فيدرالية اليسار الديمقراطي: واقع التجربة، في أفق الاندماج.....4
تاريخ النشر : 2020-11-21
فيدرالية اليسار الديمقراطي: واقع التجربة، في أفق الاندماج.....4


بقلم - محمد الحنفي

إلــــــــــــــــــى:

ــ مناضلي اليسار المناضل، الذي لم يتلوث بالريع المخزني، لا من قريب، ولا من بعيد.


ــ كل أعضاء الهيأة التنفيذية الذين أخذوا على عاتقهم إنجاح تجربة فيدرالية اليسار الديمقراطي، وصولا إلى محطة تشكيل الحزب الاشتراكي الكبير، كإطار لاندماج مكونات فيدرالية السار الديمقراطي.


ــ إلى كل أعضاء الهيأة التقريرية، نظرا لدورهم في الحرص على السير بتأن، في اتجاه الوصول إلى محطة الاندماج، على أسس علمية دقيقة، ومن أجل الحرص على تحقيق الأهداف المرحلية / الإستراتيجية، المتمثلة في التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية.

 
إلى العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، باعتبارهم المستفيدين من عمل اليسار بصفة عامة، وعمل مكونات فيدرالية اليسار الديمقراطي، وسيكونون مستفيدين من عمل الحزب الاشتركي الكبير، بعد تحقق الاندماج المأمول، على أسس صحيحة.


ــ من أجل العمل الدؤوب، على تحقيق التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية.

ــ من أجل بناء الدولة الوطنية الديمقراطية العلمانية الاشتراكية، بعد القضاء على الاستعباد، والاستبداد، والاستغلال.

محمد الحنفي

التحالف انطلاقا من برنامج محدد، ومن أجل الالتزام بقضايا محددة:

وقبل قيام فيدرالية اليسار الديمقراطي، قام تحالف بين الأحزاب اليسارية الثلاثة، وكان هدف هذه الأحزاب الثلاثة من التحالف، هو العمل بشكل مشترك، في المحطات الانتخابية، الجماعية، والبرلمانية، ومن منطلق العمل على مواجهة الممارسات المسيئة إلى العملية الانتخابية، على أساس أن المشاركة في الانتخابات، لا تهدف إلا إلى الحصول على المقاعد الانتخابية، بقدر ما تهدف إلى النضال من أجل انتخابات حرة، ونزيهة، بهدف بناء ديمقراطية حقيقية، على جميع المستويات، الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، بما في ذلك إجراء انتخابات حرة، ونزيهة، جماعية، أو برلمانية، أو مهنية، أو عمالية، لا وجود فيها إلا لبرامج الأحزاب الانتخابية، على مستوى الجماعات الترابية، وعلى مستوى البرلمان بغرفتيه، حتى يتأتى للناخبين الاهتمام بالأفكار، لا بالأشخاص.


فالاهتمام بالأفكار، اهتمام بالأيديولوجية المعبرة عن مصالح معينة، والاهتمام بالبرامج الحزبية المطروحة للنقاش، والوصول إلى تحديد البرنامج الأصلح، حتى يتقرر التصويت عليه، وصولا إلى فرز أشخاص معينين، يخلصون في عملهم الجماعي، أو في عملهم الوطني، من أجل تطور، وتطوير الجماعات الترابية، حتى تستجيب لحماية سكان الجماعات الترابية. واهتمام من هذا النوع، يمكن الناخبين من الاختيار الحر، والنزيه، الذي يعطي تصورا بأن الانتخابات صارت حرة، ونزيهة.

 
أما عندما ينحصر الاهتمام بالأشخاص، وما يتوفرون عليه من إمكانيات مادية، فإنه يجر إلى تسييد بيع الضمائر، وتسييد التزوير، وإقامة الولائم، وازدهار السمسرة في ضمائر الناخبين، وتأصيلا للفساد الإداري، وجعل الفساد السياسي، هو التمكن في الحياة، جملة، وتفصيلا. وهو ما يعطي انطباعا بأن الانتخابات غير حرة، وغير نزيهة.

