تسميم الأفكار وتغيير المفاهيم.. اشتباك منهجي وفكري وقيمي بقلم: ممتاز مرتجى
تاريخ النشر : 2020-10-15
تسميم الأفكار وتغيير المفاهيم.. اشتباك منهجي وفكري وقيمي بقلم: ممتاز مرتجى


تسميم الافكار وتغيير المفاهيم...اشتباك منهجي وفكري وقيمي..
ممتاز مرتجى

في اطار الحرب المستمرة والمتواصلة بين الشعب الفلسطيني وفصائله المقاومة والاحتلال الاسرائيلي يتجدد الاشتباك ،فتارة يكون عسكري وتارة يكون منهجي وفكري،اما الاشتباك العسكري فهو بين مدّ وجزر ،ويكلف الاحتلال كثيرا رغم عدم تكافؤ مستوى وحجم القوة آلا ان تأثير الفعل المقاوم غالبا ما يكون موجعا ومكلفا للاحتلال لذلك لا يفتأ الاحتلال وعبر ادواته المخابراتية واجهزته الامنية والته العسكرية عن ملاحقة المجاهدين بشكل خاص وعن ملاحقة الشعب الفلسطيني وانهاكه وتدميره قيميا وفكريا واجتماعيا بشكل عام ويلاحق قيادات الشعب الفلسطيني ومجاهديه خارج فلسطين في لبنان وسوريا والامارات واوروبا وفي كل مكان من العالم لذلك فإن قيادة الحركات المجاهدة ليست مرفهة ولا تعيش في الفنادق كما اشار القائد المجاهد زياد النخالة في حديثه عبر الفضائيات امس السبت 18/7/2020 الساعة التاسعة مساءا.

وعندما يهدأ الاشتباك العسكري، لا يهدأ الاشتباك السياسي والفكري والمنهجي فيلجأ الاحتلال الى حرب الاستنزاف النفسي والفكري والمنهجي والأمني ويسخر كل امكاناته الأمنية والتكنولوجية والمعلوماتية لإفساد الانسان الفلسطيني والعقل الفلسطيني ويحاول جاهدا النيل من فصائل المقاومة من خلال اختراقها او زجّ ودفع عملاء لمتابعتها ومراقبتها وجمع معلومات عنها لاستهدافها وضربها عندما تدعو الحاجة لذلك, نجد ان التثقيف الامني والتربية الامنية هي من اهم برامج الفصائل المقاومة لحماية ابنائها ومجاهديها من اخطار الاسقاط الامني والعقلي والقيمي. ومن اهم الاساليب التي ينتهجها الاحتلال في حربه ما يلي:

اولا: استغلال الظروف الاجتماعية لبعض الفلسطينيين خصوصا الذين يحتاجون الى عمل ووظائف فتارة من خلال المساومة على ذلك وتارة من خلال الاعلانات الوهمية الممولة والتي راح ضحيتها البعض ومنهم من يحمل شهادات في الاعلام ،اذ يتم ايهامهم بأنهم يقومون بعمل اعلامي ليجد الشخص نفسه في نهاية المطاف امام ضابط مخابرات اسرائيلي، ولقد كتبت مقالا حول هذا الموضوع بعنوان " الاعلانات الوهمية الممولة والاستهداف الأمني".

