التطبيع وإسرائيل الكبرى بقلم: نادر خميس الترك
تاريخ النشر : 2020-09-23
التطبيع وإسرائيل الكبرى بقلم: نادر خميس الترك


إسرائيل أقيمت على كذبة بأن أرض فلسطين أرضا بلا شعب لشعب بلا أرض، ثم بدأت عملية نسج الأساطير بأنها أرض الأجداد وارض الميعاد وهي الأرض التي وعدنا بها الله.

وتمادى الصهاينة في إدعاءاتهم بأنه كان لهم في فلسطين تاريخ وحضارة، وأنه كان لهم فيها دول أقيمت وهدمت، رغم أنهم أتوا إلى فلسطين بدو رحل في عهد الحضارة الكنعانية الفينيقية فعبدوا آلهة فلسطين وتكلموا لغة شعبها، واذا عدنا لروايات دولهم المزعومة فسنجد أنها وحسب روايتهم لم تستمر أكثر من سبعين أو ثمانين سنة!!!! السؤال هنا ما قيمة سبعين أو ثمانين سنة لتواجد أو سيطرة مهاجرين من بدو رحل في تاريخ دولة وأرض حضارتها المعروفة تزيد عن عشرة آلاف سنة؟!

وان كانت سبعين أو ثمانين سنة طارئة تؤسس إلى حق تاريخي كما يدعي الصهاينة وتسقط الحق التاريخي لآلاف السنين من الحياة والحضارة، فهل ينطبق ذلك على حالات أخرى مثل تواجد المسلمين في أوروبا عموما وأسبانيا خصوصا لمئات السنين؟ وهل ينطبق على حالات أخرى أيضا؟

للاسف لم ينجح العرب حتى اللحظة بإقامة الوحدة العربية مثلما فعل الاتحاد الأوروبي، ويبدو أن هنالك مخطط صهيوأمريكي آخر لتحقيق الوحدة العربية بإقامة إسرائيل الكبرى من المحيط الثائر إلى الخليج الهادر تحت حكم الصهاينة وتحويل أمتنا العربية إلى لاجئين في أوروبا وأمريكا.

يبدو أن كل ما هو مطلوب لانجاح هذا المشروع هو كسر فلسطين والشعب الفلسطيني، وان يعلن الفلسطينيون هزيمتهم وإستسلامهم وخضوعهم للمشروع الصهيوأمريكي ويسلموا إرادتهم بالكامل إلى الولايات المتحدة الأمريكية وزعيمها ترامب كوشنر، حيث تفرط بذلك حبة العقد الأولى لتتساقط باقي الحبات الواحدة تلو الأخرى.

وأعتقد أن الأساطير الصهيونية جاهزة لدعم الحق التاريخي لليهود في دولنا العربية، ابتداء من أنهم خرجوا من مصر مع النبي موسى عليه السلام هربا من بطش الفراعنة، وإدعائهم بأنهم هم من بنوا الأهرامات، وسيقولون أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم أخرج أجدادهم من المملكة السعودية عندما طرد بنو القنينقاع وبنو النضير ويهود خيير من المدينة المنورة، وسيقولون أيضا أنهم بالأمس القريب فقط هجروا من باقي الدول العربية مثل العراق وسوريا ومصر والمغرب وليبيا غيرها من دولنا العربية الحبيبة وأن لهم املاك هناك يريدونها أو سيطالبون بحق العودة لأملاكهم وتعويضهم عن الضرر الذي حدث لهم نتيجة إبعادهم عنها، وربما يطالبون بتعويضا آخر عن استغلالها والاستفادة والانتفاع منها طوال السنوات الماضية.

كما يبدو أن هناك مخطط صهيوأمريكي لطمس حق اللاجئين الفلسطينيين بالعودة والتعويض، مقابل إعلاء حق ما قد يسموه اللاجيء اليهودي، وتجسد ذلك بتصريح الرئيس ترامب بأن اللاجئين الفلسطينيين في العالم لا يزيد عددهم عن ثلاثون ألفا وهو على ما يبدو عدد الفلسطينيين الذين هجروا عام 1948 وما زالوا على قيد الحياة مع إنكار جائر لحق أولادهم وأحفادهم بالعودة والتعويض، ولاحقا أيضا قرار الرئيس ترامب بوقف الدعم الأمريكي لوكالة غوث وإغاثة اللاجئين الفلسطينيين " الأونروا".

فهل جاء التطبيع في هذا السياق لإضعاف الدعم العربي للشعب الفلسطيني، وتركه وحيدا في المعركة مما يسهل هزيمته وهزيمة الأمة العربية جمعاء لاحقا.

نستذكر هنا أن الشعار القائل بأن فلسطين قضية العرب الأولى ليس شعار فقط، بل تجسيد فهم وإدراك عميق لما سبق، لأن فلسطين هي خط الدفاع الأول عن أمتنا ودولنا العربية.

وعندما انطلقت الثورة الفلسطينية أطلقت شعارا يعكس وعيا وإدراكا مبكرا لأبعاد الصراع مع الصهاينة وهو : تحرير فلسطين طريق الوحدة العربية... والوحدة العربية طريق تحرير فلسطين، لم يكن ذلك شعارا فقط بل كان تجسيدا للواقع أننا خط الدفاع الأول وما زلنا نجاهد مع شرفاء أمتنا حتى لا يكون خط الدفاع الأخير .

وقد كانت قمة الوعي بخطورة الصراع مع الصهاينة تتجسد في الشعار الذي رفعه الرئيس الجزائري هواري بومدين *نحن مع فلسطين ظالمة ومظلومة* والذي تحول إلى شعار وممارسة للشعب الجزائري الشقيق نلمسه قولا وفعلا من الكبير والصغير، وآمل أن يتحول إلى شعار وممارسة للأمة العربية حيث يتم التركيز من خلاله على الصراع الرئيس وهو المطامع الصهيونية .

وأختم بمقولة الرئيس المصري جمال عبد الناصر للشهيد الخالد ياسر عرفات : الثورة الفلسطينية وجدت لتبقى، فرد عليه ابا عمار وتنتصر.... وإنها ثورة حتى النصر

حمى الله وطننا فلسطين وشعبنا المرابط، وحمى الله جميع شعوبنا ودولنا العربية والإسلامية.