لجان الإصلاح بحاجة إلى إصلاح بقلم: علي موسى دبابش
تاريخ النشر : 2020-10-15
لجان الإصلاح بحاجة إلى إصلاح بقلم: علي موسى دبابش


لجان الإصلاح بحاجة إلى إصلاح
بقلم / علي موسى دبابش

   يحكي أن أخوينِ متحابين كثيراً يعيشان في توافق تام في مزرعتهما، يزرعان معاً ويحصدان معاً، وفي يوم من الأيام حدث خلاف بينهما واحتد النقاش ثم تبعه صمت أليم استمر عدة أسابيع.
وذات يوم طرق شخص باب الأخ الأكبر بحثاً عن عمل فأجابه الأخ الأكبر بالإيجاب وأخبره بوجود حجارة قرب منزله وأنه يرغب في بناء سور عالٍ يقسم المزرعة انتقاماً من أخيه الأصغر الذي أساء إليه، فأجابه العامل بأنه قد فهم الوضع، فوفر له الأخ الأكبر الأدوات اللازمة، ثم سافر تاركاً إياه يعمل. وعند عودته من السفر وجد مفاجأة بانتظاره، فبدلاً من بناء سور بنى العامل جسراً !
وفي تلك اللحظة خرج الأخ الأصغر مسرعاً صوب أخيه قائلاً له يا لك من أخ رائع تبني جسراً بيننا رغم كل ما بدر منى، ثم عانق أخيه واعتذر منه وتم الصلح بينهما، وبينما كان الأخوان يحتفلان بالصلح، أخذ العامل يجمع أدواته استعداداً للرحيل، فطلب منه الأخوان البقاء معهما، فأجاب بأنه يرغب في البقاء لكنه ذاهبٌ لبناء جسورٍ أخرى.

   لقد وعد الله الذين يبنون جسور المحبة بين الناس بالأجر العظيم إذا فعلوه ابتغاء مرضاته، قال تعالى: "لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضات الله فسوف نؤتيه أجراً عظيما" (النساء 114)، وسأل سيد الخلق صلى الله عليه وسلم أصحابه مرة فقال لهم: "ألا أخبركم بأفضل من درجه الصيام والصلاة والصدقة" قالوا: "بلا" فقال صلى الله عليه وسلم: "إصلاح ذات البين".

إن إصلاح ذات البين هو السياج الواقي لمجتمعنا ، والدرع الحصين لوحدته ، وفساد ما بين الناس هو الضياع والتشرذم والتفرق ولذلك على المصلح بين الناس أن يستحضر النية الصالحة وأن يلتزم العدل والتقوى في الإصلاح، و أن يتحلى بالصبر وسعة الصدر وأن يحافظ على أسرار الناس، والتلطف مع الناس واختيار أحسن الكلام مخاطباً قلوب و مشاعر الناس ، وأن يتمتع بالثقافة العامة والمعرفة بالتقاليد والعادات القديمة ، فمجتمعنا الفلسطيني هو مجتمع عشائري قبلي تحكمه بدرجة أولى العادات والتقاليد ، فدور المخاتير ولجان الإصلاح هو دور تكميلي للقانون، ففي قطاعنا الحبيب كل الاحترام والتقدير لرجال الإصلاح المخلصين من أبناء شعبنا ذوي الأهداف النبيلة، لكن نجد بعض المتطفلين من ضعاف النفوس الذين أخذوا من الصلح سبيلاً للتكسب والارتزاق يسيرون في طريق الدجل والغش واللف والدوران يتسترون بعباءة الإصلاح يستغلون حاجة وعوز الناس لا يتحرون العدل في إصلاحهم ويصلحون صلحاً جائراً ظالماً فيقلبون الحق إلى باطل . وهم كثر في مجتمعنا الفلسطيني خاصة في قطاع غزة.

   "إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل".

   أتمنى بوضع آلية لتنظيم العلاقة بين العادات والتقاليد والشرع في حل القضايا المختلف عليها.

   كما أتمنى وأطالب بتوحيد عمل لجان الإصلاح وأن يكونوا بمعزل عن السياسة وبقيادة واحدة متفق عليها بانتخابات نزيهة بدلاً من رجال إصلاح تابعة لرابطة علماء فلسطين تابعة لحركة حماس ، وهيئة شؤون العشائر تابعة لحركة فتح، وهيئة التواصل الجماهيري والإصلاح تابعة للجهاد الإسلامي.

فعلاً لجان الإصلاح بحاجة الى إصلاح