تقييم مستوى الالتزام بحالة الطوارئ والإجراءات الوقائية الخاصة بجائحة كورونا
تاريخ النشر : 2020-09-23
تقييم مستوى الالتزام بحالة الطوارئ والإجراءات الوقائية الخاصة بجائحة كورونا


د حكمت المصري.

في قطاع غزة البالغ مساحته حوالي ٣٦٥ كيلو متر مربع والذي يعتبر الأكثر كثافة سكانية على مستوى العالم حيث عدد سكانه تجاوز الاثنين مليون ومائه وخمسون ألف ، وبعد فرض حظر التجوال منذ اكثر من شهر بسبب تفشي انتشار فايروس كورونا فقد كان لابد من تقييم الواقع المعاش للاستفادة منه خصوصاً بعد اجراءات تخفيف الحظر التي أتُخذت مؤخراً ، فحسب ما ورد في إحصائيات وزارة الصحة الفلسطينية بغزة فإن عدد الحالات المؤكدة المصابة بفايروس كورونا بلغ 2280منذ اكتشاف أول
حالة من داخل المجتمع، مازال منها 1825 حالة نشطة تحت العناية الطبية في مستشفيات ومراكز العزل (مستشفيي غزة الأوروبي - الصداقة التركي - مركز ديرالبلح). وقد بلغ عدد حالات التعافي 439 حالة، في حين بلغ عدد حالات الوفاة من
داخل المجتمع 16 حالات وفاة.

أما فيما يتعلق برصد التجاوزات فقد كانت التجاوزات موجودة بشكل نسبي وتختلف من مكان الى مكان داخل القطاع المحاصر منذ اكثر من اربعة عشر عاماً وبما أن القاعدة تقول "الحق أحق ان يقال" فإننا جميعا كانت لدينا تجاوزات بشكل أو بأخر . وبما إنني من محافظة شمال غزة التي كانت احدي بؤر تفشي الفايروس بشكل لافت فقد كان هناك تجاوز واضحه من قبل:

· المخالطين: فقد أمتنع بعضهم عن الإبلاغ عن أنه كان مخالط.

· بعض أصحاب البقالة فقد كانوا يغلقون الأبواب الخارجية والمكان بالداخل مكتظ بالمواطنين .

· الباعة المتجولين على العربات ومنهم من سبب في أصابه ٢٧ شخص من عائله واحدة قبل أيام .

· الناس أنفسهم من خلال خروجهم بدون الالتزام بارتداء الكمامات .

· الأطفال الذين لم ينقطع تواجدهم في الشوارع بشكل مطلق بل يزداد خروجهم يوما بعد يوم خصوصاً في ظل إجراءات التخفيف .

· الرجال الذين كانوا يجتمعون على أبواب المنازل .

هذه التجاوزات كانت واضحه برغم فرض حظر التجوال من قبل الشرطة التي لم تتوانى لحظه في :

· التشديد على الناس بعدم الخروج من المنازل سواء بشكل مباشر أو من خلال مكبرات المساجد و مواقع التواصل الاجتماعي والإعلام بأنواعه.

· التواجد على المفارق والشوارع الرئيسية رغم الحر الشديد لمنع الناس ووسائل المرور المختلفة من التجول . .

· التجول في الأحياء السكنية ومتابعه التزام المحلات التجارية.

في بداية تفشي الفايروس كانت منطقة بيت لاهيا وجباليا أكثر المناطق في قطاع غزة بها اصابات لذلك تم التركيز على إجراء الفحوصات من تلك المناطق ونحن نعلم أن الإعداد محددة للفحص فلا يوجد داخل قطاع غزة سوي أربعه اجهزة فقط ، وقد كانت هناك مناشدات من بلدة بيت حانون وربما بسبب الضغط لم يتم إجراء الفحص في حينها حتى توفت سيدة من البلدية تعاني من مرض عضال وقد اصيبت الفايروس ومنذ ذاك الوقت حتى اللحظة فإن بؤرة تفشي الفايروس إنتقلت الى بلدة بيت حانون وتم
حجر عائلات بأكملها بسبب مخالطتهم للبعض . طبعا بالتأكيد لو تم اخذ جميع الإجراءات الوقائية من قبل الأهالى ستكون الأعداد أقل .

ختاماً يجب علينا الاستفادة من:

· تجارب الدول الأخرى خصوصا أن الفايروس انتشر مرة اخري بعد كسر بؤر التفشي وفي الدول العظمى مثل أمريكا، إيطاليا، البرازيل ،الهند ،بريطانيا وبعض الدول العربية.

· مستوى الإمكانيات لدينا ضئيل جدا فيما يتعلق والمستلزمات الطبية وأجهزة التنفس وأجهزة الفحص .

· لابد من استخدام أساليب أخرى لإرغام الشعب على الالتزام بالمنزل منها الغرامة المالية او الحبس في بعض الأحيان وهذه الخيارات مورست من قبل دول كثيرة عربية واجنبية .

· إستخدام جميع الوسائل الإعلامية لتوعية المواطنين بخطورة الفايروس خصوصا مع تغير الجو والطقس في هذه الأيام وهذا بدورة سيؤثر على زيادة الالتهابات الصدرية. .

· غياب دور العديد من مؤسسات المجتمع المدني التي تقدم المساعدات الطارئة أو من ناحية نشر الوعي بين أفراد المجتمع. .

· كان هناك دور رائع لبعض رجال الأعمال في بعض المناطق من خلال تقديم المساعدات الطارئة للأسر الفقيرة في مناطقهم خصوصاً المقيمين بالخارج .

· في مدينة بيت لاهيا على سبيل المثال تم تقديم نموذج رائع من خلال تشكيل لجنه من المجتمع المحلى لمكافحة تفشي الفايروس وهى لجنه مساندة للبلدية من الأكاديميين والأعيان والطواقم الطبية الغير عامله بالمستشفيات والإعلاميين والمثقفين، هذه اللجنة كان لها دور فاعل في توعيه المواطنين وتقديم الخدمات الطبية داخل المنازل خصوصا لكبار السن وتقديم الخدمات الاغاثية وتعقيم الشوارع ومنع المواطنين من الخروج من منازلهم ، وللعلم خلال الثلاث ايام السابقة بفضل الله لم تسجل حالات جديده من بيت لاهيا. لذلك يا حبذا لو تم تعميم هذا النموذج من خلال رؤساء البلديات .

لكن السؤال الاخير الذى سيبقي مطروحاً في ظل ما تم الحديث عنه سلفاً كيف سيتم تعزيز صمود الشعب من الناحية الاقتصادية بالدرجة الأولي في ظل الفقر المتفشي بالمجتمع ؟ فلا يعقل أن أطلب من رب الأسرة المكوث في منزله المكون مما لا يقل
عن خمس أفراد دون توفير المأكل والمشرب له كحد أدنى للعيش الكريم.