ملحمة الرحيل والعودة بقلم : د. حنان عواد
تاريخ النشر : 2020-08-05
ملحمة الرحيل والعودة   بقلم : د. حنان عواد


من ملحمة الرحيل والعودة
فارس الليلك يناجي رابعة
  بقلم : د. حنان عواد

عضو المجلس الوطني
رئيس فرع فلسطين للرابطة الدولية للقلم
رئيس العلاقات الدولية-الاتحاد العام للكتاب والأدباء الفلسطينيين.

كلمة للأديب حكم بلعاوي.

تحية للأديبة حنان عواد على هذا الابداع، وتسجيل الظروف ببراعة ،وشجاعتها في الكلمة والوفاء،فهي برائعتها "فارس الليلك وعيون رابعة" تستشرف بعيون زرقاء اليمامة شعاع النور الذي يسطع في رحلة الطواف ،بجدلية سالك الاشراق في أشواق المطلق الالهي في التجربة الدرامية الأبدية،لتلقي الضوء علينا في أزماننا الفائتة، في الفتح الأعظم،مضموما بكل علامات الرفع التي تتحدى الأنكسار،لتسجل حضورا فلسفيا لما كان، واستباقيا لزمن لم يكتمل نوره بعد في بحر فلسطين وشواطئ غزة.

حكم بلعاوي.

تقديم الأديب الناقد د. نبيه القاسم.

ملحمة حنان عوّاد في

"فارس الليلك يناجي رابعة"

د. نبيه القاسم
أن تكتب حنان عواد نصّا إبداعيّا وتتركه بين أيدينا لنقرأه يعني أن نتحرّر من كلّ ما يشغلنا، ونتوحّد مع ذاتنا ليصفو ذهننا وترتاح عيوننا ونتهيأ لرحلة متميّزة، صوفيّة المنحى، تأويليّة المعنى، تأخذنا إلى عوالم نحرص على عدم الضّياع  فيها، وتشدّنا إلى التمسّك بيقين أكيد وأمل سيتجسّد ولو بَعُد، وواقع سنعيشه ولو طال زمن الوعد، واقع اعتقدنا أننا حقّقناه فخدعنا، وكان أشبه بحلم عشناه وتلاشى بمجرّد أن لفحت وجهنا نسمة ريح أو لمسة يد.

حنان عوّاد في نصّها الإبداعي هذا تقوم برسم رحلة فارس الليلك مضطرا خارج الوطن، تاركا أهله والجميع تحت رحمة المحتل الغريب، يرحل ليخطط كيف يعود، وكيف يلتقي الأهلَ والمعشوقة الأبديّة التي لم تهدأ للحظة وقد غادرها الفارس العاشق.

حنان عوّاد المتقمّصة شخصية رابعة العدويّة الساعية للتّوحّد بالفارس الإله الذي تعشق، الممتزجة بالوطن الذي تحبّ، الوطن الذي يشمخ من إشعاع عيون الفارس وكبرياء رابعة  الحاملة رسالتها المقدّسة لتنقلها إلى كلّ مكان وفي كلّ زمان، تمضي مع فارسها، يصعدان في معراج الرب لتحقيق الأمل وتجسيد الحلم.

رابعة مدركة للزمن الذي تعيشه، فهو زمن غدّار يذوب ويتلاشى، لا أمل في تغيّره للأفضل ، الصمت سيّد الموقف ولحن الموت هو المُرَدّد. لكنّها على يقين أنّ الحاضر لا يدوم، فلا زمن يقف، الحاضر بداية للمستقبل وحافز للأشواق، والصمت سينتهي إذا بدأ الكلام. كل رحلة تبدأ بخطوة واحدة، ووميض الروح بداية صغيرة لرحلة قد تكون كبيرة، رحلة السّالك في فضاءات الصّعود. فدقّات السّاعة تقترب ودفق القلب يكفي لأيّة بداية تنشر النّور في الكون.

حالة رابعة النفسيّة وحتى السّلوكيّة تُثير اهتمام وتساؤل فارس الليلك عندما يلتقيها في المنفى فيسألها:

-هل تنامين مستريحة هادئة الفكر؟ هل يتخلّل النور خصيلات شعرك؟

فتجيبه صادقة: لا أنام مستريحة منذ عبرت سلالم هذا المكان، والنور يتخلّل خصيلات شعري ويغادرني، وأمتطي صهوة الصمت من جديد.

فينبهها للحقيقة التي يجب إدراكها، وأنّ عليها أن تعيش واقعها الذي فُرض ولا تهرب إلى الانشغال بالوعود البعيدة

-كيف لكِ أن تتحدّثي عن الإشراقات الكبرى قبل المرور بالصّغرى؟ وإذا كان الواقع يمكن أن يُعاش فلماذا الحلم؟

ويطمئنها على مكانتها في قلبه: أعلم أنّك رابعة، أعلم أنّك الاستثناء.. المرأة الاستثناء. واختياري لك وتوجّهي إليك، اختيار للنَّدرة في زمن مسودات الفكر والإنسان. أنت نادرة مستثناة، منزّهة عن الخطأ، في أمانك القدسي تنتشر الأماني وعودا. أريد أن يأتيني صوتك لحنا لم يخطر في بال موسيقيّ من قبل، وأغنية لا يُضاهى إيقاعها، ولم يتناولها شاعر بعد. لقد ملأتِ الكون ورودا وعبقا من ياسمين، فأنتِ الياسمين الطبيعي في حديقة حياتي التي كانت جرداء قبل أنْ أبحرَ إليكِ.

وإذ تصارحه: يقلقني في عينيك الغضب المستور تحت دنف الأشواق.

 يجيبها مؤكدا ومطمئنا : مطلبي المنشود هو أنتِ، ولا أنحاز عنه في حياتي. أنتِ لستِ امرأة اللحظة.. ولا سيّدة العبور.

وبومضة لامعة تتراءى له رابعة امرأة ضبابيّة تتدثّر بخارطة الوطن، فيناجيها مبتهلا: أنتِ أمواج العبور في الماضي وأطياف وجود الحاضر، وأنت حقيقة حقائق المستقبل. أنت كلّ الذكريات التي أحبّها وأعيش معها، أنتِ العقل والقلب والرّوح، بل أنت الدم الذي يجري في العروق، أنتِ شجرة الياسمين التي أزهرت في بستان حياتي والتي ستبقى تنثر عقدها في كل حين. أنت أنا، والرحلة إليكِ صعبة جدا، ولكنها تستحقّ أن تُعاش.

