مفهوم الجد عند فحول الشعراء العرب بقلم: مجدي شلبي
تاريخ النشر : 2020-08-29
مفهوم الجد عند فحول الشعراء العرب بقلم: مجدي شلبي


ثنائية الجد والهزل من منظور شعري
مفهوم الجد عند فحول الشعراء العرب
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بقلم/ مجدي شلبي (*)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المقصود بـ(الجد) هنا: الدأب، الكد، الاجتهاد، المثابرة:
ـ (الدأب)؛ يقول الشاعر ابن نباتة المصري:
ذو همة ٍ في العلى والعلمِ قد بلغت *** فوق السماك وما تنفك في دأب
ـ (الكد)؛ يقول الشاعر جبران خليل جبران:
يا بني العلم والفضيلة جدوا *** كل كد فيه فلاح فكدوا
ـ (الاجتهاد)؛ يقول الشاعر بشار بن برد:
لا كنتُ إِنْ لَمْ أكُنْ أُحِبُّكُمُ *** جهدي فما بعد حب مجتهد
ـ (المثابرة)؛ يقول الشاعر جبران خليل جبران:
اعزم وكد فإن مضيت فلا تقف *** واصبر وثابر فالنجاح محقق
ـ وها هو الشاعر ابن الرومي يتقدم (افتراضيا) نحو المنصة؛ فيقول:
لاقى الرجالُ غبوقَ المجد فاغتبقوا *** منه ولاقَى صبوحَ المجد فاصطبحا
يعطي المزاحَ ويعطي الجد حقَّهما *** فالموتُ إنْ جدَّ والمعروف إن مزحا
لولاك أصبح في بدوٍ وفي حضرٍ *** ديوانُ أهلك بين الناس مطَّرَحا
أضحى بك الشعر حيّاً بعد مِيتَتِهِ *** إلا حُشاشة َ نفسٍ عُلِّقت شبحا
بك افْتَتحْتُ ونفسي جدّ واثقة ٍ *** ألا أقول بغبٍّ ساء مفتَتحا
ـ فيحييه الشاعر أسامة بن منقذ؛ قائلا:
قل للمهذب في فضل وفي خلق *** وللبليغِ، إذا مَا جدَّ أو مَزَحَا
من ينثُرُ الدُّرَّ في نَثرِ الكتابَة ِ إنشَـ *** ـاء وينظمه في النظم إن مدحا
من لفَظُه تُسِكِرُ الصَّاحِي فَصاحَتُه *** ولو وعى فضله ذو سكرة لصحا
ـ فيقول الشاعر ابن الرومي:
أنذرْتُ بل بشَّرْتُ أَنَّ مقالتي *** ميعادُ جِدٍّ في وعيد مُزَاحِ
أنتَ امرؤٌ للصدقِ فيه مذاهب *** سقط الجُنَاح بها عن المُداحِ
ـ فيضيف الشاعر البحتري:
مَتى اختُبِرَ الفِتيانُ عَن حَملِ مَغرَمٍ *** فَمِن عاجِزٍ عَن آدِهِ وَمُطيقِ
فَتىً لِدنِيِّ الأَمرِ جِدُّ مُباعِدِ *** وبالخُلقِ المَرضىِّ جِدُّ خَلِيقِ
ـ فيقول الشاعر ابن حيوس:
جَدٌّ يُشايِعُهُ عَلَى حَوْزِ الْعُلى *** جدٌّ إذا طلبَ العسيرَ تيسرا
ـ فيكمل الشاعر جبران خليل جبران:
وأسرع منجد إن جد جد *** يقيل من العثار المستقيلا
مصون العرض مبذول نداه *** أبي أن يذال وأن يذيلا
علا بين الرجال فما تعالى *** ولم يتنكب الرأي الأصيلا
