الاستيطان غير أخلاقي وغير شرعي....نحو محاكمة دولة الاحتلال على هذه الجريمة
تاريخ النشر : 2020-11-21
الاستيطان غير أخلاقي وغير شرعي....نحو محاكمة دولة الاحتلال على هذه الجريمة
صورة منيب المصري


بقلم - منيب رشيد المصري

الاستيطان غير أخلاقي وغير شرعي....
نحو محاكمة دولة الاحتلال على هذه الجريمة



نقلت وسائل الإعلام مؤخرا، وتحديدا راديو إسرائيل بالعربية في نشرة الأخبارالصباحية التي تذاع الساعة السادسة والنصف صباحا خبرا مضمونه أن حكومة (نتنياهو) تريد زيادة الوحدات الاستعمارية في مستعمرة عطروت الصناعية والسعي لتكثيف
الاستيطان قبل مغادرة دونالد ترامب للبيت الأبيض .

هذا الخبر يبدو عاديا للوهلة الأولى لأننا مع الأسف اعتدنا على أن تطل عليناحكومة الاحتلال بشكل يومي لتعلن عن إقامة أو توسيع مستعمرات على أرض الضفة الغربية المحتلة دون أن يكون مقابل ذلك ردود أفعال ترقى لمستوى القرارات التي تهدف لسرقة الأرض وتقويض أي فرصة لقيام دولة فلسطينية .

ولكن خبر زيادة الوحدات الاستعمارية في عطروت له معان كثيرة منها أن حكومة (نتنياهو) تريد أن تسرع إلى الحد الأقصى من وتيرة الاستيطان قبل خروج (ترامب) من البيت الأبيض، وفي ذات الوقت أن تنقل رسالة إلى الرئيس الأمريكي الجديد (بايدن)
بأن الاستيطان مستمر وهو حقيقة نابعة من الفكر الصهيوني ولا يمكن التراجع عنه.

يبدو أن حكومة نتنياهو تريد ليس فقط أن تضع حقائق استعمارية على الأرض بل أيضا أن ترسل برسالة إلى الفلسطينيين بأن الإدارة الامريكية لن تقف في وجه سياساتها
الاحتلالية كان من يكن الرئيس الأمريكي، وباعتقادي بأن حكومة نتنياهو قد تكون مخطئة في هذا التقدير، لأن مجيء بايدن إلى البيت الأبيض سيغير قليلا في التعاطي مع ملف الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وسيحاول أن يعيد المفاوضات بين
الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، وهذا يتطلب اتخاذ بعض الإجراءات تجاه سياسة إسرائيل فيما يخص المستعمرات.

ما يهمنا في موضوع المستعمرات الإسرائيلية على الأرض الفلسطينية أنه غير أخلاقي وغير شرعي وغير قانوني وينافي ما نصت عليه قرارات الشرعية الدولية، وهذا يقودنا إلى ضرورة العمل على خطة شاملة لمواجهة الاستيطان بكافة الوسائل
المتاحة .

وانسجاما مع ذلك وقعت مؤسسة منيب وانجلا المصري قبل أشهر عدة مع وزارة الحكم المحلي اتفاقية بشأن تمويل المخطط الوطني المكاني الشامل لدولة فلسطين والذي نسعى فيه لترسيخ دعائم الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، والمساهمة
في الحد من استعمار وابتلاع الأرض الفلسطينية وبذل الجهود الممكنة لتسريع استثمار الأراضي المستهدفة والعمل على بلورة برامج لتمكين الشعب الفلسطيني على أرضه وتعزيز صمودهم.



مما لا شك فيه بأن الاستيطان يحتاج لخطة شاملة ، وتضافر جهود كافة القطاعات وشراكة حقيقية ومتكاملة بين الحكومة و القطاع الخاص .

يساند هذه الشراكة على المستوى الشعبي خطة شاملة للمقاومة الشعبية في كافة مناطق الاشتباك مع الاحتلال وتحويل المقاومة الشعبية إلى ظاهرة عامة وتعزيز ثقافة مقاطعة منتجات
المتسوطنات خاصة ومنتجات الاحتلال كافة .