فتتلقّف حروف كلماته هازجة: أن تكون معي يعني أنْ تفجّر فيض الروح في المطلق منذ البدء، وفي روح البدء والتجلّيات. فهل تستطيع أنْ تبوح بالسرّ وتنطلق معي إلى الأعلى في رحلة التّوحّد والكشف والإشراق..؟؟

أن تكون معي، أن تكون أنا .. أن تكون ذاتا في ذات، أن تكون سنَدا، أن تكون التّدفّق والتألّق، أن تكون وطنا تدثّر بخارطتك، أن تكون التاريخ، وأن تكون العاشق الدّائم والشعلة المضيئة، والباعث الشعلة في الجدران الموصدة، المقتحم الأسلاك الشّائكة، حاملا تاج الغار.. أن تكون إيقاع القصيدة وعَظَمة الإلهام.

لكنّ الفارس يُدرك أنّ لقاءه برابعة لن يدوم وأنّها ستتركه وتعود للوطن  فيقول حزينا نادبا حظّه: هذه هي أمسيتنا الأخيرة في المحطة الأولى، المساء الأخير الذي ستعودين بعده إلى حيث تقيمين هناك، في الوطن، في رحلة الحبّ الكبرى، الوطن الذي تمنيتُ أن أحظى برؤيته وهو يحتضن أنبل ما قابلت عيناي. إنّني أراه في عيونك المشعّة صدقا، عزيمة وكفاحا، أيام مرّت وأنتِ تحملين الوطن تاج غار في المحافل الدولية.. تتحدّثين عن الفارس والأرض ، تُجسّدين فلسطين حلما وواقعا، وأنا أرقبك بروحي وجروحي. أحسستُ بكل معاني الجدّ والانتماء، وأيقنت بأنّك في داخلي، في أعماق نفسي، منذ زمن طويل.

ويكاد يبكي والألم يعتصر قلبَه: سأودّعك ، وألم عميق في الروح يطغى على مشاعري وأحاسيسي. يا ليتنا تحدّثنا منذ اللقاء الأول قبل سنين في المحطة السابقة. في القطار الأسرع، حينها كنتِ في أعماقي دون أن أشعر، ولمّا تقابلنا أحسستُ بأني أمتلك ناصية الوجود ، وشعرتُ بأنّي قريب جدا من الأمل.

ويُتابع: في نهاية الأسبوع القادم سيُعيد القمر تألّقه، وسيبدأ هلالا، وكلّما ابتدأ في التكوين وهو في خدر أمّه، أراك على مشارف القدس تعانقينه. أيّتها القُدسيّة الآتية من غيوم الإسراء، المدثّرة بوطن المنافي بدم الولاء، يا امرأة تُشرق منه كلّ النساء وحروف اللغة، الآن، إيقاع الزمن يفرض هجيره المرّ علينا .. الآن، يبدأ العَدّ التنازلي التّصاعدي في الرحلة الأصعب.. الآن تتفجّر الآهاتُ المكتومة غيظا أو فرحا ، لستُ أدري، والآن حان أن نكون معا أو لا نكون، رحيلك لن يحدث، ستبقين حاضرة في قلبي وذاكرتي. ففراقنا لن يحدث، كل ما هنالك بأنّك ستذهبين بنبض المسؤوليّة ، ستغيبين عنّا جسدا فقط، أمّا روحك فستظل روحي تمتدّ إليها وتتواصل معها وتحميها.

وترحل رابعة، وتبدأ عملها في الوطن تستعدّ لاستقبال فارسها، وتتوحّد معه فوق تراب الوطن. وأينما تذهب وتحلّ تكون عيون الفارس ترنو إليها من المنافي البعيدة، فتغمض عينيها وتفتحهما لتلتقي بعيني الفارس العاشق، فتمدّ يديها علّها تلامس بعضا من هذا  الإله، وتهمس مناجية عاشقها:

- كم أحببتُ نفسي فيك، وكم توحّد الحبّ في عيونك حينما أطلق الإشعاع نحوي، وتمايَلت خطاك في عرس التّجلّي، كم اكتملت صورتي حينما احتضنتها جنينا، وكم تألّقت روحي وهي تطوف حول إشاراتك الإلهيّة الموجّهة من روح الوعد.

ويتحقّق الوعد، ويقترب تحقيق الحلم وتجسيده في الواقع، ويحل الفارس في الوطن وتكون مدينة غزة محطته الأولى، وغزة تزف إليه فلسطين.. تعانق جبهته تيجان غار.. عيون الناس تلمع وميض فرح، الوجوه استبشرت بطالعها تتألّق شامخة.

وتمتشق رابعة كوفيّة العودة، وتمضي إلى مقصورة استلقى فيها رسول الحرية. تحمل في يدها كأس الولاء والوفاء لتوبة أرض وصرخة حلم.

وابتدأ فارس الليلك خطواته مختالا في الميلاد وفي الحياة، يُبشّر الأرض والإنسان. فارس الليلك لا يغفو، يرسم من روحه في روحه شارة النصر، مبعوثا من روح أضاءت دروبا في المنفى وعبرت الوطن بعيدا قريبا في نبوءات بدأت تتحقّق.

ويكون اللقاء بين الفارس ورابعة فيحميها ويخبئها برموش عينيه فتغفو لتصحو بعدها وتكتب وتغني : عرفتُ الهوى، بل عرفني الهوى منذ حللت ربوع الثرى.

 تغني في العشق أغنية الصحبة في القتال والوطن والثورة.

وتردّد سماءُ وأرضُ الوطن أهزوجة الفرح بعودة فارس الليلك، وتشهدُ التلاحمَ الكامل بين رابعة والفارس وتَداخلهما معا في ثنايا مَداخل الوطن الذي تشعّ كلّ بقعة منه بأنوار قدسيّة مُهللة فرحة مُردّدة بإيقاع قدسيّ جميل:

-أيتها البنفسجة والقرنفلة المضيئة المداخل على مشارف المدينة. لا تنحني للرّيح، ولا تتوقّفي عن العَبق، لأنّ نفاذ العَبق يُحيل الكونَ صحراء والرؤيا سرابا. يا شجرة الياسمين بحبيباتها البيضاء مجتمعة لتُعانق عنقَ الحسناء.. انحني لرابعة في نقاءات النّقاء. في فيض الروح وبواكير التّجلّي في فضاء وطن ينهض، يتعافى، يتحرّر من أسلاكه الشائكة.. ويا أزاهيرَ الرّوح والليلك، لقد آن لكِ أنْ تتجمّعي أكاليل نصر، وباقات عشق للفارس في وجهته إلى فلسطين.. من فلسطين.. في فلسطين.

وكما أنشدَت رابعة وابتهلت للربّ ورقصَت، هكذا عمّت الفرحةُ كلَّ الوطن وكلَّ الناس، وتناسَوا الآلامَ والأحزان، وعاشوا الحلمَ المتجسّد متأكدين بأنّ الإله قام والميزان نُصب، والعدالة قد تتحقّق في حدود الإمكان، فعُزف النشيد الوطني، وارتفعت الرّايات متلألئة مرفرفة بألوانها الأربعة.

