أصابع أمريكا تعبث من خلف الستار بقلم: خالد صادق
تاريخ النشر : 2020-09-22
أصابع أمريكا تعبث من خلف الستار بقلم: خالد صادق


أصابع أمريكا تعبث من خلف الستار
خالد صادق

في اعقاب الاختراق الخطير الذي احدثته الادارة الامريكية في جدار التطبيع العربي مع الكيان الصهيوني, بهدف فك عزلة "اسرائيل" في المنطقة وتمكينها من قيادة شرق اوسط جديد تهيمن عليه الادارة الامريكية وتتحكم به "اسرائيل", يسعى الرئيس الامريكي دونالد ترامب لإحداث اختراق في ملف الجنود الصهاينة الاسرى في قطاع غزة لدى المقاومة الفلسطينية وتحديدا حركة حماس, فأمريكا هل المحرك الرئيسي للوساطات والوفود التي تأتي لغزة للتفاوض حول الجنود الصهاينة "المفقودين", وقد جندت جهات عدة المانية ومصرية وقطرية وسويسرية وحتى تلك الروسية في محاولة لاحداث اختراق في ملف الجنود الاسرى لدى المقاومة, من شأنه ان يرفع كثيرا من اسهم ترامب ونتنياهو في الانتخابات الامريكية والاسرائيلية المقبلة, ولا تستبعد الادارة الامريكية أي وسيلة للوصول لمعلومات عن الجنود الصهاينة لدى حماس وهى تستخدم بالتوافق مع "اسرائيل" كل الوسائل التكنولوجية والاختراقات الامنية, والخداع والمراوغة, والاغراءات الغير مسبوقة للوسطاء, لأجل معرفة مصير الجنود واحداث اختراق في هذا الملف الشائك, ولولا قدرة حركة حماس الفائقة وخبراتها العالية في التعامل مع الوسطاء, وبقاء ملف الجنود الصهاينة في يد مجموعة محدودة جدا من قادة القسام لحدث اختراق في ملف الجنود لكن خبرة حماس كانت حاضرة دائما.

امريكا لا ترغب ان يظهر دورها في صفقة تبادل للجنود الصهاينة الاسرى لدى المقاومة لأنها لا ترغب ان تفاوض من اساسات ضعيفة, فهي لا تملك في يدها اوراق ضغط على حماس, وليس لديها معلومات عن الجنود, ولا تريد ان تظهر بانها تستجدي, لكن هناك تعاون اسرائيلي امريكي غير معلن في موضوع الجنود الاسرى, ولا يكاد ينقطع التواصل بين نتنياهو وترامب لايجاد حل مرضي للإسرائيل في هذا الملف الشائك, وقد استخدمت اسرائيل اوراق ضغط كثيرة للتأثير على موقف حماس في موضوع الجنود الصهاينة لديها, فبعد فشل العدوان العسكري على غزة, وفشل الحصار المفروض على القطاع منذ اربعة عشر عاما, وفشل سياسة احتجاز جثامين الشهداء الفلسطينيين للمقايضة عليهم, وفشل محاولات الاحتلال اخنطاف شخصيات قيادية فلسطينية لاستجلاب معلومات, لم يعد هناك بد من المساومة ومحاولة تخفيض سقف مطالب حماس, وكلما تحدث الوسطاء عن قرب التوصل الى صفقة تبادل, عادت "اسرائيل" وفق سياسة التسويف والمماطلة لإفشال الجهود والبدء بجولة اخرى من حيث انتهت الجولة الاخيرة, لعلها تحدث اختراقا اكبر, وتعددت الوفود الالمانية والروسية والسويسرية والمصرية والقطرية, مستخدمة سياسة الترغيب والترهيب لإقناع حماس بالاستجابة لشروط "اسرائيل" وكلا منهم يسعى لانتزاع تنازل لصالح "اسرائيل" في جولة التفاوض دون جدوى.

ترامب بعنجهيته وجبروته يظن انه يستطيع ان يفعل ما يشاء, ويعد نتنياهو بتحقيق كل احلامه طالما بقى على سدة الحكم في امريكا, ونتنياهو المأزوم يعاني من ضغوط داخلية, وتظاهرات واعتصامات لذوي الجنود الصهاينة امام بيته, وصور الجنود واسمائهم تكتب على اعمدة الانارة مطالبين بحريتهم, وهو يحاول ان يظهر للإسرائيليين انه يبذل جهودا مضنية لإطلاق سراح ابنائهم, وفي نفس الوقت لا يريد ان يتنازل خوفا من اليمين الصهيوني المتطرف, فاختار ان يدخل في جولات تفاوض متتالية دون ان يصل الى حل في موضوع الجنود الصهاينة لدى حماس, وهذا ما تحدثت عنه حماس بشكل واضح, وقالت ان نتنياهو يواصل الخداع لأسر الجنود الاسرى, رغم المرونة التي ابدتها حماس في هذا الملف الشائك, حيث كشفت مصادر أمنية مصرية لـ"العربي الجديد" أن المسؤولين في جهاز المخابرات العامة المصري تمكنوا من إحداث اختراق فيما يتعلق بموقف حركة "حماس" وإسرائيل الخاص بإتمام صفقة تبادل الأسرى، مشيرة إلى أن التحركات المصرية الأخيرة الخاصة بإتمام الصفقة تلقى دعماً كبيراً من جانب الإدارة الأميركية, لكن المرونة التي أبدتها حماس قوبلت بمراوغة إسرائيلية واضحة, وأن الأوضاع تُراوح مكانها، ولم يحدث أي اختراق حقيقي في ظل تعنّت الاحتلال ومراوغته بالادّعاء أن هناك خلافات داخلية على صعيد المستويين السياسي والأمني في "إسرائيل".

لا يجب ان نغفل الدور الامريكي الخطير في تحريك الوفود والوساطات لأجل الجنود الصهاينة, وان نتنبه لحالات الخداع التي تسوق لها الادارة الامريكية, ولنعلم جميعا ان الحصار على غزة لن يرفع طالما ان هناك بندقية ورصاصة ومسدس وصاروخ, وطالما ان هناك فصائل مقاومة فلسطينية مجاهدة, تسعى لتحرير فلسطين من نهرها الى بحرها, وتقاتل الاحتلال الجاثم فوق ارضنا, احذروا خداع " اسرائيل" وامريكا.