ثانيا: اثارة الخلافات والنعرات الحزبية والفصائلية والعشائرية والقبلية وتزكيتها بإثارة الضغائن استغلال المواقف والاحداث والثغرات لأحداث اشتباك داخلي يستنزف الجهد الفلسطيني وكثيرا ما وُجد ان من وراء هذه الاشتباكات عملاء عملوا على اشعال نارها، ومن اخطر الاساليب التي اتبعتها الاداة الامنية الاحتلالية هو تغيير فكرة مقاومة العمالة الى فكرة الثأر، بمعنى ان العملاء الذين قامت فصائل المقاومة بتصفيتهم، خصوصا في فترة الانتفاضة الاولى عام 1987 هم قتلى وليسوا عملاء، وبالتالي اثارة دوافع الثأر في نفوس ذويهم، وهذا امر لا يجب ان يفتح فيه الباب لأن له اول وليس له آخر، كما ان هناك جهاز قضائي وجهات تنظيمية من شأنها متابعة مثل هذه القضايا بعيدا عن الفلتان والهوجائية يذهب بالمجتمع المدني الى مجتمع جاهلي متخلف، واذكر ان حركة الجهاد الاسلامي حققت في موضوع شبهة مقتل شخصين على تهمة عمالة اثناء التحقيق معهما في السجون الاسرائيلية وتوفيا اثناء التحقيق، واصدر الدكتور فتحي الشقاقي رحمه الله امرا بتشكيل لجنة والتحقيق في الامر، وازالة لأي لبس اصدرت اللجنة امرا بصرف دية لذوي هذين الشخصين، ومن المهم ذكره ان الدكتور المجاهد وليد القططي عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الاسلامي كتب مقالا مهما جدا حول هذا الموضوع بعنوان " الثأر"، من الضروري قراءته والرجوع اليه.

ثالثا: اثارة الاشاعات خصوصا حول التنظيمات والفصائل وقياداتها واعضاءها ونشاطاتها لإشغال المجتمع الفلسطيني بنفسه لذلك يقال اذا انت لم تشغل عدوك بنفسه اشغلك بنفسك ومن هذه الاشاعات ايضا اكاذيب تثار حول المنح والرواتب واعلانات عن وظائف وهمية يتم من خلالها استغلال الشباب والفتيات محدودي الخبرة الامنية، ومن هذه الاشاعات ايضا ما اثير حول تقديم مساعدات لمن يتقدم لزوجات شهداء بقيمة 2000 الى 3000 $ ،وهذا هراء وخبث يراد منه الاستهزاء والاستخفاف بالشهداء وزوجاتهم ، وهذا لا يليق بمكانة الشهداء وضرورة صون زوجاتهم وعائلاتهم. ان مثل هذه الاشاعات تضعف الحس النضالي والجهادي لدى المجاهدين وهم يرون هذه الطريقة المهينة لزوجات الشهداء، ومن قال ان زوجات الشهداء سيتزوجن بهذه الطريقة ان اردن الزواج؟ ومن قال ان زوجات الشهداء يسرن ويركضن امام شهواتهن؟!، وكأن الحياة بالنسبة لهن شهوة ومتعة، وهناك الاف الزوجات حافظن على ذكرى ازواجهن وعشن لتربية اطفالهن، ومنهن من تزوجن بأشقاء ازواجهن لأن ذلك افضل لأبنائهن ولهن.

ان استهداف الاحتلال للنسيج الاجتماعي الفلسطيني لا يتوقف مع توقف الاشتباك العسكري، فهي حرب مستمرة ربما يحقق فيها الاحتلال كعدو للشعب الفلسطيني ما لم يستطع تحقيقه عبر الاشتباك العسكري، ومن هنا يجب اخذ كل اساليب الحيطة والحذر امام هكذا اساليب، وعلى الجهات الحكومية والفصائلية والعشائرية ان تنسق على كل المستويات للوقوف امام هذه المحاولات، ومن الغريب ان الجامعات الفلسطينية والتي تدرّس تاريخ وجغرافية فلسطين في مساقاتها المنهجية لم تقرر حتى اليوم مساقات حول التربية الامنية واخطار وسائل التواصل الاجتماعي والانترنت، فيما يتهاون البعض منها في مسألة الاختلاط بين الجنسين بسبب التنافس فيما بينها، الامر الذي ينتج عنه مفاسد اجتماعية كبيرة.

من هنا نجد انه من الضروري الاتفاق على ميثاق فلسطيني داخلي على مستوى حكومي وفصائلي وعشائري يضبط الحالة الاجتماعية ويضرب على يد كل من يحاول اثارة القلائل والاشاعات ،او يحاول ان يثير الفلتان الامني ويدمر النسيج الاجتماعي الداخلي.