وأخال حنان عوّاد تجلس بعد كلّ الذي تحقّق، ورسمته في مَلحمة جميلة تبعث اليَقظةَ والرّغبةَ والتّحفّزَ، وتُجسّد للأجيال الشابّة بطولات الآباء والأجداد، وتعود ببعضهم لطفولتهم الغَضّة القابضة على الحَجَر والرّاجمة الدُّخلاء على الوطن ومدنّسي تُرابَه، تجلس وتتمثّل أمامها فارسَها الإله الرّابض بجسده المُضَمّخ بعطر أزهار الوطن الذي يحضنه ، تتوقّع في كلّ لحظة انبعاثه حيّا وقيامته الأكيدة عاقدا كوفيّته ورافعا يديه بشارات النصر الأكيد والملايين من الناس تلوّح بشارات النصر وتنشد النشيد الوطني: موطني موطني موطني وتلوّح بالرّايات المتألقة بالألوان الأربعة.

وأرى حنان تنتفضُ وتقف منتصبة في حالة استعداد لبدء معركة البقاء والتجذّر فوق، وفي تراب الوطن، تمدّ يديها للفارس الإله الذي قام وعاد إليها وهي تنشد بصوت عال:

بيض صنائعنا، سود وقائعنا             خُضر مَرابعنا، حُمْر مَواضينا

أخيرا: حتى لا يحدث الالتباس، وتكون التساؤلات، أريد أن أعترف للصديقة الأثيرة الدكتورة حنان بعد قراءة نصّها الجميل أكثر من مرّة، ومحاولاتي المتعدّدة للكتابة،  أنني لم أجد لي من سبيل غير اقتناص نصّ حنان المبدعة لأدخل في زواياه المخفيّة ودلالاته المستعصيّة، فليس لغير كلماتها هي من قدرة على اختراق نصّها، فلتعذرني المبدعة الصديقة حنان عواد، فقد أخذت كلماتها وأعدت توزيعها لأكشف خفايا نصها الرائع.

أرجو أن أكون قد نجحتُ فيما أردتُ، وأن ترضى الصديقة حنان عمّا فعلت.

وشكرا

نبيه القاسم

جدلية اللقاء الاول

في اللقاء الوجودي من اشعاع عيون "الفارس"، وفضاءات المثل ، وكبرياء "رابعة"،يطل الوطن شامخا، يرتفع الغار على جبينه،

وترفرف خيوط النغم المنسوج من ايقاع أزاهير الروح التي تلاقت مع الثرى في خفق نداءات الخالدين.

في اللقاء ألأول، عيون الرجل الذي أحب الرجل الذي لا يقهر، وروحه الظليلة التي تزين الكون بحلى الطمأنينة وسكون اللحظات في وداعتها، وهي تزف في زمن الحلول وعودة الروح.

ألأضواء هادئة ،والحديث يرف بنعاس، والمعنى-الوطن المفهوم الحقيقي للحب...في وداع لحظات كانت في ذاكرة لم تكتمل فلسفتها، ووعي لم تخفت أضواؤه-في محاولة لنزع البقاء الحالم في رحلة كادت تكون ديمة ممطرة في أيام غابت أمطارهاعشية الأول من وفاء الوعد، والثاني من اكتمال العهد، والثالث في التكوين أو الخروج.

رابعة اشارات الروح

بعد صمت وتفكر، تقدم رابعة اشارات الفكر الالهي في المعنى المطلق للحب،

ليس هناك مفهوم حقيقي ومفهوم غير حقيقي للحب،

الحب في حد ذاته المفهوم المكتمل،

والعبادة تستلهم فيضها من هذا المفهوم الذي لا يقبل التفسير أو التجزئة....

وبعد خيال مديد أحست بأن عليها أن تكتب....

ولكن،ماذا تكتب؟أتكتب سطورا عابرة،

أم تكتب حقيقة الحقائق؟

أن تظل في الروح وتكتب لها وبأسمها...

وهي فلسطينية وحيدة ،ولدت لمدينة المدن،

"في مدينة المدن الوحيدة."


فاستوقفها قائلا:

- أعرف الآن وأنت معي بانك ستسألين عن هذه الحقيقة، وحتى لا أطيل عليك وقت الأنتظار، لتلقي الأجابة، سأكتب الحقيقة محررة بشذور التأمل القصوى،                

متدفقة التيار في علو المجد،

 أرددها نبرات صوت متناغمة ومرتفعة المدى..

لقد بدأت رحلة الوعد في سجل حقيقة الحقائق التي ستكتبين..

صباح الخير،  صباح قطيرات الندى،

صباح حنين الأمواج القادمة من أنفاس أريج جنان الخالدين،

 مبعوثة بالعودة..

صباح حرارات العذابات واحتراق شمعة حكم الزمان عليها،

 الزمان الذي طالما تحدثت عنه بالأحتراق...

هكذا، هي تعلم ..ومع ذلك لا تشتكي،

لأنها تعلم أنها خلقت لذاك.

أعلم بأن في احتراق الشموع تشتعل الروح،

ويذوب الصمت المجروح على أعتاب الزمان الغادر المغادر.

أعرف كل الأشياء،

كل الأنواء،

أعرف أن النار تضيء،

والروح ستبقى مثل النار تضيء.

أعرف كل قصص العاشقين،

وبأن النار تذوب،

والزمن الحاضر يذوب،

والأمل يذوب ويبقى الصمت.

أعرف كل الصلوات وكل قراءات القديسين.

أعرف ألحان الموت،

وأعرف أن صفاء الروح بديل عن تفتيت الياسمين.

أعرف أن الرحلة الكبرى لم تبدأ،

ووميض الروح لم يتجل بعد.

والنار في الأنتظار.

-هل تعرفين بأن في ضياء النار عذابا؟

فلماذا تختارين العذاب للآخرين؟؟؟؟

فاذا ذابت نار العاشقين فليسوا بعشاق..

والحاضرهو بداية للمستقبل وحافز للأشواق.

فلماذا يبقى الصمت اذا ابتدأ الكلام؟؟؟

ولا يعرف ألحان الموت ألا من مات..

وكيف يكون هناك صفاء للروح بلا ياسمين؟؟؟

ومن أباح لك تفتيت عرس الياسمين؟؟

"فجرا تسافرين"،

فجرا تعودين"،

أبدء منتهى أنت؟

من أنت؟

يا أنت

وانت تغلقين وراءك

بوابات زمن الدائرة.


آه سيدتي..

ألا تعلمين بأن أية رحلة تبدأ بخطوة واحدة،

ووميض الروح هو بداية صغيرة لرحلة قد تكون كبيرة،

رحلة السالك في فضاءات الصعود.

ولماذا ننتظر النار اذا كان في استطاعتنا الوصول الى الجنة؟؟

حدثني عن روح البدء،

وعن أجنة التكوين..

عن حروف الروح في المطلق..

