العديد من المعارض مع اتحاد الفنانين التشكيليين و جمعيات أخرى تعنى بالفن التشكيلي و الرابطة التونسية للفنون التشكيلية التي ترأسها .

من ربوع المدينة البحرية بالشمال التونسي و نعني بنزرت التاريخ و الجمال كانت طفولتها اليانعة بين الجمال و الألوان ..و بين زرقتين ..البحر و السماء تلمست منذ البدايات الأولى خطواتها نحو التذوق و التلقي الجمالي و صولا الى سنوات التحصيل  التي منها دراسة

علوم الاثار الإسلامية والدراسة بالمدرسة العليا للفنون الجميلة بتونس لتخوض تجربة التلوين بعمق من خلال المشاركة في المعارض الفردية و الجماعية حيث كان معرضها الخاص  بعنوان " تهافت الجسد اللافت "  بدار الثقافة شكري بالعيد في الفترة من 11 الى 25 نوفمبر 2020 مشيرة فيه و عبر لوحاتها ( 21 لوحة ) مسألة الجسد و خاصة الجسد الانثوي من وجهة نظر عملت عليها نظرا و تأملا لسنوات لتبرز مساحة اللوحة و فضاؤها الملون و الخطوط و الحركة و الحالة كما تخيلت هذه العناوين الجسدية كفنانة باحثة.