راقصة الموت بقلم محمد الغصين
تاريخ النشر : 2020-09-16
راقصة الموت ، بقلم محمد الغصين
ليل - شوارع مظلمة- الاضواء الصفراء الكئيبة المملوكة للمحلات القديمة ، يدخل الملهى متعدد الالوان ، يحدق في الراقصة ذات الفستان الاحمر انها بيسان
، اصرُخُ بأعلى صوتي لكنها لا تسمع .
افاقته أشعة الشمس المسلطة على وجهه من كوابيسه المخيفة
خرجَ من بيته الخالي من الاثاث بلا فطور فهو لا يملك ثمن رغيف خبز ، تفقدَّ البريد ، كانت الرسالة التي تمنى لو أنه لم ينتبه لها ، انها من محبوبته بيسان
ذُكِرَ فيها: عزيزي عروة ماذا لو اصبحت راقصة ؟!!
مزَّقَ الرسالة بغضب وأخذ يصرخ بصوت احتله بعض الانين :
_ تبا لماذا نحن بالذات من نعاني الامرين من هذه الحياة
ذهب يركض باتجاه المقهى الذي تعمل به كنادلة واخذ يصرخ باسمها
بيسان تلك الفتاة الجميلة الوحيدة فقدت اهلها بالحرب فكانت الاقدار أن تلتقي بعروة هذا الشاب اليائس من الحياة الذي طرده أبوه من المنزل وهو في سن الخامسة عشر ليكون ابنا للشوارع
خرجت بيسان له قائلة :
_عروة تفضل سأقدم لك فنجانا من القهوة وسنتناقش معا
دخلَ المقهى جلس على طاولة في زاوية المكان احضرتْ له كأسا من القهوة وجلست معه ثم تكلمت بحرج :
_عروة لقد وجدتُ اعلانا قد عُلِّقَ بمكان قريب ،يريدون راقصة للملهى المجاور وسيعطونها مبلغا كبيرا من المال
أَحسّ بنار تضطرم في صدره حاول اطفاءها بالدموع التي لم تزده الا اشتعالا ،طأطأ رأسه مستأنفا معها الحديث الذي بدَأَته :
_كما تريدين يا عزيزتي إن اردت ذلك فلك ذلك
ردت واعينها محتقنة الدموع :
_عروة انا احبك واكره هذه المهنة لكن وضعنا سيئ ولأجل أن نتزوج سيلزم على احدنا العمل للعيش
تكلًّم بهدوء وصوت حزين :
_بيسان ماذا لو انتحرت ؟!!
_عروة حبيبي انسَ ما قلته لك لن اعمل كراقصة
ابتسم ابتسامة مزيفة قائلا :
_بيسان لا بأس افعلي ما تشائين ولن اكون الا راضيا
عانقته بحب لدرجة ان لفتت انظار من في المقهى
همسَ بأذنها:
_يكفي هذا هناك العديد من الناس ينظرون الينا
ثم جاء صوت صاحب المقهى الصاخب صارخا :
_الحب والجنون ليسا بهذا المقهى لا تروني اوجهكم
_اسفون سيدي
خرج من المقهى ليتشرد في السوق باحثا عن عمل حتى يقنع بيسان الا تعمل ولا تهين كرامتها وشرفها حتى سمع صوت منادٍ :
_ عروة تعال فأنا احتاجك
لقد كان العم صالح انه الشخص الذي ساعدني كثيرا هذا الرجل الابيض الطويل ذو الملابس الانيقة
صافحني بحرارة :
_ما اخبارك يا عروة
_اتشرد من سوق لآخر بحثا عن عمل
_ لدي طلبك
_حقا ؟؟!!
_ انني مضطر للسفر الى الخارج بقصد التجارة والعمل وقد يطول الامر معي لان ابقى لمدة سنة او سنتين لهذا اريدك ان تحل محلي في المتجر حيث ستأخذُ أنت خمسين بالمئة من الارباح وترسل لي النصف الاخر
فرحتُ كثيرا بهذا الخبر أردتُ مقابلة بيسان حاليا فأمنعها من العمل كراقصة منتصف الليل لكن يتحتم علي البدء بالعمل الان ، دخل المساء واحتل الظلام الارجاء وأنا ما زلت منهمكا بالعمل المتجر كبير وزبائنه كثيرون ، انتهيت من العمل في منتصف الليل ذهبت ابحث عن بيسان فتذكرتُ انها الليلة الموعودة الليلة القاسية انها الليلة التي سترقص بها .
دخل الملهى وهو يتنهد الما ، صوت الموسيقى الصاخبة تحتل المكان وها هي الراقصة ذات الفستان الاحمر تتمايل بجسدها الرشيق وعلامات البؤس مسيطرة على وجهها الذي اكتسى الجمال والبهاء ،
نظر الى المشاهدين فوجد الجميع يفترسونها بأعينهم كذئب قوي يفترس خروفا ضعيفا لم يستطع اكمال رؤية المنظر فغادر ، رَأَتْه من المنصة التي تتمايل عليها فهلعت للحاق به كانت تركض له والدموع تنهمر من عينيها ظلت تركض حتى اخفته المباني ذهبت الى بيته ورأت رسالة مكتوبة بخط يده :
"ليس لي مكان اعيش به في عالم الوحوش المخيفة هذا هو قضائي وقدري"
لم تجد في المنزل فصعدت الى السطح ، وجدته واقفا يتهيأ للقفز الى الاسفل قاصدا الانتحار
صرختْ:
_عروة ، انتظر
_ماذا تريدين ؟؟!!
_اريد الهوي معك الى الاسفل ، اريد ان اكون بجانبك حتى عن الموت
في اليوم التالي
المحقق: انها حالة انتحار مزدوجة ، أُغلقت القضية ...