وهل يختال في الدنيا حصيف *** وليس ببالغ الآجال طولا
ـ فيقول الشاعر إبراهيم ناجي:
مرّت مواكبُه عليَّ بطيئةً *** وإلى الفناء مشينَ جِدَّ سِراعِ
ـ فيقول الشاعر جبران خليل جبران:
جد الوفي لصحبه ولأهله *** ولقومه إن عز جد وفاء
لَم تَزَل فَوقَ كُلِّ فَوقٍ مُجِدّاً *** بِالتَرَقّي ما لِلتَّرَقّي اِنتِهاءُ
ـ فيضيف الشاعر حيدر بن سليمان الحلي:
كلما جدَّ في ركابك سيرٌ *** جدَّ للاشتياق فيها اعتساف
كرياض الربيع تونق زهرا *** راق للناظرين منها اقتطاف
ـ فيقول الشاعر عبد الغفار الأخرس:
لعبَ الشوق بأحشائي وما *** جَدَّ جِدُّ الوَجْد حتى لعبا
قَضَتِ الأَيَّام فيما بيننا *** إنَّنا لم نلقَ يوماً طربا
وَهَبَ الدَّهر لنا لذَّته *** واستردَّ الدهر ما قد وهبا
ـ فيضيف الشاعر الممزق العبدي:
هَل لِلفَتى مِن بَناتِ الدَّهرِ مِن واقِ *** أَم هَل لَهُ مِن حِمَامِ المَوتِ مِن رَاقِ
قَد رَجَّلُونِيَ وَما رُجِّلتُ مِن شَعَثٍ *** وَأَلبَسُونِي ثِياباً غَيرَ أَخلاقِ
ـ فيقول الشاعر جبران خليل جبران:
أخلاق جد لا تتم بغيرها *** في العالمين جلائل الأعمال
في أخريات لياليه يجد بها *** سعيا كما جد في أيامه الأول
ـ فيقول الشاعر جرير:
جدَّ اليومَ جيرتكَ ارتحالا *** و لا تهوى بذي العشرِ الزيالا
ـ فيقول الشاعر الفرزدق:
يَقولُ كِرَامُ النّاسِ إذْ جَدّ جِدُّنا، *** وَبَيّنَ عَنْ أحْسَابِنَا كُلُّ عالِمِ
عَلامَ تَعَنّى يا جَرِيرُ، وَلمْ تَجِدْ *** كُلَيْباً لهَا عَادِيّةٌ في المَكَارِمِ
ـ فيقول الشاعر أبو تمام:
نَاصِحٌ وهْوَ غَيْرُ جِد نَصِيحٍ *** مشفقٍ وهوَ غيرُ جدِّ شفيقِ
ـ فيضيف الشاعر الشريف المرتضى:
قد جَدَّ بي المزحُ من صَدٍّ دُهيتُ بهِ *** وطالما جدَّ بالأقوامِ من مَزَحا
ـ فيقول الشاعر الخُبز أَرزي:
وفزتُ بشيءٍ بين جدٍ ولعبةٍ *** ويا رُبَّ جدٍ كان أوَّلَه اللّعْبُ
ـ فيضيف الشاعر إبراهيم عبد القادر المازني:
لعبٌ ما أرقت من ذلك الدم *** ع ودل أم أنت جد حزين
ـ فيقول الشاعر الأخطل:
وحبي جدٌّ ليس فيه مزاحة ٌ *** فيرْتاحُ قَلْبي إذْ يراهُ ويفرَحُ
وإني لأهوى الموتَ من وجدِ حُبها *** وللموْتُ مِنْ وجْدٍ ألَذُّ وأرْوَحُ
ـ فتقول الشاعرة الخنساء:
لا تَخْذُليني عندَ جَدّ البُكا *** فليسَ ذا يا عينِ وقتَ الخذولْ
ـ فيضيف الشاعر البحتري:
أَطْلَقَتْ دمْعَهُ المَدامِعُ لَمَّا *** جَدَّ لِلْبَيْنِ رِحْلَةٌ وانْطِلاَقُ
ـ فيكمل الشاعر قيس بن الملوح مجنون ليلى:
يا مزمع البين إن جد الرحيل فلا *** كان الرحيل فإني غير صبار
