حرب أهلية في إسرائيل تؤدي إلى انهيارها.. هل هذا تقدير واقعي؟! بقلم: حماد صبح
تاريخ النشر : 2020-08-04
حرب أهلية في إسرائيل تؤدي إلى انهيارها .. هل هذا تقدير واقعي ؟! بقلم : حماد صبح
على وقع المظاهرات المتواصلة التي تطالب باستقالة نتنياهو لفساده ولفشل حكومته في مواجهة جائحة كورونا التي أفقدت مليون شخص عملهم ؛ بدأ كتاب فلسطينيون يستبشرون بأن تؤدي المظاهرات إلى حرب أهلية بين أنصار نتنياهو والمتظاهرين ضده ، قد يستقطب طرفاها شرائح أخرى من المجتمع الإسرائيلي لم تحدد موقفها حتى الآن من الفريقين تحديدا واضحا يدفعها إلى الانحياز إلى أحدهما . ويأمل الكتاب الفلسطينيون أن تنتهي الحرب الأهلية بانهيار إسرائيل . فهل هذا تقدير واقعي ؟!
في التقدير نسبة معقولة من الواقعية ، وحتى يصبح واقعا حتميا لابد من توفر حزمة عوامل ومؤثرات لتفعيله ، وأهمها :
أولا : أن يكون للفلسطينيين قيادة وطنية توحد قواهم ، وتوجهها نحو هدف واضح محدد تصر عليه ، هذا الهدف ذو بعدين ، الأول وطني ، هو العمل على تحرير الضفة وغزة من كل سيطرة إسرائيلية بصفة هذا الهدف حقَ تقرير مصير معترفا به عالميا لكل شعب . والبعد الثاني ، الدعوة إلى دولة واحدة بين النهر والبحر قاعدتها الحقوق السياسية والمدنية المتساوية للفلسطينيين واليهود . سترفض إسرائيل هذه الدعوة ، ونستطيع الإفادة عالميا من رفضها ، وطرح البعد الأول للهدف ، وهو الاستقلال الوطني في الضفة وغزة . أما أن تجمع إسرائيل بين رفض الهدفين فهذا ليس مسوغا ولا مبررا في أي شرعية دولية أو إنسانية أو أخلاقية .
ثانيا : توفر مساندة عربية مدروسة وفعالة ومثابرة ، قوامها دعوة من يرغب من اليهود العرب إلى العودة إلى بلدانهم العربية التي قدموا منها إلى فلسطين ، وتقييدهم بجنسية البلد الذي يعودون إليه ، فلا يجمعون بين جنسيته وبين جنسيتهم الإسرائيلية . وما أكثر ما سمع العمال الفلسطينيون الذين عملوا في أراضي 1948 من تمنيات يهود عرب العودة إلى بلدانهم الأصلية . والبلاد الأجنبية التي قدم منها مهاجرون يهود إلى فلسطين بقيت دائما مفتوحة الأبواب لعودتهم بحكم قوانين الهجرة والجنسية فيها ، وعاد إليها مئات الآلاف منهم في هجرة مضادة .
ثالثا : مخاطبة قوى السلام في المجتمع الإسرائيلي ، وحثها على تفعيل دورها فيه ، والتوضيح لمتطرفيه وغلاة الحالمين بالسيطرة على كل الأرض الفلسطينية والتوسع في الجوار العربي بأن تطرفهم وحلمهم سيفضيان إلى مصير دموي ماحق لهم ، وأنه حان زمن خروجهم من حديقة الأسطورة والخرافة .
رابعا : قطع الطريق على فرار إسرائيل إلى مغامرات عسكرية في لبنان وسوريا وغزة وربما في إيران ؛ عساها توحد الإسرائيليين ولو مؤقتا ، ويكون القطع بإشعارها بأنها ستدفع ثمنا كبيرا مكلفا لفرارها ، ومن مجمل الصورة العسكرية الإسرائيلية نستبين يأسها من فائدة هذا الفرار ، ويقينها أن زمن الانتصارات السريعة السهلة كان آخره 1967 . وبؤس حالها هلعا من انتقام حزب الله لقتلها عنصره علي محسن ، وتعهدها في رسالة غير مباشرة إلى الحزب بأنها لن تمس عناصره في سوريا مرة جديدة ؛ يفضح يأسها من الحل العسكري خارج الحدود لأزماتها الداخلية التي ظهرت قوية معقدة في اضطرارها لإجراء ثلاثة انتخابات ، وتلوح الآن في أفقها نذر انتخابات رابعة ما يبين وفرة مسببات بنيوية ذاتية لهذه الأزمات . إسرائيل ولدت بطريقة مدهشة في سهولتها ، ولا نستبعد أن تموت بنفس الطريقة السهلة ، واستنتاجا : يصبح تقدير حدوث حرب أهلية في إسرائيل تؤدي إلى انهيارها تقديرا واقعيا إذا رفدته فواعل ومؤثرات من نوع ما اقترحناه ، ومن انواع أخرى ، الباب مفتوح لاقتراحها ، ولنتذكر التقرير الذي أعدته 16 وكالة مخابرات أميركية من سنوات قليلة ، وتنبأت فيه بانهيار إسرائيل في 2022 بهجرة 3 ملايين من مستوطنيها إلى روسيا وأميركا .