طلبة فلسطين المغتربون بقلم: ريتا أبو سيدو
تاريخ النشر : 2020-11-12
طلبة فلسطين المغتربون بقلم: ريتا أبو سيدو


ريتا أبو سيدو

الوحدة العربية شعارًا رفعه الضباط الأحرار عاليًا وانتهجه زعيم الأمة الرئيس جمال عبد الناصر دُعي على ضوئه الفلسطينين المقيمين في قطاع غزة للدراسة والعمل والتملك في مصر، على ان يعاملوا معاملة المواطنين المصريّن.

منذ هذه الحقبة التاريخية المجيدة ارتبط، أبناء غزة بمصر بمدارسها وجامعتها ومؤسساتها الثقافية والعلمية.

على مدى سنوات طويلة عاصرنا وسمعنا قصص النجاح المتوارثة عن طلاب فلسطينين اكملوا تعليمهم الأكاديمي في جمهورية مصر العربية فيكاد لا يوجد عائلة خالية من عم او خال او اخ درس في جامعات مصر و لكن شتان بين البارحة و اليوم.

بعد ظهور نتائج الثانوية العامة وتذوق طعم النجاح المبهج، يفرض الطموح نفسه ليدفع الناجحين الى التطلع لمستقبل افضل ومستوى تعليم عالٍ لأخذ مكانة مرموقة بعد التخرج ولكن ما الذي يدفع طلاب قطاع غزة لمغادرته لتلقي التعليم في جامعات خارجية رغم وجود الجامعات داخل القطاع، و رغم صعوبة و مشاق وتعقيدات السفر.

السبب الدفين الذي نخشى جميعًا ان نصرح به سبب استقر في الفكر والوجدان على مدى سنوات طويلة من تراكمات الكبت وقمع الحريات نعم ..يغادرون بحثًا عن الحرية قبل التعليم.

على أي حال دائمًا كان هناك ما يخشاه الأهل على أبناءهم المغتربين والعكس صحيح نتيجة ما يتعرض له الوطن من كوراث بفعل الإحتلال، ولكن هذه المرة الكارثة عامة وعالمية خلقت حالة من الفوضى في كل مناحي الحياة.

أتيحت لي الفرصة للالتقاء مع العديد من أبناء الوطن المغتربين من الجنسين المتواجدين في جامعات جمهورية مصرالعربية، الكثير من الأفكار و الآراء و الهموم وللحديث شجون، كان لي لقاء مع طالبة كلية الإعلام بجامعة الأهرام الكندية كارما علاء تقول:" إنه لمن الصعب حقًا أن أوضح ما أشعر به بكلمات خاصة فيما يتعلق بموضوع غربتي بعيدًا عن الأهل، وذلك لأضمن لنفسي مستقبلاً واعدًا، وها أنا أدفع ضريبة وراء الأخرى لأحلامي التي هي بالأساس حق من حقوقي".

وتقول الطالبة كارما: "قد خضت التجربة بشكل مباشر مع بعض أفراد عائلتي اللذين يسكنون حي الصبرة (الثلاثيني)في غزة بعد أن جاءني الخبر بإغلاقها وتصنيفها كبؤرة موبوءة-نال مني الفكر إلى أن زاد على ذلك خبر إصابة فرد منهم وحجر البقية، للتأكد إذا ما قد تمت إصابتهم أم لا، وتكدست على رأسي المخاوف، كنت أُتابع معهم وأراسلهم متى أُتيحت لي الفرصة، والخوف يأكل في قلبي ومع ظل إنقطاع الكهرباء كان ينقطع عني حديثهم مدة طويلة فينال مني القلق إذا ما كان قد حدث لأحدهم مكروه، ونُقل لي مؤخرًا خبر شفاء المُصاب بعد تلقيه العلاج لمدة لا تقل عن عشرون يومًا في مستشفيات قطاع غزة المحدودة الإمكانيات وفك الحجر عن البقية مع الأخذ بأساليب الوقاية".

من جانب أخر قال طالب الدراسات العليا (الماجستير) عبد اللطيف أبو زكري: "لا يخفى على أحد انتشار فايروس كورونا الذي اجتاح العالم بشكل عام ولكن كان أثره على المغتربين أقوى و أشد خطورة خوفاً على أنفسهم وخوفًا على ذويهم في ظل الأوضاع التي يعيشها قطاع غزة من عدم توفر أدنى مقومات الحياة وقطع كهرباء وإجراءات عقابية على الرواتب و حصار على قطاع غزة وعدم توفر مقومات الوقاية، ينتابك شعور الخوف على نفسك وعلى أهلك في وقت واحد وأنت تواجه غربتك و تحمل على عاتقك مسوؤلية دراستك و نجاحك وقلبك عند أهلك وأكبر شيء يُمكنك عمله ان تطمئن عليهم بمكالمة هاتفية من خلال الإنترنت
ويصف الطالب أبو زكري هذه الأيام انها صعبة وقد تجاوزناها بالصبر والثبات والإلتزام بالإجراءات الوقائية والحجر المنزلي الذي كان في وقته ثلاث شهور متتالية، بعد الخروج من المنزل وذلك بعد إتباع القرارات التي صدرت بجمهورية مصر العربية وبالنهاية نحمد الله على كل شيء و نأمل أن تمر الأزمة بسلام".

وفيما قالت طالبة الطب بجامعة القاهرة هديل صيام : "لقد اجتاحت عقلي الأسئلة بـماذا لو أُصبت وأنا هنا لا أهل، لا أقرباء أو هل سأحتمل هولَ ما أعيشه وحيدة بعيدةً عنهم، فـ إلتزمت البيت وأعتزلت الناس ومثلي كـ مثل باقي الطلاب منذٌ بداية الجائحة أتلقى تعليمي إلكترونيًا وأحاول أن أبقى بصحة دائمًا ليس لأجلي فقط بل لأجل ما قد يشعر به أهلي إذ ما أصابني مكروه وأنا بعيدة وهم عاجزون عن مساعدتي".

أما الفئة التي تحفظت على الحديث و اكتفوا بالدردشة فكان همهم أثقل من المعتاد فبجانب كل القلق السابق زادتهم الأزمة المالية هم فوق همهم حيث أن الكثيرين منهم انقطعت مصروفاتهم الشهرية التي كانوا يتلقونها من الأهل فكفلوا  بعضهم البعض تجمعوا بعد عجزهم عن سداد إيجار شققهم ضمن مجموعات يسكنون شقة واحدة و ما زالت الازمة مستمرة.