رُدَّ المَطِيَّ عَلى عَيني وَمَحجِرَها *** تَروِ المَطِيَّ بِدَمعٍ مُسبَلٍ جاري
ـ فيقول الشاعر أحمد شوقي:
طويل الليل ترحمه *** هواتفه وأنجمه
إذا جدّ الغرام به *** جرى في دمعه دمه
ـ فيضيف الشاعر أسامة بن منقذ:
وأرى الدمعَ ليس يُطفىء ُ حرَّ الو *** جد، إن جادَ غيثهُ المسكُوبُ
كلّ يومٍ لنار شوقي ما بيـ *** ـن ضُلوعي بماءِ جفني لَهيبُ
ـ فيقول الشاعر أحمد شوقي:
في الأَمرِ ما فيهِ مِن جِدٍّ فَلا تَقِفوا *** مِن واقِعٍ جَزَعاً أَو طائِرٍ طَرَبا
لا تُثبِتُ العَينُ شَيئاً أَو تُحَقِّقُهُ *** إِذا تَحَيَّرَ فيها الدَمعُ وَاِضطَرَبا
ـ فيقول الشاعر ذو الرمة:
أيقنتُ أنَّ الجدَّ قدْ جدَّ جدُّهُ *** وأنَّ التي أرجو منَ الحيِّ لاهيا
ـ فيقول الشاعر أحمد محرم:
ليس الثناء لخاملٍ أو جاهلٍ *** يمسي على جد الحوادث لاعبا
ولقد عجبت من الغواة وقولهم *** جد البلاء فما لنا لا نلعب
ـ فيقول الشاعر ابن الرومي:
يا رُبَّ جِدٍّ لكم في العلى *** قد جعل المالَ لكم ملعبا
ـ فيكمل الشاعر أبوالعلاء المعري:
كم جَمَعَ النّفائس ربُّ مالٍ، *** فلمّا جَدّ مرتحلاً ذَراها
ـ فيقول الشاعر ابن الرومي:
ما فيه من مُستمتَع خِلْتُهُ *** إذا امرؤٌ جدَّ ولم يلعبِ
ـ فيرد الشاعر أبوالعلاء المعري:
إنْ جدّ عالمُكَ الأرضيُّ، في نبأٍ *** يغشاهُمُ، فتصوّرْ جِدّهُمْ لَعبِا
ـ فيقول الشاعر أبو تمام:
كانتْ لنا ملعباً نلهو بزخرفهِ *** وقد ينفّسُ عن جدِّ الفتى اللعبُ
ـ فيرد الشاعر بدوي الجبل:
مالي و للناس جدّ الناس كلّهم *** و ضاع قومي بين الجدّ و اللعب
ـ ويضيف الشاعر ابن خفاجة:
امدُدْ إلَيهِ بكَفّ جَدٍ قائِمٍ، *** تَجذِبْ بِه من ضَبْعٍ جَدٍّ جالسِ
ـ ويكمل الشاعر النابغة الشيباني:
وانفَعْ صديقَك ما استطعتَ ولا تَخِمْ *** إنْ جَدَّ من حَرْبِ العدوِّ فِضاحُ
ـ فيقول الشاعر ابن دارج القسطلي:
شِيَمٌ بِعَدْلِ اللهِ فيك تقسَّمَتْ *** فِي العَالَمِينَ معايشاً وهلاكا
والله أشقى جد من عداكا *** صنعا وأسعد جد من والاكا
ـ فيقول الشاعر الحكم بن أبي الصلت:
جد بي ما كان مني مزاحا *** رب جد حادث عن مزاح
يوم تصميك لحاظ الغواني *** بسهام نافذات الجراح
ـ فيرد الشاعر أحمد محرم:
الله أكبر جد اللاعبون بنا *** وأعمل الذم فينا كل طعان
جدوا إلى الغاية القصوى ولا تهنوا *** إن الرجال أولو جدٍ وإمعان
ـ ويضيف الشاعر مروان بن أبي حفصة:
أبيٌ لما يأبى ذوو الحزمِ والتقى *** فَعُولٌ إذا مَا جَدَّ بالأمْر فَاعِلُهْ
