ما أسس تفعيل عناصر الحملة الوطنية للتغيير؟ بقلم:تيسير عبدالجبار الآلوسي
تاريخ النشر : 2020-09-01
ما أسس تفعيل عناصر الحملة الوطنية للتغيير؟
 تيسير عبدالجبار الآلوسي

 “إنَّ التقدم الفعلي نحو طريق (التغيير) يتطلب، فيما يتطلبه: توكيد الطابع (الانتقالي) للحكومة بأداء مهامها ممثلة بحلّ مجلس النواب واللجان الاقتصادية وحظر التشكيلات (الحزبية) المزيفة، ذات الجوهر المافيوي الإرهابي”.

ما أسس تفعيل عناصر الحملة الوطنية للتغيير؟

مع الالتفات إلى أهمية العامل الذاتي لبناء كونفديرالية الجبهة الشعبية وإلى أن ذلك هو الموجِّه في الحراك إلا أننا لا يمكن أن نغفل الدور المؤمل في (الحكومة الانتقالية) التي يلزمنا ألا نقف سلبيا نهلستيا منها وألا يكون أي جهد لنا بالضد من أي إنجاز لها يصب إيجابا بالهدف الأبعد.. إنَّ فكرة أن ندفع باتجاه التغيير يعني أحد أوجهها أن نعمل على وضع الخطى الإيجابية بموضعها كي لا تجيَّر للتراجع في مرحلة من مراحل العمل، بمعنى أننا نأخذ المتاح إيجاباً من الإنجاز من تلك المؤسسة (الانتقالية) لصالح الشعب ونتابع لفرض الأفضل والأكثر أثراً.. فلنتابع معا وسويا مستفيدين من الشعبي وحراكه وقواه التنويرية ومن الرسمي الحكومي وما متاح بإطاره مما يتطلب دائما تفعيله وتشجيعه بالمنطق الأنجع والنهج الموضوعي المتكامل لا النهلستي العدمي، وطبعا هذا لا يعني إهمال تأشير السلبي ومناطق الاستعداد لأي انحراف في الأداء.. وتحايا لكل الجهود وأدوارها بحركة التغيير

هل نمتلك شجاعة النقد الذاتي بنيويا؟ وهل نمتلك إرادة الفعل حيث تلبية ما بتنا – ولو بحذر – نؤمن بأننا ملزمون بأدائه، أي أن نغير بأنفسنا لنغير ما بواقعنا؟ فلنقرأ وسائل تفعيل وتعريف بأسس التغيير وأولها بناء منصة العامل الذاتي القادر على التأثير حيث ندائي من أجل (كونفيديرالية الجبهة الشعبية) فإلى هذا الميدان ألفت النظر بمعالجتي المفترحة هنا

وقبل مزيد تفصيل بالمحاور، لابد من التأكيد على أنَّ الخيار بين (تغيير) و (إصلاح) قد حُسِم عراقياً لصالح اختيار (التغيير نوعياً جوهرياً) وبصورة كلية شاملة. أما لماذا؟ فإنَّ الإجابة تكمن في القناعة التي توصَّل إليها الشعب وحراكه السلمي من استغلاق أيّ طريق لخيار (إصلاح)، لأنه لم يعد يعني سوى ترقيعاً لا يسد حجم الشق الذي استباح خرقة نظام مهلهل أودى بالدولة إلى انهيار وبالسلطات إلى اختراقات هيكلية بنيوية وبلا حدود سواء بالطابع الريعي للاقتصاد ومنع أي فرصة لاقتصاد استثماري للبناء والتقدم أم بالطابع المافيوي اللصوصي للأداء أو في الخطاب المشوه لاعتقادات المجتمع وحريته فيها بفرض منظومة أداء سياسي للطائفية وتخندقاته وآلية إلغاء اشتغال الدولة الحديثة بذريعة (مرجعيات) الزيف الديني للتلاعب بذهنية محشوة بالخرافة ودجلها ومجمل ذلك بات مفروغا منه وضعته انتفاضة أكتوبر العراقية خلف ظهرها…

