عولمة عصريّة و عذابات قهريّة بقلم: حسين أحمد سليم
تاريخ النشر : 2020-09-25
عولمة عصريّة و عذابات قهريّة بقلم: حسين أحمد سليم


عولمة عصريّة و عذابات قهريّة

بقلم: حسين أحمد سليم
باحث و مهندس فنّان تشكيلي عربي من لبنان

في زمن الأوجاع التّاريخيّة , يأتي الفرح الجغرافيّ حزيناً , يرسم لوحة الآلام العصريّة , على بيادر الأحلام البشريّة , و رؤى الآمال الإنسانيّة , في خيالات الطّموح المستقبليّ , و الدّموع تنهمر حيرى , غزيرة تترقرق , تنساب فوق الآهات , تشكّل في حكاياتها , معالم الصّباحات , و مظاهر المساءات , في زمن العولمة ...

الهمسات الحرّى , من جوف الصّدر , تبعث الدّفء أحيانا , من حدود المياه إلى حدود المياه ... تحرِّض الحنين الدّافق , فوق أضرحة البدايات الحزينة , تدخل أبواب الذّكرى الأليمة , بلا مقدّمات ديبلوماسيّة , و الذّكريات المريرة حبلى , بأشلاء النّهايات الرّميمة , و البقايا الباقية , تتلاصق سرّاً و قهرا , في كنهها الدّفين , خلف الحجابات المفتعلة , رغم القهر من المحيط إلى الخليج ...

في زمن العذاباتْ المفروضة علينا , كرهاً أم طوعاً , بإسم شرعة الأمم , و قوانين الغاب في مجلس الأمن ... في كنه تلك الأشياء " الخنفشاريّة " , تسود سكينة الصّمت العصريّ , و الأحاسيس سكرى في آلامها , و الحروف ثملى في أوجاعها , ترسم الحلم الوهم , في رحاب اللامحدود الممتدّ , من وحي رؤى الذّكريات الباقيات , و بقايا التّراث الأنقاض , و معالم الرّحيل القاسي , و مظاهر الإرتحال الأقسى ...

إلى هناك ... عند أعتاب الزّمن القاهر , و الفعل أسرار غافية في عولمة الأشياء , في حركة اللاوعي العربيّ , تراود امتدادات الفضاءات , عند شواطئ الغروب الأخير , تشكّل معالم الليل , في حدس حندس الأفكار , في بدء المساءات الكئيبة , على ذمّة الأفلاك تنجيما و تبريجا , نغوص طوعاً إراديّا , في رؤيا الأساطير , و حكايا الجنّ , و روايات شهرزاد , على مسمع شهريار ... و الليل الطّويل يطول أكثر , في عباءته الرّماديّة اللون , يدثّر كلّ الإمتدادات , من المحيط إلى الخليج ...

في حركة الزّمان الرّحويّة , يقتحم المكان قهرا زورا و بهتانا , و يغتصب المكان و يدنّس بإسم الحقوق الإنسانيّة , و نرحل و نرتحل في البيداء التي تضيع بسالكيها , و نكره على الإرتحال في دروب الضّباب ... نهيم على وجوهنا في صحاري الحضارة الموهومة , نحاكي خيالات السّراب , و الرّؤى التي نحاكي خيالات , من وحيها , نهمس ... نتمتم ... نئنّ في أذن الأحلام , قصص المآسي التّاريخيّة , و حكايات النّهايات الجغرافيّة , على ذمّة شرعة العولمة في الألف الثّالث ...

في أعماقنا جراحات تاريخيّة لم و لن تلتئم , في حنايانا آلام جغرافيّة تبرّحنا لم و لن تستكين أبدًا ... بقايا من مخلّفات أوهام حضارة العصر , تتبارى فيها الأشياء إلكترونيّا , في ضجيج آليّ , و عجيج صناعيّ , ثورة تبكي الخوف , تندب الفزع , في غمار الأمنيات ... في زمن عولمة العذابات ...