حدثني عن اشراقات كبرى، لا صغرى،

عن حلم لا ينسى،

عن زمن لا يغادر،

عن حال لا يتحول.

حدثني كيف نعتقل الزمان في أقفاص السعادة.

حدثني عن نبوتك في..

ولا تنس أن دقات الساعة تقترب،

أنها تقترب.

أن وميض القلب يكفي لأية بداية

تنشر النور في الكون.

-لا اريد أن اقارن اللون الأسود بالاسم المعنون المعنى...

لماذا تكون النار محاور مرسى الأحاديث؟؟

وكيف تتحدثين عن الأشراقات الكبرى، قبل المرور بالصغرى؟

واذا كان الواقع بتفاصيله يمكن أن يعاش، فلماذا الحلم؟

لا يوجد زمن لا يغادر،

ولكن تبقى الروح سيدة الحب في الأطلاق.

ولماذا نعتقل الزمان ليفقد حريته وينطفيئ وينطوي...

هل تغادر الأقمار سماءها والطيور أعشاشها والأسود عرينها؟

لماذا تحلقين فى سماء بلا أقمار، وهي تبدو مظلمة؟

وكيف تتوقعين مغادرة الأسود والطيور؟

واذا غابت تغاريد الطيور ومواقف الأسود،

 فماذا يبقى؟.

*أقدارنا!مسافات زمنية نعايشها،

أقمارنا !اضاءات نصنعها،

والظلمات استشعارات نفسية نعيشها حين تتوارى ومضات أرواحنا..

-انني أرى في عيونك هذا المساء ضبابا وحسابا خفيا وضياعا دقات..واختفاء..واخفاقات.

تتدفقين حياة..تعبرين فراشة للفجر

وقطيرات...

-فهل تنامين مستريحة،هادئة الفكر؟

-وهل يتخلل النور خصيلات شعرك؟

لا أنام مستريحة منذ عبرت سلالم هذا المكان..

يتخلل النور خصيلات شعري ويغادرني،

وأمتطي صهوة الصمت من جديد.

_تسافرين..تبتعدين..تشرقين

وتقتربين حلما، محارة الوطن الذي أنت.

لو فاض الحنين عندي، وأردت أن أكتب شعرا ،

لسطرت على أوراقي البيضاء قصائد لا يتكرر ايقاعها،

ولو أردت أن أقتبس جميع الأغنيات الحالمة في رحلة العشق

 لما اكتفيت

بكل الألحان وكل الأغاني الخالدة.

ولو أردت أن أقطف كل ورود الأشواق اليك من كل حديقة ورد

 وكل ياسمينة على مرفأ الأنتظار،

لملأت الكون أريجا وأهازيج ،ولكن:

أعلم أنك" رابعة"،أعلم انك الأستثناء...المرأة الأستثناء.

فاختياري لك وتوجهي اليك، اختيار للندرة في زمن مسودات الفكر والأنسان..

أنت نادرة مستثناة،منزهة عن الخطأ،

في أمانك القدسي تنتشر الأماني وعودا.

لا أريد منك أحلاما في رحلة العشق الكبرى،

في العبور الى المطلق،

فالأحلام تبقى في الماهوية أحلاما نستيقظ منها بعد نوم عميق...

أريد ان يأتيني صوتك لحنا لم يخطر في بال موسيقي من قبل،

وأغنية لا يضاهى ايقاعها،

 ولم يتناولها شاعر بعد.

لقد ملأت الكون ورودا وعبقا من ياسمين..

فأنت الياسمين الطبيعي في حديقة حياتي التي كانت جرداء قبل ان أبحر اليك.

الهوية.....الكبرياء

* ولكن الزمان يتوارى خوفا ،

 والبرج الراصد يترقب ،

 والضوء الخالد يمضي في عيني .

 -يقلقني في عينيك الغضب المستور تحت دنف الأشواق .

- مطلبي المنشود هو أنت ، ولا أنحاز عنه في حياتي ،

 ولن تنحاز عنه روحي في لقائي بالمطلق ،

 وكلما نظرت الى الساعة ،

ينتابني القلق ،

 لأن اللحظات الرائعة التي اقضيها في الحوار معك،

 أتمنى أن لا تنتهي ..

 فهل أعني لك ما تعنينه لي ؟

 هل ترينني في صورتي المكثفة التي أحاول أن أنقلها اليك !! .

* ماذا تعني لي ، لا ادري ..أذكرى جميلة ، أم خاطرة عذبه .. أم عقد ياسمين ..

 أفداء ... أم وفاء ...

أطريق للصمت ،أم طريق للفكر، أم طريق للولاء .

 أن تكون معي في كل معنى ومبنى ..

 يعني أن تمتزج روحنا وأصير معك

 والا أحاول أن لا أكون معك ...

- اه سيدتي ...وطيف روحي، ورائعة وجودي ، واكتمال عشقي وطريق حريتي ،

 لا اريد أن أكون ذكرى، حتى لو كانت جميلة ،

 لان الذكرى تبقى ذكرى،

تنسى في أغلب الاحيان ،

 ولا خاطرة عذبه سرعان ما تتبدد عند خاطرة جديدة ،

 ولا عقد ياسمين تزينين فيه صدرك لبعض الوقت،

 ثم تطرحينه في الركن المنسي...

أريد أن أحمل دقائق أيامي وأحتفظ بها،

 لأقدمها اليك على الثرى .

 يقلقني مرور اليوم بعيدا ،

 ترعبني المسافات ...

 تخيفني الشعيرات البيضاء، وهي تعكس مرارة المرور.

وأنت لست امرأة اللحظة ... ولا سيدة العبور .

يا امرأة ضبابية يولد الشعر بين يديك ...

 وتتدثرين بخارطة الوطن ، وتعبرين شقاق الروح .

 أما ما تعنين لي ، فأنت أمواج العبور في الماضي ،

 وأطياف وجود الحاضر ،

 وأنت حقيقة حقائق المستقبل ...

 أنت كل الذكريات التي أحبها وأعيش معها ،

 انت العقل والقلب والروح ،

 بل أنت الدم الذي يجري في العروق ...

أنت شجيرة الياسمين التي أزهرت في بستان حياتي

 والتي ستبقى تنثر

 عقدها في كل حين .

أنت أنا، والرحلة اليك صعبة جدا

 ولكنها تستحق أن تعاش.

لن تسقط القوارب في البحر، اذا كان ربانها شجاعا ومتقنا لابحاره ...

. ولماذا يسقط ؟؟

هل هناك من أخطاء فيه قبل أنطلاقه في البحر ؟؟.

 أن تكون معي .. أن أكون معك . لا أدري ...

 فاللحظات المضيئة بيننا،

 تطرق على أبواب الأبحار في قاربنا ..

 والقوارب قد تغرق في البحر ...

