سيدة الأرض بقلم: نبيل عبد الرازق
تاريخ النشر : 2020-10-15
سيدة الأرض  بقلم: نبيل عبد الرازق


الصحفي / نبيل عبد الرازق

من الصعب أن تجتمع جغرافيا وتضاريس ومناخ كوكب الأرض في مكان صغير كما هو الحال في فلسطين .
الجبال والوديان ، البحر والنهر، الصحراء والغابات، السهول والمرتفعات، المطر والجفاف، الثلج والحر، الرطوبة والاعتدال، نعم هذه العناصر هي مكون الحياة في فلسطين ، جبال الخليل وجبال الجليل ، نهر الاردن ونهر اليرموك ونهر الحاصباني
، سهل مرج بن عامر وسهل بيسان، ساحل البحر المتوسط والبحر الميت والبحر الاحمر، بحيرة طبريا، صحراء النقب والاغوار ،وادي القلط ووادي الباذان .

تضاريس الارض تختزلها سيدة الارض.... فلسطين.. ارض الرسالات...ارض الانبياء... حاضنة التاريخ.
وكما وصفها رمز ثقافتنا ..محمود درويش..أم البدايات ، أم النهايات.

إن هذا التنوع والاختلاف في المناخ والتضاريس هو من اهم سمات الحياة علي هذا الكوكب.
كذلك الاختلاف بين البشر في المفاهيم والثقافة والوعي والمعتقد هو من سنن الحياة.

ولكن ان يتحول هذا الاختلاف الي خلاف فهنا تبدأ الأزمات ومن الممكن أن تتطور الي صراعات .
واذا ما اردنا ان نري ذلك واقعا فلننظر ! كيف انتهي بنا المطاف
الي ما نحن فيه من فرقة وتشرذم وكراهية وفقر وحالة من التيه. هذا لأننا لم نتقبل ولم نحترم ثقافة الاختلاف فتحول بنا الحال الي الخلاف والصراع وهو ما ندفع ثمنه الأن بوصول الجميع الي طريق مسدود.

ان هذا المشهد التراجيدي لا يليق بسيدة الارض، وكذلك يفقدنا الكثير من الاحترام والثقة من القريب قبل البعيد.
لننظر الي الخلف قليلا وبالتحديد زمن الانتفاضة الاولي كيف كانت حالة الترابط والود والمحبة ووحدة الحال وهو ما جعل من المجتمع الفلسطيني في حينه جسدا واحدا وجلب تعاطفا قويا من العالم اجمع مع الكفاح الشعبي واظهر بشاعة الاحتلال ومنح القيادة السياسية للشعب الفلسطيني أوراق قوة كانت في أمس
الحاجة لها لتفتح افاقا جديدة نحو تحقيق الهدف.

من هنا يجب العمل بقوة علي الحفاظ علي حرية وكرامة الانسان الفلسطيني ليستطيع الصمود والبقاء في وجه الطغاه.
لطالما عمل الاحتلال علي إبعاد أبناء الشعب الفلسطيني عن بعضهم البعض وأذكر في العام 1989 اثناء اعتقالي اداريا في معتقل ( كتسيعوت ) بالنقب كيف كانت الادارة العسكرية الاسرائيلية تفصل بين المعتقلين من قطاع غزة وإخوانهم
من الضفة الغربيةً والعمل علي عدم وجودهم مع بعض في نفس القسم حتي تضمن عدما تواصلهم وخلق فجوة فيما بينهم،
ونري كيف عمد الاحتلال علي فصل قطاع غزة عن الضفة الغربية وكيف فصل الضفة الغربية عن القدس وكيف فصل الجميع عن مدننا وأهلنا في الجليل والساحل والمثلث والنقب ، إذا هي حرب ضد الانسان للفوز بالمكان...

لقد كانت هذه سياسة الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة ولا زالت حتي يومنا هذا من خلال العمل بكل قوة علي إبقاء حالة الانقسام والحفاظ عليها بأي ثمن، لانها تعلم جيدا ان قوة الشعب الفلسطيني وقيادته السياسية في وحدتهم وان هذه الوحده هي من تمهد الطريق للعمل المشترك في مواجه المحتل.
انتصارا منا لتضحيات شعبنا عبر مسيرة طويلة من الكفاح والنضال ضد المشروع الصهيوني في فلسطين ... لنعيد لفلسطين وجهها المشرق من خلال اعادة اللحمة لابناء الوطن الواحد والتأكيد علي ما خطه شاعرنا الكبير ذات يوم... كانت تسمي فلسطين ... صارت تسمي فلسطين.
شكرا درويش