الكلمة بقلم:د.ميسون حنا
تاريخ النشر : 2020-07-28
الكلمة بقلم:د.ميسون حنا


الكلمة

بقلم د ميسون حنا / الأردن

للكلمة سطوة على العقول ، ومدخل إلى الأفئدة ، فهي تنقي القلب من شوائبه فيبدو خفيفا ، ويعكس ظرفه على صاحبه فيصبح لطيف المعشر، والكلمة تصقل النفس فتكون هادئة مطمئنة، فتشعر بالأمان والدعة، والكلمة تنعش الروح فتُقبل على الدنيا بإيجابية ومحبة ، هذا إذا كان المتلقي للكلمة مسالما، ودودا بطبعه، محبا للخير ، أما إذا كان شريرا فهي تشعل عقله ليتقد ويتحفز لابتكار شر جديد ، وتوغر صدره فيتضاعف حقده ، وتغدو نفسه مشحونة بالبغضاء والكراهية فيثور ويطلق الشرور. وللكلمة قداسة في صدر المؤمن الذي يرى الله أمامه في تصرفاته ، فبالكلمة يبدأ وصاله مع الله، وتنتعش آماله ،ويغدق عمن حوله الرضى والابتسام ، فتكون نفسه صافية رقراقة ، للخير داعية، ويختلف تأثير الكلمة على المؤمن حسب قوة إيمانه فمنهم من يتلفع بجميل الكلم فيبدأ وصاله النقي مع الله ، ويعتزل العامة ليتمسك في صومعته مبتعدا عن مخالطة الناس لئلا يقع في المحظور . ومنهم من ينتعش فؤاده وتشف روحه عن جمال كان دفينا في أعماقه فيطفو على السطح بتأثير الكلمة ، ويغدق على الناس نسائم اللطف والمحبة ، فيحبونه ويرون النقاء في عينيه اللتان تعكسان سلام. نفسه مع نفسه أولا ومع الناس ثانيا. وللكلمة تأثيرها على قلب العاشقين ، فمن خلالها يرى العاشق جمال الحبيب ، وأقصد هنا الجمال الروحي ، فيتمسك به ، وتتوطد أواصر المحبة ، ويتسامح الحبيب مع الحبيب إن زل أو هفا، فالكلمة الجميلة تنعش الفؤاد ، وتبدأ تعزف على أوتاره ألحان محبة وعشق وهيام، ويغدو الحبيب غاية المنى، ونهاية المطاف ، فتراه يحتجز الحبيب في حجرات القلب ويتربع معه في ذات المكان ليلفهما غلاف شفاف حصين، لا يكون مخترقا إلا لهما ، فمنه ينفذان إلى الناس متى شاءا ، وأحيانا يتواريان خلفه ، يطلبان الخلوة للبوح، وإن نأى الحبيب يراه شريكه في مخيلته فيكون حاضرا في غيابه ، ويشتد حضوره ويتضاعف تأثيره عند اللقاء، فبالكلمة فقط تنمو هذه العلائق وتثمر ، ومتى أثمرت في قلب المحبين ازدهر العالم . وأخيرا بالكلمة نبني لبنة في صرح الحضارة والرقي نحو إنسانية أفضل.