البومة العمياء والزرعية، وترمب ووالدتي
عن الرزق
محمد القاروط ابو رحمه
حدثتني والدتي أطال الله بعمرها عن جدتي رحمها الله، أنهم كانوا يزرعون في منطقة الغبية الفوقا وهي من منطقة ام الفحم. والغبية تطل وتحد سهل مرج ابن عامر على الطريق بين أم الفحم وحيفا.
كانوا يزرعون زراعات موسمية مثل البامية والفاصوليا والفول ...الخ.
تقول جدتي: شاهدت بومة متكورة على نفسها، ومعروف ان الطيور تهاب البشر، وكنت كلما اقتربت منها أقول لها طيري، ثم مالك لا تطيري، واقتربت لحد اقل من ذراعين. وفجأة ظهرت زرعية (عصفور) واقتربت من البومة، وعندما أصبحت الزرعية بجانبها فتحت البومة منقارها وقامت الزرعية بوضع شيئ في فمها.
قالت جدتي اقتربي أكثر فإذا بالبومة عمياء.
سبحت الله وقلت من أهدى الزرعيه إلى البومة وكيف علمت أن البومة عمياء.
كان هذا الحديث اليوم الخميس 1792020 ظهرا على الهاتف مع والدتي في عمان، وكانت مناسبة الحديث ما قاله ترمب عن طلبه من العرب عدم تقديم الأموال للشعب الفلسطيني.
والدتي التي تتقاضى راتب والدي الشهيد علقت على ما قاله ترمب بالقصة الحقيقية عن البومة والزرعية ثم قالت لو ان الشعب الفلسطيني يخاف من قلة المال لكنا أغنى أغنياء العالم، لو خفنا من المال لبعنا أرضنا وعرضنا.
ثم قالت في بلادنا لا يموت أحدا من الجوع أبدا، وفي بلادهم يموتون من التخمة والنذالة.
ترمب الذي طلب من بعض الدول العربية وقف مساعداتهم للشعب الفلسطيني كان الأفضل له أن يجد طعاما وبيوتا للملايين الذين يعيشون في شوارع أميركا.
وفلسطين الفقيرة لا يوجد بها من ينام على الأرصفة.
وقالت: ما هي قيمة المال إذا كانت قيمتك الأخلاقية صفر، ما قيمة أن تكون غنيا بالمال وفقيرا بالدين والأخلاق والقيم الإنسانية.
ختمت المكالمة وقالت تموت الحرة ولا تاكل بثدييها، فلسطين ثديينا نموت ولا ننسى او نتنازل عن حبة ترامب منها.
نحن على الحق وهم كلهم على الباطل، جولة الباطل قصيرة، ادعوا واعملوا حتى يأتينا أمر الله.
والدتي التي تغلق الهاتف لتعاود الاتصال بي لتتحمل تكلفة المكالمة عمرها أكثر من النصف بين الثماني والتسعين، ولا زالت تقول نحن اقرب الى ام الفحم من أي وقت اخر.
سلام لأمهاتنا حاملات وحاميات نارنا المقدسة، سلام الى كل من غرزت بسنارتها قطبه في ثوب فلاحة لتحافظ على تاريخنا، سلام للشهيدات والأسيرات والجريحات.
الله الذي أهدى الزرعية إلى البومة وهي من غير جنسها لتأتيها برزقها قادر على تدبر أمر هذا الشعب المرابط، فصبرا.