حوار مع د. محمد فتحي عبد العال اجراه استاذ ابو الحسن الجمال
تاريخ النشر : 2020-11-21
حوار مع د. محمد فتحي عبد العال اجراه استاذ ابو الحسن الجمال


حوار/ أبو الحسن الجمال
 الدكتور محمد فتحي عبد العال أديب شاب دخل ميدان الأدب من الإبداع والتاريخ الذي كتب بعض فصوله كأنه قصص ذات سرد متقن، وفي نفس الوقت هو صيدلي  شغل بعض الوظائف منها رئيس قسم الجودة بالهيئة العامة للتأمين الصحي فرع الشرقية بمصر سابقا، وقد حصل على درجه الماجستير في الكيمياء الحيوية جامعة الزقازيق، وعلى دبلوم "الميكروبيولوجيا" التطبيقية جامعة الزقازيق.




التقيناه ودار بيننا حوار حول رحلته مع الكتابة وقدوته في هذا المجال، وكيف وفق بين تخصصه الرفيع وبين إشباع هوايته في عالم الفكر والإبداع، وكيف تطرق لفلسفة التاريخ من خلال كتابه الأخير "مرآة التاريخ"، وعن تناوله لجائحة كرونا في كتابه "جائحة العصر" وموضوعات أخرى سوف نتطرق إليها في حوارنا التالي:  
- متى بدأت رحلتك مع الكتابة ومن قدوتك في هذا المجال؟
   بدأت الكتابة منذ المرحلة الاعدادية، وكانت بدايات النشر لي في مجلة "علاء الدين"؛ التي تصدر عن مؤسسة الأهرام، وفي المرحلة الجامعية كنت عضواً في النادي الأدبي والجمعية العلمية بكلية الصيدلة، ثم بعد ذلك عملت كاتباً غير متفرغ بالعديد من الصحف والمجلات العربية. وقدوتي في المجال الأدبي الدكتور طه حسين فقد كنت شغوفاً جداً بمطالعة كتبه خاصة ما يرتبط بالدين، أما في الجمع بين العلم والأدب فقدوتي الدكتور أحمد مستجير والدكتور منير الجنزوري.


-كيف وفقت بين عملك وميولك الأدبية؟
  اعتدت أن أجمع بين عملي كصيدلي ومسؤول إدارة جودة ومخاطر وبين الكتابة، فوقت فراغي على الرغم من كونه محدود إلا أني انصرف فيه للمطالعة والبحث والكتابة.. وتتنوع كتاباتي بين المقالات الأدبية الممزوجة بالعلم وبين القصص القصيرة والروايات، وصدر لي كتاب "تأملات بين العلم والدين والحضارة"، في جزئين، وكتاب "مرآة التاريخ"، وكتاب "جائحة العصر"، والمجموعة القصصية "في فلك الحكايات"، ورواية "خريف الأندلس"، إضافة إلى العديد من الدراسات بالمجلات والكتب العلمية المحكمة.

- في التاريخ فلسفة ومنهاج؟ أوضح من خلال كتابك الأخير؟   يبقى التاريخ مرآة للإنسان فعلي صفحته يقرأ ماضيه ويترجم حاضره ومن عبره يستلهم مستقبله، ولأن الإنسان كائن أخلاقي يحتضن في أعماقه قوة خفيه هي الضمير تراقب دوافعه وتكبح غرائزه، فلا غرو أن يكون الفكر الأخلاقي هو أقدم الأفكار الإنسانية لا ينافسه في قدمه سوى الفكر الديني الذي هو قديم قدم الإنسان ذاته ومن رحم الفكرين خرج التاريخ . إن التاريخ هو رحلة الإنسان المستمرة مع الزمن عبر محطات ومشاهد متلاحقة تصنع من الأحداث نافذة على الأخلاق، وموقف الإنسان منها قرباً وبعداً وصعوداً وهبوطاً لذا فصناعة المستقبل تبدأ من استقراء التاريخ، وإعادة بناء الإنسان تبعاً لدروسه وأحكامه، وحتى يصبح التاريخ مرآة صادقة فلابد وأن يكتب كما هو بحلوه ومره دون تمييز أو انتقائية. 


وفي سبيل تحقيق هذه الغايات يتناول الكتاب عدداً من الدراسات حول علاقة الأخلاق بحركة التأريخ وعلاقة التاريخ بالنهوض بالإنسان والمجتمع وعلاج قضاياه وعلاقة التاريخ بالشعر فضلاً عن عدد من المقالات الأخرى التي تقدم صوراً من التاريخ القديم والمعاصر، ويتألف الكتاب من عشرة فصول هي: الراوي والوالي - مذكرات راهب مسلم - العقد المقدس - سيدة غانا الأولى - صاحب القلب الرحيم - دستور الأخلاق - شريعة الغاب - المتنبي الوجه الآخر - مأساة ابن المقفع - جزاء الإحسان.


