الزنبقة السوداء للكاتب الكسندر دوماس بقلم:عبله عبدالرحمن
تاريخ النشر : 2020-08-12
الزنبقة السوداء للكاتب الكسندر دوماس
عبله عبدالرحمن
"حق السعادة هو: لمن قاسى الكثير" عبارة ختمت بها رواية الزنبقة السوداء للكاتب الفرنسي الكسندر دوماس. الكاتب يستدرك معنى السعادة حين يؤكد ان سعادة ابطال روايته اكبر من سعادة اميرهم الذي كان همه تحقيق عظمة هولندا فيما الافراد يرون عظمتها بجمال ازهارها. حس العمل بالمسؤولية وثقلها بتحقيق امان الافراد كان الشعار الذي يعبر به الساسة لقلوب المواطنين. اما الان ونحن نعيش كابوس الدمار الذي حصل ببيروت وبعد ذلك وجعه الذي سكن قلوبنا لهول ما صار؟ ولماذا صار ؟وكيف صار؟ بالمقابل يأتينا الوجع من الاجابة الواحدة المتفق عليها من اصحاب المسؤولية والساسة بعدم المعرفة وانكار المسؤولية التي ضاعت امام التعاقب في عدد الزعماء والطوائف. في الوقت الحاضر الشعوب هي التي تقود نفسها للمعرفة، ومادامت ابواب المعرفة الصحيحة موصده، وما دام مقدار ما يعرفه الناس لا يشفي الغليل سيبقى اللغط قائما في حقيقة صحة المعرفة التي لن تصل في معظمها للحقيقة بشيء. لم نستغرب ان يتفقد الرئيس الفرنسي ماكرون اثار الانفجار ويسير بين الناس دون حرس مطمئنا وامنا في وسط بيروت : بيروت الدمار، بيروت الجوع، بيروت الغضب بيدا ان احد من قادة لبنان لن يستطع السير دون حرسه وسط العامة. ليت بيروت بقيت (سويسرا الشرق). الوجع الدامي ان تتعالى اصوات وتواقيع مطالبة بعودة الانتداب الفرنسي وعودة المحتل.
اعود لرواية الكسندر دوماس: الذي يتحدث عن اناس يتمتعون بالسعادة، السعادة الحقيقة. فيما صارت سعادتنا نحن: ان نفر من فحص عشوائي لوباء كورونا!. ان نفر من صاحب البيت الذي يطالبنا بالايجار. ان يفر صاحب العمل من تأمين اجور عماله دون ان يتعرض لمسائلة القانون. والقائمة تطول لاشياء كانت عادية واصبحت من اسباب السعادة في زمن الاوبئة والانفجارات.
الاب في رواية الزنبقة السوداء يوصي ابنه "ان يعيش هادئا وسعيدا قبل كل شيء". هل يستطيع اب ان يوصي ابنه بأن يلتفت لسعادته وهو لم يوفر له الحياة الكريمة في حياته.
في بداية رواية (الزنبقة السوداء ) كانت الناس ثائرة وغضبها يصدح بالشوارع وتريد وتطالب وتهتف بالموت على الاخوين كورنيليوس وفيما انجز الناس عملهم بالقضاء على من تسببوا بالفتنة وهم الاخوين كورنيليوس يحصل الندم في نهاية الرواية على وفاة الاخوين مسحوقين تحت ارجل الناس، ويعتذر الامير ويقول بانهم كانا رجلين عظيمين قتلا اثناء غضب شعبي. ان بلدهما هولندا فخورة بهما. بالنسبة لما يجري في حاضرنا هل سيتم الاعتذار عن عملية السلام ام الاعتذار عن وجود اوسلو ام الاعتذار عن الربيع العربي ام صفقة القرن ام عن وجود كل هذا الفساد الذي قضى على كل الاحلام وماذا سينفع الاعتذار عن وقوف سفينة بعرض البحر كل هذا الزمن وهي محملة بالمتفجرات دون ان يحرك ساكنا من المسؤولين لا بالاعتذار ولا بالاستقالة. هل ما زالت نظرية المؤامرة قائمة؟ وان ما يحصل من فتن مربوطا بأجندات خارجية وفوضى لم تكن خلاقة الا لكل ما هو بشع وخراب.
في الرواية هناك شخصية رئيسية الى جانب البطل اسمه بوكستل والذي عمل جاهدا على محاربة جاره السعيد في وصوله لاستنبات زنبقة سوداء تمكنه من الفوز بالجائزة والتي قيمتها مئة الف غيلدر ونجح بوكستل في الحصول على الزنبقة وتقدم للحصول على الجائزة وكاد ان يحصل عليها لولا ان حجج الباطل ضعيفة واصحاب الحق ما يزال صوتهم اعلى واقوى! وسقط على الارض بعد ان ولت كل محاولاته ومكائده بالاستلاء على حلم وجهد ليس حلمه ولا جهده. سقط ميتا فيما الاحتفال استمر كما كان مخطط له، وانتصر الحق على الباطل. كم بوكستل نقابل بالحياة وكم بوكستل يمضي سعيدا معتلي على سعادة غيره.
هل ستمس اشعة الشمس اشجار الزيتون ونغامر ونحلم بالحصول على السعادة كما جاء برواية الزنبقة السوداء بأنها حق لمن قاسى الكثير.