كيف نحد من انتشار الشائعات؟ بقلم: تسنيم صعابنة
تاريخ النشر : 2020-10-15
كيف نحد من انتشار الشائعات؟
كتبت: تسنيم صعابنة
"الإشاعة: يصنعها عدو حاقد، ويتلقفها منافق فاسق، وينشرها غر جاهل".
يميل الناس إلى تصديق الأخبار التي توافق آمالهم ورغباتهم والتي تكون مثيرة للغاية، وبالحقيقة قد تكون هذه الأخبار تلامس شيئاً بدواخلهم، سواء كانت صادقة أو مكذوبة، المهم لديه أنها تشبع رغبات لديهم، وتشفي شيئاً يريدونه، لذلك نسمع كثيراً من الشائعات التي تنتشر بين الناس ويتم تداولها.
الشائعات لم تولد اليوم أو الأمس، وإنما وجدت منذ عقود طويلة، ولا تقتصر على مجتمع دون غيره فهي تنتشر في كل المجتمعات دون استثناء، لكن هناك مجتمعات واعية ومثقفة، تهتم بالحقيقة وتعمل على إثبات صحتها، ومجتمعات متخلفة تحتل الصحف الصفراء جزء كبير من حياتها وتجد قبولاً أكبر من غيرها، رغم احتوائها على عدد من الأنباء الغير دقيقة والمفبركة.

تعد ظاهرة ترويج الشائعات من أكثر الإشكاليات التي يعاني منها المجتمع في الوقت الحاضر، لما لها من آثار مدمرة سياسياً، واقتصادياً، واجتماعياً.
"وتؤدي الشائعة دوراً كبيراً في التأثير على معنويات الشعب، وإن اختلفت درجة تأثيرها تبعاً لنوعها والدوافع التي تكمن خلفها، فمن شأن شائعات الخوف مثلاً إشاعة عدم الثقة في جدوى المجهودات العسكرية، وبالتالي الترويج للروح الانهزامية، وإثارة الذعر والرعب بين المواطنين، أما شائعات الأماني فتؤدي إلى هدوء الناس. "
يميل الناس إلى تزييف الحقائق أو إخفاء أجزاء منها، وضعف المصداقية في الأخبار والتصريحات المعلنة، ورغبة الناس في معرفة المزيد من الأخبار والمعلومات وانفتاح شهيتهم لارتياد رؤى مجهولة أكثر فأكثر، يدفعهم إلى ترويج الإشاعات.
وللإعلام دور لا يتجزأ في قتل الشائعة أو ترويجها، حيث أنه من الضروري أن يراعي الإعلام عامل الدقة في الخبر، ويقدمه على عامل الأسبقية، وأن يكون هناك أنظمة تحاسب على كل التجاوزات.
وأيضاً لوسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة دور كبير في الحد من انتشار الشائعة، فهي مُطالبة بالتريث عند تلقيها أي خبر أو معلومة أو حدث، وألا تتسرع في نشرها بذريعة السبق الصحافي، والسرعة في نقل المعلومة، وهي مطالبة كذلك بعدم اللهاث وراء وسائل الاتصال الاجتماعي للحصول على الأخبار منها، لما في ذلك من خطورة إحداث بلبلة وفوضى في المجتمع، لا تحمد عاقبتها.
أما بالنسبة إلى قادة الرأي، فلم يعد قادة الرأي تقتصر على المدونون، والكتاب، والمعلمين....الخ، وإنما أصبح هناك مؤثرون في شبكات التواصل الاجتماعي، ينتشرون على قنوات اليوتيوب، والسناب شات، والفيسبوك، والتويتر، والإنستغرام....الخ، فالواجب أن تقدم المصداقية لديهم على مبدأ زيادة المتابعين أو مضاعفة عدد الزيارات للموقع الإلكتروني.

ويجب أن يكون المستقبل للخبر (المتلقي)، هو المساهم الأول في قتل هذه الشائعات، وأن يعرف كيف يفرق بين الشائعة والحقيقة، وكيف يتعامل مع الأنباء الكاذبة التي تنتشر بين الناس، وأن لا يصدق كل ما يراه أو يسمعه، خاصة في هذه الأيام التي أصبحت فيها وسائل التواصل الاجتماعي تتفوق على كل شيء.
ويمكن القول أن عدم وجود قوانين صارمة وضوابط تُعاقب ناشري الشائعات، يدفعهم هذا إلى الاستمرار في نشر الشائعات وبالتالي مرورها إلى أكبر عدد ممكن، بالإضافة إلى عدم اهتمام المواقع الإخبارية والمؤسسات الصحافية بأخلاقيات العمل الصحفي، وهذا كله يؤدي على مزيد من الشائعات.
وبما أننا نعيش مع عشرات وربما مئات المعلومات المغلوطة بشكل يومي، بتنا بحاجة ماسة إلى تأسيس مراكز تابعة لجهات رسمية تكافح الشائعات وتحد منها، فشح المعلومات أو انعدامها حول موضوع ما، قد يكون من أهم الأسباب لانتشار الأكاذيب والشائعات.

لا تحارب الشر بالشر
لا تحارب الشر بالشر،،،،،،، قد يكون من المغري إحباط شائعة عن طريق إصدار شائعة أخرى، وبالتالي لن تكون أفضل من الشخص التي أصدر الشائعة.
والشائعات قديمة جداً منذ القدم، حتى في زمن الرسول محمد علية السلام كانت هناك شائعات، "ومن أشنع الإشاعات التي أطلقت في زمن النبوة حادثة الإفك، تلك الحادثة التي اختلقها المنافقون؛ ابن سلول وأتباعه، وراجت على بعض المسلمين فنقلوها دون تثبت، حتى سرت في المجتمع كله، فهزت مجتمع المدينة شهراً كاملاً.. وكانت من أشق التجارب في حياة المسلمين. لم يُمكر بالمسلمين مكر أشد من تلك الإشاعة المختلقة الكاذبة، ولولا عناية الله لكادت أن تعصف بالأخضر واليابس بعد أن مكث المجتمع المسلم يصطلي بنارها شهراً كاملاً، حتى نزل الوحي ليضع حداً لتلك المأساة وليكون درساً تربوياً هائلاً لذلك المجتمع ولكل مجتمع يأتي بعدُ إلى يوم القيامة." (إسلام ويب)

"ويمكن القول أن منهج الإسلام، قرآنا وسنة، هو النهي عن القيل والقال كما في الحديث: {إن الله ينهاكم عن قيل وقال وكثرة السؤال}، والنهي عن التخمين وسوء الظن كما قال سبحانه {قتل الخراصون} والنهي عن عدم التثبت والمسارعة إلى نقل الأخبار دون تمحيص، قال سبحانه: {إن يتبعون إلا الظن وإن الظن لا يغني من الحق شيئا}، وقال: {وما يتبع أكثرهم إلا ظناَ}.
(إسلام ويب)