ولكن اختيار طريق (التغيير) يتطلب ما هو أبعد وأكثر من تحول انتفاضة أكتوبر نفسها إلى ثورة، تلك التي نحيا تفاصيلها اليوم وإنْ اختلفت رؤى تقويمها (نظرياً) بين انتفاضة وثورة. إذ أنّ إمكان نجاح الأداء وإنجاز التغيير، تتطلب أيضاً: توكيد الطابع (الانتقالي) للحكومة؛ بمعنى اشتغالها بمحددات قوانين (الحكومة الانتقالية) ولوائحها الأمر الذي يعني استكمال إجراءاتها، بـ حلّ مجلس النواب لمنع (كتلهأحزابه) السياسية الطائفية التي شوّهت البلاد طوال 17 سنة، من محاولات إعادة إنتاج وجودها.. وذاك الموقف يحدث عبر حلّ أذرع ما تمّ تسميته أحزاباً وإنهاء تفشي انتشار الأسلحة فوراً مع إنهاء وجود (اللجان الاقتصادية)، أيّ أدوات النهب اللصوصية.

إن هذه المهام المباشرة تستند إلى حقيقة، أنّ حظر التشكيلات المراوغة القائمة على أسماء مزيفة، إنما لكونها تستخدمها لمجرد التضليل والتمظهر بالطابع (المدني) فيما جوهرها، يبقى كما هو من حيث الهوية والطابع، مستمراً بارتكاب جرائمه بقيادة زعماء (حرب) ونهج مافيوي قمعي فاشي، متخفٍ تحت أغطية التستر بالقدسية الدينية زائفة المزاعم والادعاءات..

إلى جانب ذلك، فإنّ من أسس تفعيل عناصر التغيير، سيتطلب الأمر موقفاً حازماً حاسماً، من طرف الحركة التنويرية بتياراتها الثلاثة: (اليسار الديموقراطي والقومي التقدمي والليبرالي)؛ حيث يتجسد الواجب هنا، في إنجاز مُلْزِمٍ لـ(كونفديرالية الجبهة الشعبية) بين تلك التيارات، والدفع بقيادة وطنية لتلك الجبهة الشعبية؛ تكون هي حصراً، منصة التفاوض مع المجتمع الدولي وربط العراق بجسور علاقات متوازنة مع أطرافه الأهم، مع لعب دور حكومة الظل الموجِّهة، على المستوى الوطني، يدفع بالحكومة الانتقالية نحو مسارها الصحيح بما لا يسمح بوقوعها أسيرة ضغوط الكتل الطائفية المافيوية الفاشية ويمنع انفرادها بها عبر بوابة ما يسمونه مجلس النواب أم عبر زعماء كتل تحظى بقوتها مما غرسته طوال 17 سنة…

ولكن، كيف نلخص أسس الحملة الوطنية للتغيير وتفعيلها؟

إنّنا يمكن أن نؤكد الآتي من العناصر جوهراً أدائياً للتغيير مركَّباً من قادة الفعل ومن برامجهم وأدوات اشتغالهم وهو ما نوجزه هنا بـ:

إدامة أنشطة الحراك الشعبي الاحتجاجي السلمي واعتصاماته.

حيث تعزيز صلات الحراك بجماهيره الشعبية، من خلال التفاف حوله والتبني الأعمق لوجوده واستمراره.

تمكين الحراك ماديا من منصات العمل والتقدم بأدائه، بقدرات تعويضية لأية خسائر مما تُحدقه هجمات أعداء التغيير.

إدامة التغطية الإعلامية الواسعة والكبيرة سواء المحلية أم العربية بمنهج محسوب بدقة وموضوعية..

إعادة بناء التنسيقيات الميدانية المحلية والوطنية ودفع بنى تنظيمية تتناسب والمهام بعقد مؤتمراتها.

تحديث مستمر لبرنامج العمل وخطى مهامه ومستهدفاته في ضوء متغيرات أداء السلطة ومراواغاتها وأضاليلها.

تشكيل قيادة (كونفديرالية الجبهة الشعبية) ومنصاتها الفرعية التخصصية القائمة على جذب العقل الوطني العراقي لميادين الفعل الميداني.