كذلك يجب على القطاع الخاص الفلسطيني تعزيز استثماراته في المناطق المستهدفة والغير مستهدفة لتوفير فرص للشباب تكون بديلا عن العمل في المستعمرات وبناء المستعمرات .إضافة لتعزيز الدعم والمساندة لحركة مقاطعة إسرائيل ( (BDS وإطلاق
مبادرات عالمية أخرى لمقاطعة المستعمرات والمنتجات التي نتجها .

وعلى المستوى القانوني لا بد من تعزيز الجهود المبذول لجر دولة الاحتلال إلى القضاء الدولي والمحلي على جريمته المستمرة منذ تأسيس "دولة إسرائيل"، وهذا الاستيطان المستمر هو نتاج لإعلان بلفور الصادر الذي انتهك حقوق الشعب الفلسطيني، وحرمه من حقوقه السياسية، ومن حقه في تقرير مصيره، كباقي شعوب الأرض، كما أسس هذا الإعلان للنظام الاستعماري الاحلالي في فلسطين، وأيضا كان بداية تحقيق حُلم الحركة الصهيونية بإقامة "الدولة اليهودية" على أرض فلسطين
التاريخية، وكنقطة ارتكاز لتجسيد "الدولة اليهودية" من النيل إلى الفرات.

نعم يجب محاكمة دولة الاحتلال ، واعتماد الخيار القانوني خيارا مكملا وأساسيا لباقي خيارات النضال الوطني الفلسطيني، وكلنا ثقة بأن الشعب الفلسطيني بكل قواه يقف مع هذا الموضوع المفصلي، الذي يحمل أهمية ليس فقط قانونية بل أيضا
أخلاقية لها أبعاد تتعلق بتصرفات الدول العظمى تجاه حقوق الشعوب التي تتوق للتحرر والاستقلال، نحن نؤمن بعدالة قضيتنا وبحق شعبنا في تقرير مصيره عبر كل الوسائل المشروعة له في القانون الدولي.

الاستيطان هو ليس فقط أحجار ومساكن يتم وضعها بشكل غير شرعي على الأرض الفلسطينية المحتلة، بل أيضا مستوطنون يقومون بأعمال ترهيب وقتل وجرائم أخرى موصوفه بالقانون، وهنا لا بد تحريك قضايا أمام القضاء الفلسطيني تخص انتهاكات
قام بها مستوطنون بحق مواطنين فلسطينيين استجابة لتصريح وزير العدل الفلسطيني الأخ الدكتور محمد الشلالدة. 

وستكون القرارات الصادرة عن القضاء الفلسطيني، بينة وأدلة جنائية، لرفعها أمام أي قضاء جنائي دولي آخر، إذا لم يقم الاحتلال الإسرائيلي باحترام تطبيق الأحكام، مما يفتح الباب القانوني على مصرعيه لمحاكمة ليس فقط المستوطنون كأفراد وإنما أيضا المؤسسات الإسرائيلية والصهيونية وأي جهة أخرى تدعم الاستيطان في الأرض الفلسطينية المحتلة، أمام
القضاء الدولي.

التوسع الاستعماري الإسرائيلي جريمة بكل ما تحمله الكلمة من معنى ، واستمراره بهذه الوتيرة يعني بأن فرص السلام أصبحت شبه معدومة وصمتنا الدائم اتجاه سرقة أرضنا ومقدراتنا يعني بأننا نقبل سياسة الأمر الواقع ونخضع لمبدأ حق القوة ونتجاهل مبدأ قوة الحق، وهذه ثقافة لطالما رفضها الشعب الفلسطيني وعليه أن يستمر برفضها والانطلاق برؤية وخطة شاملة لوقف المد الاستعماري وتجريم دولة الاحتلال الاسرائيلي وقطعان المستعمرين على جرائمهم وانتهاكاتهم .