يَرى أَنَّ مُرَّ الحَقِّ أَحلى مَغَبَّةً *** وَأَنجى وَلَو كانَت زُعافاً مَناهِلُه
ـ ويكمل الشاعر أحمد محرم:
هو الجِدُّ لا عُذْرَ للهازلين *** ولا حقَّ إن غَلَب الباطلُ
إذا جد أمر تولى به *** من الهزل شغل له شاغل
دَعوا جانباً نَزَعاتِ الهوى *** فما في اتّباعِ الهوى طائلُ
ـ فيقول الشاعر إبراهيم عبد القادر المازني:
يسك صوت المنى سمعي وتومض لي *** ثغرها عن بديع جد خداع
ـ فيكمل الشاعر إبراهيم ناجي:
حتى رجعتُ مخادَعاً *** ومضيتُ جدَّ مضلَّلِ
ـ فيقول الشاعر أحمد محرم:
وتضيم نفسك وهي جد عزيزة *** تحمي الحقيقة إن تحفز واثب
ـ ويضيف الشاعر إبراهيم عبد القادر المازني:
تلتمس النور كل ملتمس *** هيهات والحظ جد معتكر
ـ فيكمل الشاعر إبراهيم ناجي:
وإذا ما التام جرحٌ *** جد بالتذكار جرحُ
فتعلم كيف تنسى *** وتعلم كيف تمحو
ـ فيقول الشاعر أبوالعلاء المعري:
هُمومٌ بِالهَواءِ مُعَلَّقاتٌ *** إِلى التَشريفِ أَنفُسُها طِرابُ
متى لمْ يضطرِبْ، من عَلَو، جَدٌّ، *** فليسَ بنافعٍ منكَ اضطرابُ
ـ فيضيف الشاعر أسامة بن منقذ:
أقولُ لنفسي، حينَ جدَّ نِزاعُها *** عليك بحسن الصبر إن أمكن الصبر
وألوم دهراً جد في *** تشتيت شملي وهو عابث
أقولُ للنّفِس إذ جد النِّزاعُ بِها *** يا نفسُ ويْحِك، أين الاهل والسلفُ
ـ فيقول الشاعر أحمد محرم:
الأمر جد ما به من ريبة *** والبعث حق ليس فيه جدال
ـ فيقول الشاعر ابن الرومي:
تَحامُق دهرٍ جَدّ بي كالمُلاعبِ *** إلى اللَّه أشكو سخفَ دهري فإنه
إلى اللَّه أشكو سخفَ دهري فإنه *** يُعابثني مذ كنت غيرَ مُطائبِ
أبَى أن يُغيثَ الأرضَ حتى إذا ارتمتْ *** برحلي أتاها بالغُيوثِ السواكبِ
ـ فيضيف الشاعر جبران خليل جبران:
جليت في حلبة السباق *** وجد من جد في اللحاق
هذا رثاء أطلقت فيه *** وهي شجوني بلا سياق
جرى به الحزن من فؤادي *** جري دموعي من المآقي
ـ فيقول الشاعر إبراهيم اليازجي:
أما كفاكم بني الإنسان شقوتكم *** وأنكم للمنايا جد وراد
كلنا فوقها رهن الزوال فلا *** أضلّ بعد الكفى من سعي مزداد
ـ ويختتم ندوتنا (الافتراضية) الشاعر عبدالرحيم محمود؛ بأبيات من قصيدته (مشكلة القوافي):
أرى المعنى بقلبي جد واف *** وإن أنظمه يصبح غير واف
فأبحث عن بقاياه فألقى *** بقاياه بأسنان القوافي
فوا عتبا تعوفت المعاني *** ولم ننعب وعبت في عوافي.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) عضو النقابة العامة لاتحاد كتاب مصر