- كيف تفاعلت مع جائحة كرونا فكرياً وأدبياً؟
    بحكم عملي كصيدلي في هذا الوقت بمدينة الرياض كانت المخاطر قريبة للغاية، فكان واجبي تقديم الدعم الثقافي المجتمعي طوال الوقت وبشكل دائم سواء من خلال التعامل المباشر مع المرضى أو عبر مقالات أسبوعية بصحف: "الوسط"، و"صوت الأحرار" بالجزائر، و"الأهرام المسائي" بمصر وغيرها، وفي أوساط الجاليات العربية بالخارج عبر صحيفتي "صوت بلادي" بالولايات المتحدة، و"أيام كندية" بكندا ولقاءات صحفية مع صحف "الوفد"، و"النبأ" في مصر، و"صدى المستقبل" بليبيا.




كما قدمت عدداً من الأوراق البحثية حول الخيارات العلاجية (لكوفيد 19) والآثار الصحية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي صاحبت الجائحة نشر منها حتى الآن مقالتي البحثية: جائحة (كوفيد-19) خيارات علاجية بالكتاب الجماعي: الأمن الصحي كأحد مهددات الأمن القومي والمجتمعي العالمي الصادر عن المركز الديموقراطي العربي ببرلين بألمانيا والذي يقع في 800 صفحة ويضم عدداً كبيراً من الباحثين والأكاديميين حول العالم . كما فاز كتابي "جائحة العصر" بالمركز الأول فرع الدراسات والأبحاث كأفضل إصدار لعام 2020 بمناسبة احتفالات مؤسسة النيل والفرات للطبع والنشر والتوزيع. 




يتضمن الكتاب قسماً في شكل أسئلة وأجوبة لكل ما يخص جائحة العصر (كوفيد 19) من تعليمات ونصائح وقائية وفق أحدث الدراسات وتصريحات منظمة الصحة العالمية ومركز منع الأمراض والوقاية منها الأمريكي حتى تاريخ صدور الكتاب في أغسطس الماضي، كما يتضمن الكتاب مجموعة من المقالات التي تغطي ما يحيط بالجائحة دينياً والاعجاز الديني فيما يخص أساليب الوقاية والحجر الصحي، والتي سبق بها ديننا الحنيف العلم بقرون وكذلك تاريخ الاوبئة وكيف تعاملت البشرية معها على مدار التاريخ فضلاً عن الحديث عن أداة صوغ قانون الحياة التي فازت بجائزة نوبل مؤخراً أو تقنية (كرسبر) كمستقبل محتمل لنهاية الفيروسات التاجية ولا يخلو الكتاب من الحديث عن الدراسات الدوائية الدائرة حول إيجاد علاج لهذا الفيروس المخيف واستعراض لأهم التجارب العالمية لإيجاد لقاح له. 

وسوف يكون الكتاب حاضر بمعرض القاهرة الدولي للكتاب 2021 بمشيئة الله تعالى، كما اعتزم تقديم كتابي "فنتازيا الجائحة" والذي يتضمن كل ما أحاط بالجائحة من طرائف تتخطى حاجز العقل والمنطق ببلدان العالم المختلفة والكتاب لازال قيد الطبع.

-هل يساهم  الأدب في إزالة الأوبئة والجوائح مثله مثل العلم؟

    يسهم الأدب كمشروع أدبي مجتمعي في فترة الجوائح والاوبئة في استثمار فترات البقاء الطويل في المنزل مع أوقات الحظر والحجر الصحيين في تقديم مواهب أدبية جديدة عبر سبر أغوار النفس وإطلاق العنان للتعبير عن الذات والمشاعر المختلجة والتوثيق الأدبي الإلكتروني عبر وسائل التواصل الاجتماعي، مما يسهل في التفاعل المجتمعي عن بعد ويثري المشهد الثقافي بأفكار جديدة ومختلفة. 

كما يتضح دور الحصاد الأدبي في فترات الاوبئة والجوائح كوصفة للعلاج الأخلاقي لأمراض المجتمع ففي رواية (العمى) للروائي البرتغالي "جوزيه ساراماغو" كان تسليط الضوء على الدرس الأخلاقي لوباء غامض يصيب أهل مدينة بالعمى بقول الكاتب على لسان زوجة الطبيب: (لا أعتقد اننا عمينا بل إننا بشر عميان يستطيعون أن يروا إلا أنهم لا يرون) في رمزية لهشاشة الأخلاق والمبادئ الإنسانية وغيابها في كثير من الأحيان.