والفساد الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، عندما يمتد إلى الانتخابات، من أجل إفسادها. وإفساد الانتخابات معناه: إفساد الحياة الجماعية على مستوى كل الجماعات الترابية، وعلى مستوى البرلمان، لنسجل بتسييد الفساد الإداري، والسياسي، أن أي انتخابات فاسدة، لا تقدم المغرب، بقدر ما تجعله يتراجع يتراجع إلى الوراء؛ لأن العقلية المتخلفة لا تنتج إلا التخلف، على جميع المستويات.

 
وإذا أضفنا إلى الفساد الإداري، والسياسي، الذي يسود في الانتخابات، ما يمكن تسميته بتعمد الإفساد الديني، الذي تمارسه الأحزاب المسماة دينية، والتي تربط الدين بالسياسة، بجعل الدين مسيسا، أو بجعل السياسة متدينة، فإن القيم الاجتماعية النبيلة، التي تستند إلى الدين، فاسدة، ويصير الدين وسيلة للوصول إلى الحكم، وإلى مخزنة المؤسسات المنتخبة، كالجماعات الترابية، والبرلمان، بغرفتيه: مجلس النواب، ومجلس المستشارين.

وربط الدين بالسياسة، أو ربط السياسة بالدين، غالبا ما يكون مصحوبا بالهجوم على العاملين، الذين يصير تكفيرهم مباحا، بالنسبة لكل منتم إلى الأحزاب الدينية، أو الأحزاب، والتوجهات التي تفرض وصايتها على الدين الإسلامي.


والفساد عندما يمتد إلى القيم، التي يكتسبها الناس عن طريق إيمانهم بالدين الإسلامي، يكون قد بلغ مبلغه، بجعل المتدين يعطي لنفسه الحق، بالنيل من المنتمين إلى الأحزاب التي ليست دينية، فيصبح التصويت قائما على أن هذا المرشح مومن، وهذا المرشح كافر، وعندما يصبح التصويت قائما على أساس: هذا مومن، وهذا كافر، فإن المصيبة العظمى قد عمت، لتصير الانتخابات مرتبطة بعذاب القبر، وبيوم القيامة، وغير ذلك، مما يعتمد عليه المنتمون إلى الأحزاب المؤدلجة للدين الإسلامي.


ولذلك فالتحالف اليساري، الذي انعقد قبل تأسيس فيدرالية اليسار الديمقراطي، لم يستطع الوصول إلى نيل أي مقعد انتخابي، في مجلس النواب، وبما ناله التحالف في انتخابات الجماعات الترابية، لا يتجاوز العشرات، التي لا تستطيع تمكين التحالف من الوصول إلى مجلس المستشارين، نظرا لسيادة الفساد السياسي، والإداري، وما يمكن تسميته بالفساد الديني، إلى أن أوصل الناهبين الجدد، الذين يبالغون في عملية النهب، كما أثبتت الظروف ذلك. وهو ما يعني أن على أحزاب التحالف، المكونة حاليا لفيدرالية اليسار الديمقراطي، أن تربط بين محاربة الفساد، بما فيه الفساد الديني، الذي يجب أن يضاف إلى الفساد الإداري والسياسي، وبين حرية ونزاهة الانتخابات.

بناء وتقوية فيدرالية اليسار الديمقراطي:

وإذا كان التحالف بين الأحزاب الثلاثة، وبعد نقاش عميق، وطويل، أفضى إلى الإعلان عن تأسيس فيدرالية اليسار الديمقراطي، فإن فيدرالية اليسار الديمقراطي، التي تعتبر مرحلة ما بعد التحالف بين الأحزاب اليسارية الثلاثة: حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، والحزب الاشتراكي الموحد، وحزب المؤتمر الوطني الاتحادي، وما قبل الاندماج في الحزب اليساري الكبير، الذي يقتضي من الأحزاب اليسارية الثلاثة، إنضاج الشروط المفضية إلى الاندماج، والتي تتمثل في:

1) تقوية الأحزاب الثلاثة: أيديولوجيا، وتنظيميا، وسياسيا، معينة، لأن الحزب لا يكون إلا طبقيا، والحزب الطبقي، هو المعبر عن مصالح الطبقة التي يحمل أيديولوجيتها، والأحزاب اليسارية الثلاثة، لا يمكن أن تحمل إلا أيديولوجية العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، وإلا، فإنها تحمل أيديولوجية البورجوازية الصغرى. وإذا كان الأمر كذلك، فإن الاندماج لا يعني في عمق الممارسة السياسية، إلا إقبار يسارية الأحزاب الثلاثة، التي يصبح أعضاؤها منشغلين بتحقيق التطلعات الطبقية، التي نعرف جميعا، إلى أين تذهب، من أجل أن تصير تطلعاتها الطبقية متحققة اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا.

وتقوية الحزب أيديولوجيا، وتنظيميا، وسياسيا، يفرض:

أولا: استيعاب القوانين العلمية: المادية الجدلية، والمادية التاريخية، سعيا إلى امتلاك القدرة على توظيف تلك القوانين، في التحليل الملموس، للواقع الملموس، محليا، وإقليميا، وجهويا، ووطنيا، حسب تواجد تنظيمات الأحزاب الثلاثة، حتى تدرك الأحزاب الثلاثة: كيف تتعامل مع الواقع الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، في أفق تطويره، وفي أفق تمكينه من التطور الذاتي، سعيا إلى تغييره تغييرا جذريا، من أجل أن يصير في خدمة العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين.

ثانيا: ضبط التنظيم الحزبي، انطلاقا من القوانين الأساسية، والداخلية، من أجل جعل المحاسبة الفردية، والجماعية، والنقد، والنقد الذاتي سائدين في كل حزب، بالإضافة إلى تتبع الممارسة الفردية، والجماعية، من قبل التنظيمات المحلية، والإقليمية، والجهوية، والوطنية،  سعيا إلى بناء كل حزب بناء قويا، يجعله قادرا على المساهمة في بناء فيدرالية اليسار الديمقراطي.

ثالثا: أن تصير المواقف السياسية، لكل حزب على حدة، قادرة على المواجهة بين الأحزاب اليسارية، الحاملة لأيديولوجية الكادحين، وبين الأحزاب المعبرة عن مصالح المستغلين، وسائر المستفيدين من الاستغلال المادي، والمعنوي، بقيادة الحكم، الذي يحميها من اليسار، ومن الكادحين، بممارسة القمع الهمجي، وضرب الممارسة الديمقراطية في العمق، والصمود في وجه التحالف البورجوازي / الإقطاعي المتخلف، وفي مواجهة التحالف البورجوازي الإقطاعي المتخلف، وفي مواجهة التحالف مع الحكم، في أفق ضرب ذلك التحالف، وتفكيكه، سعيا إلى جعل الكادحين يشقون طريقهم في اتجاه تحقيق أهداف اليسار المسطرة.

2) وحتى تصير الأحزاب الثلاثة، مساهمة من منطلق قوتها، في فيدرالية اليسار الديمقراطي، وفي قوتها، وفي بناء تنظيماتها، وفية لإشراك قواعدها المحلية، والإقليمية، والجهوية، والوطنية، في عملية البناء. نرى ضرورة:

أولا: العمل عللى إنضاج الشرط الأيديولوجي، عن طريق فتح حوار واسع بين التنظيمات اليسارية الثلاثة، حول الصيغة الأيديولوجية، التي يمكن أن تعبر عن المشترك الأيديولوجي، بين التنظيمات اليسارية الثلاث. وهذا النقاش، يجري بين مختلف المستويات التنظيمية الثلاثة، حتى تكون هناك مساهمة واسعة في النقاش الأيديولوجي، الذي تتأسس عليه أيديولوجية، تعتمد في قيام الحزب المندمج، الذي تتأسس عليه أيديولوجية، تعتمد في قيام الحزب المندمج، الذي لا يمكن أن يقوم بدون أيديولوجية، لأن الحزب المندمج، بدون أيديولوجية، هو حزب ميت. وإذا كان على أساس الاقتناع بالاشتراكية العلمية، ونظرا للاختلاف القائم بين الأحزاب اليسارية الثلاثن فإن فتح الحوار الواسع، يهدف إلى الوقوف على ما هو مشترك، بين الأحزاب اليسارية الثلاثة، حتى يصير منطلقا لتطوير أيديولوجية الحزب المندمج، إلي يصير مكتملا بأيديولوجيته التي تؤهل مناضليه، من أجل امتلاك تصور تنظيمي رائد، انطلاقا مما هو وطني، في أفق المحلي، والإقليمي، والجهوي.