عقد الصلات الدولية تحديداً بالمنظمات المتخصصة القادرة على الدعم الحقوقي السياسي وتنظيم المذكرات والمطالعات القانونية للتقاضي مع أطراف الجريمة بترتيب الملفات بصورة متخصصة وناضجة..

نشر برامج العمل وخطاه والتثقيف بها شعبيا وقبلها وبعدها تدقيق تلك البرامج من النخب المتخصصة وتثبيتها مطالب نوعية واجبة الأداء.

فرض برامج المرحلة الانتقالية، خطوة فأخرى على الحكومة الانتقالية.. ومراقبة أدائها في ضوء تلك البرامج…

تشكيل المجلس الوطني للعلوم والآداب والفنون وتفعيل اشتغاله، فورا وبلا تردد وربط المنظمات والجمعيات والشخصيات الثقافية ببنيته واشتغالاته.

تفعيل دورالقيادات الوطنية للنقابات والمنظمات المهنية الديموقراطية ولعل هذه الفقرة تبقى من أخطر أدوات التفعيل التي نعتمدها، منعاً لاستمرار التلاعب بها من مراكز النظام الكليبتوقراطي الفاشي.

الإصرار على حصر التفاعل بحكومة انتقالية ملزمة بأن تحل مجلس النواب وتهيئ فعليا للانتخابات بشروطها الشعبية.

إنّنا إذ نتحدث اليوم عن تفعيل الأداء فهذا ليس أمرا عابرا ويقع بضمن سياقات (عادية) ولكنه بات ملزما بين ركوب المهمة أو خسارة كل التضحيات الجسام لصالح نظام يمتلك فرص الحركة والمناورة بلا حدود…

وعلينا إذن، أن نغير ما فينا بمباشرة الفعل الذي يبدأ بتكوين قيادة وطنية لقوى الشعب ولنشرع بها ممن يلتحق أولا بالمهمة.. فكل تلكؤ في بناء قيادة القوى التنويرية الديموقراطية سيمنح فرصا أكثر لأعداء الشعب.

فمبدئيا هناك عناصر بينية غير مستقرة لم تنضج سياسيا تندفع بين الفينة والأخرى نحو زعامات الفساد متكئة على منصات تلاعباتها اللفظية وتعقد معها لا اجتماعات مناقشة إنهاء صفحة والشروع بجديدها بل تصل لتحالفات تحت مختلف التبريرات ومثل تلك اللقاءات وما نجم وينجم عنها إنما تتوكأ على وهم أن الزعامات الطائفية المافيوية تمتلك جمهوراً وأنها لا تمتلك ذاك الجمهور ما يدفعها لذرائع وتبريرات بلا منتهى لا علاقة لها بما يسمونه وهماً النظرة الواقعية المتمحصة المتمعنة وإنما تكشف عن أثر النظام وأركانه فيها وارتعابها من السير في خضم المهام المناطة بها..

هنا بالتحديد سيكون لوجود منصة التنويريين (كونفيدرالية الجبهة الشعبية) قوة وقدرة على منع تلك الأوهام وتأثيراتها الجانبية القاتلة حتما …

إن بناء المشروع الوطني البديل المستجيب للثورة الشعبية ومطالبها في ضوء مهمة التغيير لا ترقيعات إصلاح لم تعد قادرة حتى على تلميع وجه النظام يقتضي تغييرا بنيويا ذاتيا ونقديا شجاعا وقناعة بقدرة القوى التنويرية بتياراتها على بناء منصة القيادة وتسلّم دفة ربان السفينة العراقية..

لقد انتهى زمن خلطة العطار السفيه بأستار التدين المشوه للدين ولمبدأ حرية الاعتقاد والقائم على منطق الخرافة وإفشاء وبائه، انتهى من معاجم الشعب وحراكه وترك الأمور تعود سبهللة يمنح سلطة الكربتوقراط فرصا يحتاجها لإعادة ترتيب أوراقه ولكن هذه المرة نحو إقامة الفاشية الدينية بعد انتهاء زمن الترقيع الذي اعتاش طويلا على كواهل الناس..