والبحر قد يسقط القارب ،

و القبطان، هل يستطيع ان يحمي قارب الأبحار هذا ؟

!أن تكون معي يعني أن تفجر فيض الروح في المطلق منذ البدء،

 وفي روح البدء والتجليات .

فهل تستطيع أن تبوح بالسر وتنطلق معي الى الأعلى في رحلة التوحد

والكشف والأشراق ...؟!

أن تكون معي ، أن تكون أنا .. أن تكون ذاتا في ذات ..

 أن تكون سندا ..

 أن تكون شيئا ، أشياء ،

عفوا،

 بل كل الأشياء ...

 أن تكون التدفق والتألق ،أان تكون وطنا تدثر بخارطتك ..

 أن تكون التاريخ ، وأن تكون العاشق الدائم والشعلة المضيئة ،

 أن تكون نقش الروح واختفاء معالم الجروح .

أن تكون معي ، يعني أن تكون المتنور ، المتنبي ،

 الباعث الشعلة في الجدران الموصدة ،

 المقتحم الاسلاك الشائكة ،

 حاملا تاج الغار ...

 أن تكون ايقاع القصيدة وعظمة الألهام .

 أن تكون معي ،

يعني ان أبدأ رحلة الابداع المتجددة المتميزة النادرة البدء ،

 رسالة للوعي والأنتماء.

 رسالة لا يمكن تمزيق أوراقها،

ولا طمس حروفها

ولا اختلاس نقاطها ..

 أوراقها تورق مواقف جادة ونبوءات .

وداعية  

-وسترحلين في أمان الله وحفظه،

رعتك عين الخالق وحفظك من كل شر.

وأبعد عنك كل مكروه،

 وأحاطك بحنين الأوفياء ودعاء الصديقين.

هذه هي الأمسية الأخيرة في المحطة الأولى التي ابتدأت في قطار الوجد...

المساء الأخير الذي ستعودين بعده الى حيث تقيمين هناك ، في الوطن،

في رحلة الحب الكبرى،

الوطن الذي تمنيت أن أحظى برؤيته وهو يحتضن أنبل ما قابلت عيناي.

انني أراه في عيونك المشعة صدقا،عزيمة وكفاحا.

غاليتي،

أيام مرت وأنت تحملين الوطن تاج غار في المحافل الدولية..

تتحدثين عن الفارس والأرض والبطولة،

تجسدين فلسطين حلما وواقعا،

وأنا أرقبك بروحي وجروحي،

أحسست بكل معاني الجد والأنتماء،

 وأيقنت بأنك في داخلي،

في أعماق نفسي،

 منذ زمن طويل.

 كم تمنيت لو أني عرفتك  منذ عرفت الحياة،

 يا أجمل ما فيها!..

.وأنت تصيغين في كل لحظة حياة،

قصيدة عشق منظومة الأيقاع.

سأودعك،

وألم عميق في الروح يطغى على مشاعري وأحاسيسي.

.يا ليتنا تحادثنا منذ اللقاء الأول قبل سنين في المحطة السابقة،

في القطار الأسرع،

حينها كنت في أعماقي دون أن أشعر،

ولما تقابلنا احسست بأني أمتلك ناصية الوجود،

وشعرت بأني  قريب جدا من الأمل...

اني أنحاز اليك واليك وحدك..

.اني أنحاز الي...

الآن أستعيد صورة اليوم الأول الذي به التقينا في ذلك الركن الهادئ المقابل للبحر،

كان وجهك يتدفق فيض انتماء،

واشارة فلسطين،

بل أشارات،

مرتكزة على الجناح الأيسر،

بشموخ محمل بالدلالات.

كانت عيونك ترنو الي بقوة،

تريد أن تحدثني بما أحدث الغياب في حنين الأرواح التائهة ...

 وكأن الزمن لا يزال قصيرا ..

 في نهاية الاسبوع القادم سيعيد القمر تألقه ..

 وسيبدأ هلالا ..

 وكلما ابتدأ في التكوين وهو في خدر أمه،

 أراك على مشارف القدس تعانقينه ،

 أحتضن الذاكرة الذكرى التي تدغدغ مشاعري وتقهرني ...

 وأنت تجهلين أهازيج الروح التي أحملها اليك،

 لأنك مسكونة بالعاشقين ..

. فاذا نظرت الى عيوني ستجدينها منحازة الى الأحزان،

 لأنك ستفارقينها ..

.فالى من ستنظر بعدك بكل دنف الأشواق ؟؟؟

 والى من ستتحدث ومع أية عين ستتلاقى محملة بأسمى المشاعر .؟؟؟

. واذا ما غطتها الرموش بحنين اللقاء ودفء الحلم ورؤى الذاكرة،

توهج الضوء فيها،

 وامتزجت نيران الأشواق بتهاليل اقتراب موعد اللقاء والصلاة على بواكير الفتح في الجلجلة ،

 وفي البوابات الموصودة في الأزقة المليئة في الحياة .

كتابة ميثاق العائدين

أيتها القدسية الآتية من غيوم الاسراء ،

 المدثرة بوطن المنافي بدم الولاء المرصع بالنجوم .

يا "أمراة تشرق منها كل النساء" وحروف اللغة.  

ألآن، ايقاع الزمن يفرض هجيره المر علينا ...

 ألآن، يبدأ العد التنازلي التصاعدي في الرحلة الأصعب ....

 ألآن، تتفجر الآهات المكتومة غيظا او فرحا ، لست ادري ،

 والآن، حان أن نكون أو لا نكون ، معادلة لزمن فائت أو حاضر .

الآن، آن أن نودع لحيظات تستكين في ظلالات زاوية مفترشة بعبير التقديس .

الآن ،آن أن نوقع في ميثاق الأمانة والأمان عهدا .

الآن ،وقد سافرت لحظاتنا الينا واستعادت خلقها المتجدد ،

 واستعادت نبضها من جديد، ببحر الحياة الوليد في ربيع الاقحوان .

 رحيلك لن يحدث ، ستبقين حاضرة في قلبي وذاكرتي ،

 سأذكرك في كل لحظة ،

الوطن بكل تفاصيله سيتحدث عنك، وعن وجودك الحافل بالفرح ،

 البحر ، السماء ، الطرقات ، الغربة كلها بآفاقها،

 ستذكر لحظات اللقاء الرائع الذي جمعنا في زمن نفتقد فيه الوفاء والحب ..

لن أنسى نظراتك ، فلسفتك ، تحليلاتك ، خفة الدم ، التي تتمتعين بها ،

 ففراقنا لن يحدث ، كل ما هنالك بأنك ستذهبين بنبض المسئولية،

 ستغيبين عنا جسدا فقط ،

أما  روحك المثلى فستظل روحي تمتد اليها وتتواصل معها وتحميها.

 مواثيق الأمانة والأمان والعهد،

ستبقى شاهدة على هذا الميثاق الذي لا تنفصم عراه ...

