أُمُّنَا..اَلْغُولَةْ ..قِصَّةٌ..قَصِيرةْ
الشاعر والروائي/ محسن عبد المعطي محمد عبد ربه..شاعر العالم{شاعر المائتي معلقة}
أُمُّنَا اَلْغُولَةُ فِي الْأَسَاطِيرِ الْقَدِيمَةِ كَانَتْ تَقُولُ – لِمَنْ يُلْقِي عَلَيْهَا السَّلاَمَ -: لَوْلاَ سَلاَمُكَ سَبَقَ كَلاَمَكَ لَأَكَلْتُ لَحْمَكَ قَبْلَ عِظَامِكَ أَمَّا الْغُولَةُ فِي عَصْرِنَا الْحَدِيثِ فَهِيَ شَخْصِيَّةٌ جَهَنَّمِيَّةٌ ,مِنَ النَّارِ تَكَوَّنَتْ وَمِنْ سَعِيرِ الْحِقْدِ نَشَأَتْ عَيْنَاهَا تَلْتَهِبَانِ بِالشَّرَرِ وَتَسُنُّ أَسْنَانَهَا كَالسَّكَاكِينِ لِتَأْكُلَ الأَطْفَالَ الْأَبْرِيَاءَ دُونَ شَفَقَةٍ أَوْ رَحْمَةٍ ,تَجْلِسُ عَلَى (الْمَصْطَبَةَ) وَالطَّرْحَةُ عَلَى رَأْسِهَا ,وَالنَّظَّارَةُ عَلَى عَيْنَيْهَا ,تَلْمَحُ الْأَطْفَالَ وَهُمْ يَلْعَبُونَ فِي سَعَادَةٍ وَبَهْجَةٍ وَمَرَحٍ وَهَنَاءٍ ,فَيَسْتَعِرُ قَلْبُهَا بِالْغِلِّ وَالْحِقْدِ وَالْحَسَدِ وَالْغَيْرَةِ ,فَتَفْتَرِسُ الْأَطْفَالَ بِعَيْنَيْهَا , وَيَطْفَحُ قَلْبُهَا بِسِهَامِ الْخِيَانَةِ , وَتَرْتَقِبُ اللَّحْظَةَ الْمُنَاسِبَةَ ,فَتُطْلِقُ الْأَرْبَجِيهَاتِ وَالْأَعْيِرَةَ النَّارِيَّةَ الْمُهْلِكَةَ عَلَى الْأَطْفَالِ الْوَادِعِينَ ,فَتَلْهَجُ أَلْسِنَةُ الْأَطْفَالِ بِعِبَارَاتِ الاِسْتِعْطَافِ ,لَعَلَّ قَلْبَ اَلْغُولَةِ يَرِقُّ : يَا أُمَّنَا اَلْغُولَةَ ,نَحْنُ نَلْعَبُ أَمَامَ دَارِنَا ,فَدَعِينَا مِنْ فَضْلِكِ , وَاتْرُكِينَا فِي حَالِنَا ,نَسْبَحْ فِي عَالَمِنَا الْبَرِيءِ , وَنَحْلُمْ بِدُنْيَا جَدِيدَةٍ صَافِيَةٍ كَصَفَاءِ الْمَاءِ الْجَارِي فِي النِّيلِ الطَّيِّبِ ,لَيْسَ فِيهَا مَا يَشُوبُهَا أَوْ يُعَكِّرُ صَفْوَهَا ,وَلَكِنَّ أُمَّنَا اَلْغُولَةَ تَأْبَى أَنْ تَتْرُكَ الْأَطْفَالَ فِي بَرَاءَتِهِمْ , يَنْعَمُونَ بِدُنْيَاهُمُ الْحَالِمَةِ , وَبِبَجَاحَتِهَا وَحِقْدِهَا وَغِلِّهَا تَرُشُّ عَلَى الْأَطْفَالِ الْمَاءَ أَمَامَ دَارِهِمْ ,وَالْأَطْفَالُ يَصِيحُونَ : يَا أُمَّنَا اَلْغُولَةَ , النَّبِيُّ وَصَّى عَلَى سَابِعِ جَارٍ ,الْجَارُ قَبْلَ الدَّارِ , الْجَارُ وَإِنْ جَارَ , وَلَكِنَّ اَلْغُولَةَ الْمَلْعُونَةَ الْمَشْئومَةَ تَدْعُو عَلَى الْأَطْفَالِ بِمَرَضِ السَّرَطَانِ , وَتَصُبُّ عَلَيْهِمْ جَامَ غَضَبِهَا وَلَعْنَتِهَا وَقَسْوَتِهَا , وَاخْتَلَتْ بِأَحَدِ الْأَطْفَالِ بَعْدَ أَنْ ذَهَبَ رِفَاقُهُ , وَأَخَذَتْ تُعْطِي بَعْضَ الْأَطْفَالِ الْأَشْرَارِ مَا يُشْبِهُ الْهَدَايَا الْوَهْمِيَّةَ لِتَغِيظَ هَذَا الطِّفْلَ الْبَريءَ وَتُحْزِنَهُ , وَتَصَادَفَ ذَلِكَ مَعَ مُرُورِ شَيْخِ الْمَسْجِدِ , فَقَالَ لَهَا: أَيَّتُهَا الْغُولَةُ , أَتَظُنِّينَ أَنَّكِ بِأَفْعَالِكِ الْبَشِعَةِ هَذِهِ سَتَرِدِينَ عَلَى جَنَّةٍ ؟!! رَاعِي حَقَّ الْجَارِ , وَانْتَبِهِي إِلَى قُرْبِ الدَّارِ مِنَ الدَّارِ , وَإِلاَّ سَيَكُونُ مَصِيرُكِ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْقَرَارْ.
الشاعر والروائي/ محسن عبد المعطي محمد عبد ربه..شاعر العالم{شاعر المائتي معلقة}
[email protected]
أُمُّنَا اَلْغُولَةْ بقلم:محسن عبد المعطي محمد عبد ربه
تاريخ النشر : 2020-09-19
