التظاهرات المضادة للعنصرية في الولايات المتحدة الأمريكية بقلم: د. كاظم ناصر
تاريخ النشر : 2020-09-26
التظاهرات المضادة للعنصرية في الولايات المتحدة الأمريكية بقلم: د. كاظم ناصر


تم تعريف العنصرية حسب الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري على إنها أي تمييز أو استثناء أو تقييد أو تفضيل يقوم على أساس العرق أو اللون أو النسب أو الأصل القومي أو الاثني، ويستهدف أو يستتبع تعطيل أو عرقلة الاعتراف بحقوق الإنسان والحريات الأساسية، أو التمتع بها وممارستها على قدم المساواة في الميدان السياسي، أو الاقتصادي، أو الاجتماعي، أو الثقافي، أو في أي ميدان آخر من ميادين الحياة العامة.
لكن العنصرية القائمة على اللون، وتحديدا المفرقة بين البيض والسود بصورة خاصة، وبين البيض والأعراق الأخرى المكونة للنسيج الاجتماعي الأمريكي، ما زالت تمارس في الولايات المتحدة الأمريكية التي تدّعي بانها الحامي للديموقراطية والحرية والمساواة بين المواطنين وحماية حقوقهم؛ وتفاقمت منذ فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية عام 2016، وأدت إلى تظاهرات واحتجاجات أعقبت مقتل الأمريكي من أصول إفريقية جورج فلويد في 25/ 5/ 2020، وتحولت إلى حركة مناهضة للعنصرية تطالب بتحقيق العدالة الاجتماعية وإصلاح الشرطة، أدّت إلى اشتباكات بين المتظاهرين وأفراد الشرطة، وتسبّبت في مقتل عدد من المحتجين واعتقال الآلاف، وإلى مواجهات بين العنصريين البيض المتطرفين المؤيدين لترامب وسياساته والمعارضين، وشهدت العديد من المدن الأمريكية احتجاجات من بينها مدن رئيسية كنيويورك، شيكاغو، لوس انجلوس، فيلادلفيا، أتلانتا، سان فرانسيسكو، بوسطن، ناشفيل، بورتلاند، وسياتل، ولويس فيل، وغيرها كشفت عمق هذه الممارسات، وأظهرت الحاجة الملحة الى إحداث إصلاحات تجنب البلاد من الانزلاق في مواجهات مسلحة تهدد أمنها ووحدتها واستقرارها.
والسؤال الذي يطرح نفسه هو هل ستؤدي هذه التظاهرات والاحتجاجات ضد العنصرية الأمريكية إلى نتائج إيجابية أم سلبية؟ من الصعب الإجابة على هذا السؤال قبل ظهور نتائج الانتخابات الرئاسية التي ستجرى في الأسبوع الأول من شهر نوفمبر القادم؛ هناك احتمالان: الأول يتمثل في فوز ترامب في الانتخابات وبقائه في البيت الأبيض حتى نهاية عام 2024؛ في هذه الحالة من المتوقع أن تزداد حدة التفرقة العنصرية، وتزداد الخلافات وأعمال العنف في المجتمع الأمريكي مما سيؤدي الى تفاقم الأزمة والتأثير سلبا على وحدة وتماسك المجتمع والاقتصاد الأمريكي، وعلى مكانة الولايات المتحدة وتأثيرها الدولي.
والاحتمال الآخر يتمثل في فوز جو بايدن في الانتخابات؛ فعلى الرغم من أن الرجل تنقصه الكاريزما، إلا انه أكثر خبرة سياسية وثقافة ومعرفة بالشؤون الدولية من ترامب؛ ولهذا فإنه من المتوقع ان ينتهج سياسات محلية متوازنة معتدلة تساهم في تهدئة الوضع من خلال تشريعات وإجراءات تحد من نفوذ العنصريين البيض، وتساوي في الحقوق والواجبات بين جميع المواطنين الأمريكيين؛ أما على الصعيد الدولي فسيجد نفسه في مأزق بسب الدمار الذي الحقه سلفه بسمعة ومصداقية ومكانة الولايات المتحدة؛ ولهذا فإنه من المتوقع أن تنتهج إدارته سياسة قائمة على مراعاة مصالح الآخرين السياسية والاقتصادية، وتعيد عضوية الولايات المتحدة إلى المنظمات الدولية التي انسحبت منها إدارة ترامب، وإلى الاتفاق النووي مع إيران، .. وقد .. تنتهج سياسة أكثر توازنا في تعاملها مع الفلسطينيين ونزاعات الشرق الأوسط والعالم!