اسرائيل نجحت في التأثير على عناصر الصراع بقلم: اللواء سمير عباهره
تاريخ النشر : 2020-09-16
اسرائيل نجحت في التأثير على عناصر الصراع  بقلم: اللواء سمير عباهره


نجحت اسرائيل في خلخلة بعض عناصر الصراع عندما توصلت الى توقيع اتفاقيات سلام مقابل سلام مع بعض الاطراف العربية وهذا يعني خروج هذه الاطراف من الصراع كليا لانها اسقطت من حساباتها مبادرة السلام العربية التي تم اعتمادها في قمة بيروت عام 2002 وتحتوي في اهم بنودها على ان تطبيع العلاقات العربية مرهونا بحصول الفلسطينيين على حقوقهم بما فيها حقهم في اقامة دولتهم المستقلة بحدود الرابع من حزيران 1967 وعاصمتها القدس الشرقية واستطاعت اسرائيل قلب هذه المفاهيم والمباشرة بعملية التطبيع مع بعض الدول العربية خارج اطار الحقوق الفلسطينية، وبدا ذلك واضحا من خلال الاتفاقيات الموقعة واقامة علاقات غير متكافئة حيث لم تستطع اي من الدول التي وقعت على مثل هذه الاتفاقيات من فرض شرط واحد على اسرائيل يتعلق بموضوع الصراع ولم تأتي ايضا على ذكر فلسطين وخلت من الاشتراط على اسرائيل ومطالبتها باعطاء الفلسطينيين حقوقهم مع ادعاءاتها بالتمسك بمبادرة السلام العربية وهنا تكمن المفارقة التي احتار في تفسيرها كبار المحللين السياسيين.
ان مخرجات اجتماع الجامعة العربية كان كارثي لانه تسبب في هزيمة الجامعة العربية اولا واعطى مؤشرا على اسقاط القضية الفلسطينية من الحسابات العربية ثانيا بعد ان كانت يوما ما تسمى بالقضية المركزية للعرب وبعد اسقاط مشروع القرار الفلسطيني وهذه الرسالة وصلت بكل وضوح الى كل من الولايات المتحدة واسرائيل المعنيين الرئيسيين في هذه التطورات حتى ان ترامب ونتنياهو اطلقوا تصريحات نعلن فشل الفلسطينيين في الحصول على دعم عربي مما يعني انه لم يعد هناك للفلسطينيين ما يبحثوا عنه في المحيط العربي.
خروج بعض الدول العربية من معادلة الصراع سيحدث شرخا في جدار الامن القومي العربي حيث ان المسارات العربية المتعددة التي سلكتها بعض الانظمة العربية للتسوية مع اسرائيل ستؤدي الى استفراد اسرائيل بالفلسطينيين مع توقف الدعم المادي والسياسي العربي وبدلا من ان تقوم الدول العربية بتحريك الضغوط الدولية ضد انتهاك الحقوق الفلسطينية فانها عملت على اضعاف الخيار الفلسطيني لكنها لن تستطيع تغيير معادلة الصراع بشكل كامل وكان من المفترض ان يكون هناك موقفا عربيا بانه لا يمكن لأي طرف أن يحل قضيته لوحده مع اسرائيل، بل يجب التعامل مع الصراع العربي الاسرائيلي كقضية واحدة متكاملة.
ان توجه اسرائيل نحو الخيار العربي هو بمثابة إغلاق الطريق امام أي دور عربي مركزي في حل المسألة الفلسطينية وابقاء الشعب الفلسطيني وحيدا في الميدان ويتحول المحيط العربي الرسمي والشعبي الى متفرجين بما يسمح لاسرائيل بزيادة تفردها بالشعب الفلسطيني وممارسة كل انواع القهر والتهديد والابتزاز والتسليم بحالة الاختلال في موازين القوى القائم والذي لا زال يميل لصالح اسرائيل ويعني هذا في محصلته النهائية اخراج القضية الفلسطينية من عمقها العربي في دائرة العلاقات العربية الاسرائيلية وقد يكون هذا مقدمة لعملية تهميش واسعة للقضية التي شهدت في المدة الاخيرة امتدادا دوليا ازعج اسرائيل فزادت من استفحالها في سياستها الاستيطانية ومصادرة الاراضي واستمرارها في تهويد القدس.
ان التعاطي العربي مع المخططات الاسرائيلية والتي تهدف الى اعادة صياغة خريطة جديدة للعلاقات في منطقة الشرق الاوسط سيزيد من تعميق الخلافات العربية العربية والعربية الفلسطينية بحكم الارتباط الاستراتيجي المتبادل بين الامن الوطني والامن القومي العربي والقضية الفلسطينية ويزيد من تعميق التباينات والتنافضات البينية بينهما وتقديم تسهيلات لاسرائيل للتفرد باطراف عربية.
المشهد السياسي العربي بدا مؤيدا لمعظم الاعضاء لموجات التطبيع ومتحفظا للبعض ومعارضا للقليل وما يجري هو وضع الفلسطينيين تحت الحصار ودفعهم للتجاوب مع المتغيرات الجارية لكن الفلسطينيون يمتلكون من اوراق القوة ما يمكنهم من امتلاك زمام الامور لانه بدون موافقة الفلسطينيين وتوقيعهم لن يكون هناك سلاما اقليميا.