ثانيا: العمل على إنضاج الشرط التنظيمي، الذي يترجم إلى أي حد يلزم المناضلون بالأيديولوجية، وإلى أي حد هم مخلصون لما يقتنعون به، على جميع المستويات التنظيمية، لأن الإخلاص لأيديولوجية اليسار، المتبلورة عبر النقاشات الواسعة، التي أنتجت، أو تنتج أيديولوجية مشتركة، معبرة عن العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، بشكل، أو بآخر، سعى إلى جعل الواقع الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي.

وإنضاج الشروط القائمة على جميع المستويات التنظيمية، يعتبر مساهمة فعالة ،في جعل التنظيم الفيدرالي يأخذ مجراه، في اتجاه بناء فيدرالية اليسار الديمقراطي أولا، وصيرورتها قوية بقوة مكوناتها، وقوة مكوناتها في قوتها ثانيا، من أجل إنضاج الشرط التنظيمي، في أفق الاندماج في الحزب اليساري، أو الاشتراكي الكبير. ولكن إذا لم تكن التنظيمات اليسارية الثلاثة قوية، فإن الإعلان عن اندماجها، لا يمكن أن ينتج إلا حزبا يساريا ضعيفا؛ لأن الضعف لا يمكن أن ينتج إلا الضعف، والقوة لا تولد إلا القوة، ولا يمكن أن ننتج بالأحزاب الضعيفة إلا الضعف، كما انه لا يمكن أن ننتج بالأحزاب اليسارية القوية، إلا حزبا يساريا كبيرا.

ثالثا: العمل على إنضاج الشرط السياسي، الذي تتبلور فيه مواقف الأحزاب الثلاثة، من مختلف القضايا الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، انطلاقا من الأرضية التي تمت المصادقة عليها، قبل تأسيس فيدرالية اليسار الديمقراطي، في إطار الهيئات التقريرية للأحزاب الثلاثة.

والعمل على إيجاد قاسم مشترك، سياسي، يقتضي من العمل على تطوير أرضية فيدرالية اليسار الديمقراطي، بالإضافة إلى فتح نقاش واسع، حول مختلف القضايا السياسية، ذات البعد الاقتصادي، أو البعد الاجتماعي، أو البعد الثقافي، أو البعد السياسي الصرف، من أجل إيجاد أرضية مشتركة، تشمل كل القضايا السياسية، بأبعادها المختلفة، في أفق اعتبار الأرضية المشتركة، أرضية سياسية، لقيام الحزب اليساري الكبير، أو كما تمت تسميته.

وبذلك، نجد أن القوة الأيديولوجية المتبلورة في المشترك الأيديولوجي، والقوة التنظيمية، المتبلورة في التصور المشترك التنظيمي، والقوة السياسية المتبلورة في المشترك السياسي، هي قوة ضرورية، وتاريخية، لقيام الحزب المندمج أيديولوجيا، وسياسيا، وتنظيميا، والتفرغ إلى بناء علاقات الحزب المندمج، مع الجماهير الشعبية الواسعة، في أفق تثبيت عمل يهدف إلى إيجاد حزام جماهيري واسع، بعد اندماج الأحزمة الجماهيرية الثلاثة، التي تقوم على أسس أيديولوجية، وتنظيمية، وسياسية.


وبناء، وتقوية فيدرالية اليسار الديمقراطي، ما هو إلا استعداد متعدد الأوجه، وصولا إلى قيام الحزب المندمج، كهدف مرحلي، ليتفرغ الحزب إلى ما هو أكبر من ذلك.