إن الريعي اليوم لم يعد يكفي واستفحلت الأزمة حدّاً أنهك الشعب وحوّله لمجرد أفراد لاهثين خلف دنانير بلا قيمة وسلعاً منتهية الصلاحية قاتلة مفروضة عليه بمنعه من الإنتاج وبقطع فرص الاستثمار وإعادة البناء وتبوير أرضه وتصحرها وبتعطيشه بعد تجويعه حد جرائم الإبادة الجماعية..

فهل بعد هذا المشهد من فرص استرخاء أو متابعة تقليدية لانتفاضة ما كادت تتحول إلى ثورة حتى بدأ الذبح على المكشوف المفضوح حتى من بعض أبنائها ممن يلتقي زعماء الحرب على الشعب..

إنني أغير بندائي من مهمة خلق منصة قوى التنوير وقياداته بكونفديرالية الجبهة الشعبية إلى التوجه للحراك الاحتجاجي الميداني كي يكون هو المبادر في تشكيل تلك النواتات المؤملة ويكون الضاغط على قيادات التنوير المتشظية المفككة ولكن الأمل الوحيد الباقي بمنطق توحيدها والسير حثيثاً إلى الواجب الملزم غير القابل للتأخر..

إن تصريحات تلك القوى الحية باتت أقرب إلى النضج والقناعة بهذا المشروع وتفعيله ولكننا ندرك أيضا أننا لسنا ملائكة ونملك كثيرا من الشوشرة والآثار والندوب أثخنتنا بها قوى الجريمة.. إنما الصائب الصحيح أن نحاول تجاوز آلامنا الممضة ونعض على الجرح الفاغر وأن نتجاوز نواقصنا المغروسة ببعض سمات استعراضية لا نفع فيها بل مضرتها مشهودة من قبيل تضخم الأنا وانجرار لتعبيرات صدامية بمستويات فردية مشخصنة أم بمستويات جمعية منظماتية..

فلنتفق على قاسم مشترك يكمن في خلق منصتنا التنويرية وقيادتها كونفيدرالية الجبهة الشعبية لأنها منصة الشعب الأمل الوحيد ولا مناص.. أما أن يدعي أيّ منا امتلاك الحقيقة والطريق خارج وجودنا ولقائنا الجمعي توحدنا قواسمه المشتركة فإنّ ذلك خير شروع بتسليم الفاشية الدينية مقاليد استعبادنا أولا وتصفيتنا ومن ثم استعباد الشعب والانتهاء منه لقرن من الزمان سلفا..

ألا فإني أتوجه إلى كل من يحتل اليوم مقعده بقيادة تيارات الحركة التنويرية الثلاثة ليباشر من فوره تفعيل أسس التغيير بلا انتظار فالجرح نازف ولا يتحمل طويل انتظار.. والجرح هو الشعب وبين أن يكون مع قيادة جاهزة للتغيير أو يسلم قياده للآخر العدو لحظة تاريخية ليس غير..

وعليه، فإن إحداث شروط التغيير ((تنتظر)) موقفا حاسما يعلن هذه الكونفيدرالية للجبهة الشعبية بلا تردد ومماحكات واشتراطات ليست من طابع اللحة التاريخية ولا تحتمل الظروف سجن الناس أو أسرهم بإطارها لأن زمن الفاشية الآتي لن يبقي لأي منكم فرصة وجود بأي شكل ومن يظن ويتوهم أنه بدبلوماسيته يحافظ على رفيق في حزبه سيقدمه لقمة سائغة في الغد القريب!

إليكم رسالتي ندائي ولات ساعة مندم فلقد كثرت وقائع الندم والتحسر وكثر معها ترداد عبارة لو فعلنا كذا وقمنا بكيت.. فلنفعّل أسس التغيير وعناصره ونحن قادرون فافعلوها بلا تردد أو تلكؤ

لا تتركوا الأفراد الصالحين يكافحون منفردين وحدهم ضد تيار سلطة أسفرت عن فاشيتها والكل يشهد.. كونوا معا بمنصة التنوير تجذبوا الحكومة برمتها لمساركم ، مسار الشعب فهل من بديل غير هذا؟ وهل من فعل له قيمة غيره؟ لا تأنسوا لتصريحات وبيانات وحملات بل تقدموا لخطوات تالية أعلى صوتا واقوى أثرا وفعلا