الكهرباء.. الحزينة تفرح بقلم محمد أحمد سالم
تاريخ النشر : 2020-08-15
الكهرباء.. الحزينة تفرح بقلم محمد أحمد سالم


الكهرباء.. الحزينة تفرح
بقلم / محمد أحمد سالم

يقول الراوي : الصبر طيب وطبيب ، في الحياة - عدد لا حصر له من المنغصات ، واصعب هذه المنغصات الانقطاع الدائم والمفاجئ للكهرباء ولمرات عديدة يوميا ، حتى سلم الناس لحالة إجهاد عصبي، تصاحبها حالة اكتئاب شديدة. ومع نوبات
الانقطاع هذه أصبحت أشبه بضربات القدر ؛ نفس المشكلة من سنوات، واحيانا في خلال ساعة تنقطع وترجع سبعة مرات مما ادي إلي إتلاف الأجهزة الكهربائية والإلكترونية ، وتحوَّل الوضع المؤقَّت بمرور الوقت إلى وضع دائم - حال الكهرباء كحال "الترمس نيء حضوره زي غيابه" إنّ هذه التقدمة نُسيق بها الوضع القائم بالرغم من تعدد مراوح التأويل و التفسير ،
لكن نريدها أن تقتصر على إنها هذه الملهاة وتخفيف ثقل هذه المأساة.

غير أن الحياة علمتني أيضا أن أتمسك بالصبر ولا أفقد الأمل مهما طال الوقت ؛ في ايام الظلم و ليالي الظلام والإظلام وحر الصيف، علينا أن نستمتع بالمنغصات في وقتها حتى لا نشعر بالندم بعد ذلك - تعلموا من أصحاب الكراسي كيف يكون الصمود !!!

- خلَّص حوارك بسرعة

- البلد تحاصره المؤامرات من كل جانب، ونحن نعمل ليل نهار لتوفير كمية من الكهرباء لكل مواطن.. ومع ذلك يأتي مواطن يقول ساعات الوصل اقل من ساعات القطع .. لا مفيش وصل خالص.

- من حق المواطن ان تقدم له الخدمات ومنها الكهرباء

- دارى على محطتك تنور دارى على خيبتك ودور .

- يا جماعة نحن في 2020 يا رب سلم

- طيب فين الحكومة ؟ أي حكومة فيهم ؟!

- حكومة منه فيه.

- وفين المجلس؟ مجلس مصطبة

- فعلًا لك حق. كثر خيرك. السلام عليكم.

ثم بدأت مرحلة تدريب أهل البلد على الاستماع السلبي لهذا المسؤول صاحب التصريحات المزعجة " جواب النحس على طرف لسانه"

ويقول المثل ايضا "الخائب زي بياع الباذنجان ما يهاديش صاحبه إلا بالسودة " والتجارب في مثل هذه الحالات غير مطمئنة تماما- والمسؤول بدرجة "محتاس"، طول النهار قالب دماغنا بالكلام عن الاستراتيجية والتكتيك والتخطيط والتنشيط.
والانفصال عن الواقع.. إن الامر يتلخص تماما بما تتحفنا به تصريحات وافعال امثاله من الفضائيين الاستراتيجيين.

فكل هذه المشاهد متوفرة ، نفس اللاعبون يُعاود انتاجهم و إن تمخضت السياسية و الساسة عن الفراغ التام ، انه الوضع المفضل لدى ساستنا الأشاوس ، لتكثر فرص الملهاة و الفرجة المتاحة من إبداع ، وبمحاكاته في البعد عن قضايا الناس، وتناوله همومهم، و تحرجه من نقد الواقع السياسي والاجتماعي المحيط. ولكن
الشعب لا ينسى من عمل من أجله، أما من يعمل من أجل نفسه، فينساه بمجرد رحيله عن الدنيا، واحيانا قبل أن يرحل عنها ، ليبقى المواطن البسيط الأكثر ولاء للوطن لأن لا ملجأ لهم غيره فهم الأكثر نقاء و زهدا من السادة الاستراتيجيون؟

وقيل: ان الحكومة في الكثير من الدول، تكليف لا تشريف، وهي خدمه وليست سياده لأنها في النهاية وظيفه وليست هبه يمنحها الله لعباده الصالحين .وهي متواصلة ومتتابعة ،كل حكومة تحمل الشعلة من الأخرى وتندفع علي الطريق ، ليس هناك عهود
بائدة وعهود أخري سعيدة لأنها دائمه وثابته لا تتغير إنما يتغير اعضائها. لعل هذا هو الفارق بينهم وبعض دول العالم الثالث، ففي هذه الدول "حكومة" وفي البلاد إياها "عكومه" مهمتها الوحيدة "عكم" الشعب وتأديب وتهذيب وإصلاح المواطنين ، مع التقليد المتوارث في عدم تغيير الوقائع ،لكن تقاسم السلطة و
النفوذ و المصالح التبادلية لتظل نفس الادبيات و المسلكيات المنهجية في العمل ، باعتبارها الحل الوحيد وفق الاجواء العامة – الحزبي المنفعي.

لا بد أن تنقطع الكهرباء فعلا لأعرف مدى صلاحية كلام المسؤول ، لا بأس.. ستنقطع حالا، بدأت أشعر بالتوتر، من المستحيل أن أتأكد أن هذا المسؤول يعمل بكفاءة بغير تجربة عملية. انقطعت الكهرباء عند كتابة هذه الجملة من المقال.