في الذكرى الثامنة والثلاثين لمجزة صبرا وشاتيلا بقلم:حمزة البشتاوي
تاريخ النشر : 2020-09-16
في الذكرى الثامنة والثلاثين لمجزة صبرا وشاتيلا بقلم:حمزة البشتاوي


في الذكرى الثامنة والثلاثين لمجزرة صبرا وشاتيلا

لن ننسى ستيفانو كاريني وماوريسيو موسيلينو

بعد ثمانية وثلاثون عاماً على المجزرة يعود صوت الشاعر محمود درويش يقول: صبرا ودعت فرسانها وزمانها- واستسلمت للنوم من تعب ومن عرب رموها خلفهم، ونستحضر سؤالاً من الأسئلة المؤلمة في زمن يرتمي بحضن الأعداء مبتسمين ببلاهة التبعية والخذلان ونسأل لماذا لا يوجد في الدول العربية جمعيات ولجان تضامن تشارك في احياء وذكرى مجزرة صبرا وشاتيلا، ولماذا تفاهة السياسة تجعل معظم النظام الرسمي العربي يتقرب من القاتل ويتنكر لصوت الضحية إضافة لأسئلة كثيرة تخرج من وجع المخيم. نتذكر اليوم هول المجزرة الوحشية وأنين الضحايا ودماء الشهداء ونتذكر أيضاً المتضامنين الأوفياء لقضيتنا وللحرية والعدالة في هذا العالم وخاصة الصديقين ستيفانو كاريني وماوريسيو موسيلينو الذين غادروا الحياة وبقيت سيرتهم ومسيرتهم التضامنية مستمرة وخاصة الآن في زمن أوبئة الكورونا والتطبيع وحرف البوصلة والمسار والمفاهيم. وفي هذه الأيام نتذكر ستيفانو كاريني الذي بقي حتى رحيله مسكوناً بعظمة التضحيات والشهداء والأمل بالحرية والعدالة وإنتصار فلسطين وعودة أبناءها إلى ديارهم التي هجروا منها وهذا ما استمر التأكيد عليه من قبل رفاقه وشقيقته أنطونيتا وابنته لوتيا وابنه لوسيو الذين يقولون بأن والدهم كان يعتبرهم صغار على المشاركة بالأنشطة والفعاليات التضامنية ولكنهم كبروا على حب فلسطين وأصبحوا يشاركون بإحياء ذكرى مجزرة صبرا وشاتيلا وكل الفعاليات التضامنية مع فلسطين.

لقد كانت الكوفية الفلسطينية رفيقة ستيفانو الدائمة في جولاته وزياراته للمخيمات وقد رافقته في رحلته الأبدية إذ حرصت العائلة ورفاقه على أن يلف جسده بها ويقولون بصوت الضمير الإنساني في لحظة موت ستيفانو تحيا فلسطين التي خسرت برحيله أحد أبرز المدافعين عنها بثبات ويقين.

وبعد رحيل المناضل المؤسس ستيفانو كاريني استلم المهمة ماوريسيو موسلينو الذي اختطفه أيضاً الموت المفاجئ وهو المناضل والمتضامن العاشق لفلسطين وكان ثابتاً على هذا العشق رغم كل التهديدات الصهيونية ومنها محاولة اغتياله عبر القاء قنبلة على مكتبه في جريدة (المانغستو) الإيطالية وكان رده بعقد مؤتمر صحافي جدد فيه التزامه بالقضية الفلسطينية وتضامنه مع الشعب والمقاومة في لبنان وفلسطين.

لقد عرفتهم عن قرب وكان حديثهم دائماً عن الحرية والكرامة والعدالة لفلسطين الأرض والإنسان وكانوا في حديثهم يمثلون صحوة في الضمير العالمي تجاه مظلومية الشعب والقضية، ويدخلون بحب كبير إلى وجدان فلسطين وأذكر أحاديث ماوريسيو موسيلينو عن المجزرة وكأنه ينطق بصوت الضحايا مطالباً بأن لا يفلت الجناة من العقاب، واصراره على دعم نضال الشعب الفلسطيني من أجل العودة إلى بلادهم التي لا إسم لها سوى فلسطين رغم الذل والخذلان الذي ينطبق عليه ما قاله الشاعر محمود درويش:

عرب أطاعوا رومهم عرب وباعوا روحهم سقط القناع عن القناع سقط القناع.

وما قد يعيننا ويبلسم جرحنا من هذا المشهد إضافة لما هو مطلوب منا نحن الفلسطينيين هو تذكرنا للمناضلين الأحرار أمثال ستيفانو كاريني وماوريسيو موسيلينو الخالدان في ذاكرة شعبنا ومسيرته نحو العدالة والحرية والعودة والتحرير.

حمزة البشتاوي
كاتب وإعلامي