هذا الحب الذي لن تجف أنهاره ،

 هذا الحب الأزلي الذي عايشناه منذ فترة طويلة دون أن ندري .

سيمفونية الاعلان

لفعني خيط المساء ... ولفعني حنين البحر ...

 حينما جلسنا على مقعدنا الخشبي نترقب الفجر ...

 وخبأت رأسي على عجل حتى أقتبس هذا الدفء المشرع من رحلة السماء ...

 وأحطت كتفي بلحن البردى،

 يمسح الهواء البارد بالتفاف الذراع حول الروح،

 تخبئها، لتبقى تحتضن البحر ...

 وتهافت الأشواق مع عطش المساء ،

وكان الحوار هادئا ... وظل الحوار هادئا ...

تعذبني الذكرى ، وتقلقني الأشواق القريبة والبعيدة ...

 فعلى أرض البطولات المقدسة، نبني احلامنا رغم أشواك العبور اليها ...

هذا المكان الذي استقينا فيه عصير الأرواح الملتزمة للأرض والحب ...

 هذا المكان الذي نجلس فيه معا ،

وعلى الزاوية التي شهدت أول لقاء حقيقي بين روحينا،

 سيبقى خاصا لنا .. لنا وحدنا ،

 لانه المكان الوحيد الذي شهد الاسراء والميلاد البكر في ظلال المدينة العتيقة المعتقة،

 في الرحلة الصعبة الأصعب ...

وكلما التفت التاريخ الينا،

 سيظل يختال بفارس الليلك الذي لم يتوقف نبضه من مدينة النفي،

 ولم يصمت حلمه ..                                    

 يظل يخترق فضاءات وومضات عيونها وكبريائها ..

وكلما اقترب الوعد واللقيا،

 استيقظت الأرواح الخالدة لتشهد ...

اختمار الذاكرة في كأس وشاح اللقاء الأول

عيون الفارس ترنو،تشتعل بفيض الروح الى رابعة..

وفارس فلسطين أسطورة لحقيقة خالدة،لا تتجزأ،

بل تتوحد في كل تفاصيل اللقاء.

كم احببت نفسي فيك،

وكم توحد الحب في عيونك حينما أطلق الأشعاع نحوي.

وتمايلت

 خطاك في عرس التجلي،تختال أغنية في حلم لا ينتهي،

في شجيرة للمبتدى المنقوش بأوراق العبير الصوفي المتوج باشراقات

 نحو آلهة الخلود.

كم اكتملت صورتي حيمنا احتضنتها جنينا،

حنينا دافئا موشى بمنثور الأمنيات...

وكم تألقت روحي وهي تطوف حول أشاراتك الالهية الموجهه من روح الوعد....

أكان الفجر الأول،؟؟

وكأنما فجر كل طاقات الألى عبير ارتقاء في الروح المثلى،

أكان الأول، أم بدؤه في احتضان سحر ينساب في بحور الأشواق.

ألليلة هادئة،والضباب يلتف حولي،

وخيوط الكوفية تداعب عنقي،

وأغنية حالمة تتردد من صوت ملائكي يشدو بعبير الأحتراق،

واضاءات الروح بشعور مشاعر استشعرت وجودها من فيض روحي أخاذ،

تدغدغ الكلمات روحي وتعبث بها ،

كما كانت عندما يبدأ ايقاع الطرب ،

وتدنو العربة من موقع الأنتظار.

استقل الموكب،أودع المركب وأعبر اليك،

 وأغنية واعدة تتردد-

فدائي..فدائي،

تتبعها أغنية "لأجلك يا مدينة الصلاة أصلي"،

تغفو كلماتها على أوتار قلبي وأذوب فيها.

الطريق طويل..قصير،

وهمسات الليل تقترب منها،

ويد هادئة تلملم الأشواق من فضاءات الأغتراب...

هكذا كانت الرحلة بدءا من ربع قد لا يكون "خالي"،

ومن فرس لا تبيع فارسها،

ومن روح لا تبايع الا مبادئها،

ومن عيون تلقي نظراتها في مطلق الحب .

هكذا كانت لغة اعتاق الروح المكبلة....

كم أحلم بالذكرى الأولى بصوت تجلى في ايقاع التراتيل..

هكذا كانت الصورة والتصور،

يوم أن كان اللقاء الأول وضجيج العربات في شارع المقاطعة.

هكذا كان التواصل مع الوعد الأول في أحاديث جادة ومدلولات،

ونحن على أعتاب المدينة العتيقة ،

وأصوات المارة يطرحون السلام بانفجارات العلاقة مع التاريخ المزين بها.

هكذا كانت الآلهة تشعل نيران العبادة اليها من قبس وجمر ولهب،

وتدنو كلما التقانا الزمان على حواجز المدينة.

فارس الرحلة تقترب خطاه

كم أحببت نفسي في ألقها في وطن يحترف المجد،

 ويحترق في اضاءات رو حية تستفيض عشقا.

الساعة الثانية عشرة،

أعود من عشاء مخملي محلى بالشموع،

وايقاعات نبض الليل تتنفس عبير الذكرى..

.الصوت المبدع يردد أغنية لكوكب الشرق،

"أصبح عندي الآن بندقية"

 وكأنما كل الكواكب تلاقت

في قصيدة عند أنفاس الياسمين،

والفرقة الموسيقية تبيح استجداءات الغرام  الموشى

بالحلم  لرجل جالس هناك، ينتظر الأيام..

انتشرت قربه شابة ،اخترقت حاجز الصوت والموت،

وبدا تائها متحركا سعيدا...أنظر اليه بفضول.

يجلس قربي رجل آخر يتوه في اللحن،ويسترجع ألحان الأيام،

 يكثر التعليق والأبتسام، بنظرات موجهه  في

طرب الأمنيات.

.وأنا أستمع اليه ولا أستمع.

.وتعبر روحي بعيدا بعيدا الى حيث اضاءات من روح الفارس تصل الي،

وكأنما المسافات تذوب بعيدا،

ونبض في قلبها يعلو ويتصارع،

ثم تصر الذاكرة أن تعيدني الى الزيتونة الرومانية، 

وكأنما اللقاء الأول يعود ثانية الي مخترقا الذات في مد بائن من مدرجات عالقة،

 الى التفاف لألتفافات توقظ لحظها عند لحيظاتها.

رموش الدفء تغفو على نظرة عين عاتبة،

معاتبة قدرية الأحزان.

وأمواج حنين الى ماض متوج بالأمل..

الحاجز تشتعل أنواره ثانية،

ابتسامات، تساؤل، وجوم، تشاؤم ثم تفاؤل.

أدير الأرقام بذبذبات من التخوف ،

 الصوت يرد أيضا مخاطبا ما خفي منا ..

 أنتظري ... لحيظات والرحيل يأخذ عبير غيابه ،

تقترب الخطى وتمتد ،

 وأغنية صامتة كأنما تعلو من أزقة الروح مودعة سلمها ..

. الشواطيئ تغيب وتقترب ،

الشعب يتلمس معنى الأنتظار .

دقائق ويدنو فارس الرحلة ،

 ونمتطي عربة الترحال ... وتبدأ تساؤلات ،

 ماذا سيجري في هذا الصيف؟!

الأحتفال تدق نواقيسه ،

 فارس فلسطين بألقه الطاغي المنتشر يعتلي المنصه ...

 وأريج دقات الروح يندفع، ليتم اللقاء في حوارات جادة ،

 نبحث عن مكان حر لا يتواجد فيه " رقباء "

وهنالك في ركن هاديء،

 نتبادل حديث الروح في دقائق أخفاق احتفاء بملامح الروح في العيون ..

 الحوار الجدلي يستكمل ليكون صعب الغدر والمغادرة ...

 تستوقفني الكلمات وتهزني ...

 ما مدعاة الخوف هنا ؟

أنني أفهم ،

ولكنني  أصر على الفهم المعمق بالمعرفة القصوى،

 ومن هنا كان بدء الابحار الى الروح،

 ما بين تساؤل للفهم،

 وما بين فهم لأطلالات وتجليات توارت عمدا في كنوز الروح،

 ليظهر ألقا ثانية، عند أطلالة البدرفي نيسان .

الشمس في اشراقاتها غابت طويلا ...

 أقترب موعد الانطلاق في أنس الكون ودلالاته المفروشة في أيار . وفي تموز..

 ترتدي الشمس حريريات خيوط زفافها مع الفجر ..

 تعبر اليها غيمة صامتة تفر من نظراتها ،

 وتواري دلالات مقصودة ..

. ثم تعود أطلالاتها ثانية،

  تقفز أخرى تفرش حزنا وفرحا ...

 وتغيب الشمس ثانية ...

 وتبدأ الروح بالتحير الممغطس ما بين جذب وانجذاب ،

 وما بين ارتداد وابتعاد ...

 والفارس يمضي في أركان الكون في محطات أبت الا أن تكون صعبة،

 ويحمل الشوق و الاصرار معه حيث يكون . 

لحظات تعاتبني

بالأمس كان اللقاء جادا مع كوادر الثورة ، وممثلي الهيئات الدبلوماسية ،

 أبحرنا في نقاشات متعددة الأتجاهات ،

 منها ما يحمل الروح الى الآفاق المخملية المثلى ،

 ومنها ما يقود الى تفاصيل أقرب الى الواقعية،

 تشعر فيها باحتجاج داخلي ،

 تشعبت الأحاديث،وتماوجت شعاعات الشمس،

 ثم توارى القمر باصرار جدلي ...

 وبحثت عنك في كل الأركان ،

 يجلس قربي صديق قديم يقترب من روحي ،

يحاول أن يفسر العلامات المرسومة على وجهي ،

 ولكن علامات الأغتراب ،الأستغراب، تصر أن تبقى ..

 عيون الفارس لا تتبدل ...

 ولا يمكن ان نبدلها ... او نشيح النظر عنها .

هي فكرة التكوين،

ولواعج الحنين...

انها رحلة العمر ،

 وكأنها رحلة العمر ،

 وكأن اقمار الروح المزدانة بتراتيل الغناء،

 تختال مستبشرة بقرب الأشراقات الوضيئة.

 انها رحلة في أمواج متناحرة ما بين أمل اللقاء وألم الفراق ..

 أغدا نلتقي عند أسوار المدينة في رحلة الحجيج اليها ؟؟؟

 أرسم في الذهن تلك اللحظات المرتقبة ،

 ثم أواريها في أعماقي حتى لا تمتد اليها يد الغرباء وتصادر وجودها ،

 وحتى لا تصير هامشية موقعة بترتيبات التناسي .

أغدا نلتقيك هنا .؟؟

 باسم مكتوب في كل قصائد العاشقين،

 وفورات الروح المتأججة الحرارات على ناصية الوجود الأغر ؟!

هالات تعانق قمرها

الساعة التاسعة والنصف،صباح مليء بالأرهاق،

المؤتمرون يتجمعون،

الجماهير تطل من عيون التاريخ

الفارس يقترب،

اللحظات تزدان بعناق

تنطلق الكلمات وألحان البدء،

 وتبدأ الرحلة.

هدير الأشواق يعلوأمواجا في رحلة عمل تفجر غيبها،

يزدهر الفجر بعلامات دالة تائهه في آفاق المعلوم المجهول..

ويستبدل الفجر حنينه الصارخ الى الروح المكبلة في أرق  الماضي،

ويستعين الصباح بقطيرات الندى

 وهي تتلمس رفرفات فراشاتها الملونة الرائعة الجمال.

الهاتف يستحثني أن أداعب أرقامه، ليخترق كل ذبذبات الروح،

وضباب يستدرك وجوده الممتلئ.

أديرأصابعي بعيدا..

في الزمن،

لا وقت للراحة،

 في حديقة عصافيرها كسيرة الأجنحة.

تنتظر

الرحلة القريبة البعيدة.

.وعيون "الرقيب" تقنص كل أناقات التواصل والتساؤل الحاد القريب من المعنى والمبنى..

.أهي شواطئ مستعارة،واضاءات مركبة،

وافتراشات لفراشات تائهه مغيبة الصدى؟؟

أم أنها رحلة التئام الروح بالروح في زمن تتفلت الدقائق من ماضيها؟؟

 لست أدري!!

أهي أنا في عودة الى ايقاعات الروح التي تتفجر في بدء تجلي الوعد في نيسان وأيار وتموز...

.في أناقات الصبر المنثور على شراع شراعها في بحر التيه الكوني المستجد.؟؟

نجوم تعبر آفاق الغيب،

هالات تدلل قمرها،

رحلات مرتحلة الفجر،

تراتيل مكبلة.

.الموسيقى تغادر أوتارها...

الايقاع يتفرس بعيون دقائق اللقاء أو الوداع الأول والأخير..

الأرق يبدو في عيون المنتظرين.

.فمن يعيد الروح ويحمل السكون؟؟.

لحظات كأنها تغفو

وكأنني غفوت عن زقزقات العصافير،

ونسيت أجراس اللحن الصباحي الموجه الى هناك،

وخفق النوائب المتسارعة وهي تروي حكاياتها المعذبة.

ووكأنني غفوت، وأردت أن أذكر ولا أستذكر،

أردت أن أودع كل الأحتلالات المرهقة،

لأعود ثانية في سلم التحليق في الآفاق التي اعتدتها،

وكأنني استسلمت لنعاس يجابه الفراق،

 أدرت مفتاح الأشواق بعيدا لتتفجر في ذاكرة الورد في نيسان،

والتحليق في العمر،وانتقاء الورود العطرة من ساحات المجد،

 حينما تجلى الأيقاع حضورا بهيا وضيئا في لحظ لحظات العبور.

وكأنني تساءلت:هل يمكن أن أغفو ببساطة اللغة المتسارعة المضمخة بعتق عبير

الروح،

 والموقف تجلى في روحي منذ القدم؟؟!

هل أنحاز عنه؟أم أنحاز اليه؟!

القضية ليست صعبة وليست سهلة،

ولكنها أناشيد روح الأنتماء، عزفتها على وريقات

طائرة صغيرة تجسد وجودها على مقاعدها،

وآفاق فضاءاتها،

تسجل ما يقوله الراوي في الأرواء وفي أمطارات السماء.

تستفزني روحي ثانية لأمزق كل الأوراق في التيه،

 وأغيب الفكرة،

وأمحو حرف اضاءات قناديل الوهم في نوافذ الحجيج.

أفكارنا آلهة نصنعها تمرا، ونأكلها عشقا،نتواى بها، ونواريها

ثم ننسى أننا ننسى."

  حزن يفيض أشواقا

يأتيني صوتك عبر الأسلاك،

وأبحث عن قطيرات الندى وعقد الياسمين ،

وأغنية تطوف امواجا ،غرست وجودها الأزلي في، فينا.

أبحث..أقلب الأوراق، يرد الصوت برنين صامت محاطا بدوائرشائكة.

الكلمة  تلقي ثقلا قاتلا، النفس تجفل ويهبط فيها النبض...

ويتدحرج الحلم الى ركن منطفئ الأنوار،

وأعيد الأتصال..

فيمر عبيرالروح ثانية في فصل الساعات عن محيطها واغتراب في التواصل.

تتساقط دموع القلب،

وتمضي النظرات الموجهه،

 فيضيع الحلم بعيدا،

 وتشتعل النوائب في اللوم الأخاذ..

ويتجدد العهد.

يقترب الموعد..

وأحس بالأيام والساعات تغادرها الثواني،

وزجاجات العطر المتيم بالأنتظار،

تصطف في احتراق الأنطلاق.

أشعل أضواء الذاكرة في الرحلة،

 ليعود فجر الندى،

 يميط اللثام عن أشواق التشوق...

المنتظرون يعبرون دوائر عديدة..

الكون ينشر ألوانه،

الخطاب يحتد،

الأجتماعات تتوالى،

الطيور تعلن البدء...

فارس الليلك يعانق رابعة في الزمن الأصعب،

وتكون حياة..وتظل الحياة.

.ويفرش الحلم فضاءاته.

تدلل رابعة

وأتيت اليك ثانية وثالثة يا مدينة الشواطئ الساحرة وأنغام الزفاف تدنو من شواطئك،

الروح ترسم أفقها،

القمر يدنوويقترب

 والألحان الهادئة تدنو،

غزة تزف اليه فلسطين...

تعانق جبهته تيجان غار...

عيون الناس تلمع وميض فرح..

في ابتسامات الندى لوريقات الورود في صباح معطر الأمنيات.

وتلك الوجوه التي ألفتها، واستبشرت بطالعها تتألق شامخة...

الهاتف يهتف، أخبار تأتي مددا،

أتألق بعنفوان،

أختال،

أمضي،

أتحرك،

ينبض قلبي، وأنتظر ساعة اللقاء...

الموج يكبر ،

يعلو،

ولقاء الغروب بات وشيكا،

والصبا يمرعلى روحي مداعبا...

يعاودني رفيف النعاس المغرق،

ثانية ، تعانق الشمس البحر وتغرق فيه..

وأتساءل!كيف تنحني جبهة الشمس لتمضي في حضن البحر في ألق الاشعة؟؟

أراقب رحلة العبور الى البحر،

وحينما يبدأ البحر الكلام،

أغبط الشمس لأن البحر

ضمها في قلبه بدفء صوفي النقاء.

ولما يفرد الصباح أجنحته،

وتستيقظ الشمس،

تحمل اشعاعاتها وتصعد الى الأعلى عبر الماء من أمواج البحر،

لتستقر في السماء،

تسير في الحساب الزمني لتعود ثانية الى حضن البحر.

-يعود النعاس المحمل بالأسئلة رفيفا في قلبي الذي لم يصح بعد...

أنعشتني الأمواج وهي تحلق حولي،

وتساقط الضوء من الفضاء في رحلة كوكبية،

تسلب من خيوط الظلام، ليكتسي السواد بالأرجوان،

ويبدأ خفق نبضات الليل وقلوب العاشقين وآهات الوادعين في ترقب اللحظات.

هي الأرض تبدأ تتمختر،

والرمل الأصفر ينتشي بلون السماء،

ويتحول بفعل العيون الى

مقصورة أمراء يبدأ فيها الطرب وأناشيد الحرية.

المركبات الفضائية،

العجلات،

والأصوات الأنسانية ،

تطلق أنغامها في سكينة مبرمجة ضمن دائرة الروح.

.وأنا أبحت عن سنبلة ثابتة في مهب الريح.

رابعة تعود ثانية..

تمتشق كوفيةالعودة،

وتمضي الى مقصورة استلقى بها رسول الحرية.

رابعة تحمل كأس الولاء والوفاء لتوبة ارض وصرخة حلم.

فارس الليلك يبدأ الخطوات مختالا في الميلاد وفي الحياة،

 يبشر الأرض والأنسان

وطفل يعيد الزمان الجديد.

فارس الليلك لايغفو،

يرسم من روحه في روحه شارة النصر.

مبعوثا من روح أضاءت دروبا في المنفى وعبرت الوطن بعيدا قريبا

في نبوءات بدأت تتحقق. 

فارس الليلك يلتقي رابعة،

يحميها ويخبئها برموش عينيه،

فتغفو رابعة في مقصورة القديسين والخلفاء وأمراء الحرية.

تكتب رابعة باسم الاسرأء وشعيعات ضياء،

ورحلة السالك في الروح،

تمضي من موقع في برج التوحد مع الله

 الى موقع لا يخبو فيه الجمر.

تكتب رابعة" عرفت الهوى،بل عرفني الهوى منذ حللت ربوع الثرى".

تغني رابعة في العشق أغنية الصحبة في القتال والوطن والثورة،

والروح في راح التزين في أريج الوطن .                                                        تبدأ في حروف العشق التي كانت مغيبة عنها نقاطها،

أو نقاط مغيبة الحروف...

. أيتها البنفسجة والقرنفلة المضيئة المداخل على مشارف المدينة. 

لا تنحني للريح،ولا تتوقفي عن العبق،

لأن نفاذ العبق يحيل الكون صحراء والرؤيا سرابا..

يا شجرة الياسمين بحبيباتها البيضاء مجتمعة لتعانق عنق الحسناء...

انحني لرابعة في نقاءات النقاء.

في فيض الروح وبواكير التجلي في فضاء وطن ينهض،