من رسائل الحج المبرور بقلم:شريف قاسم
تاريخ النشر : 2020-07-27
من رسائل الحج المبرور
يَستحسنُ المجدَ الأثيلَ السؤددُ
ويزيلُ ماتُملي من السُّوءِ اليدُ

والزورُ يهوي بالدَّعاوى أُفرغتْ
من كلِّ ما يأتي الهوى ويُجَسِّدُ

وينيخُ ذو ريبٍ على أبوابِها
ويرومُ مذمومَ الفِعالِ المفسدُ

إنَّ المآثرَ لم تكنْ إلا لِمَنْ
بِهُدى النُّبُوَّةِ في الورى يسترشدُ

أجيالُها تحيا على أنوارِها
وبغيرِها في العيشِ لم يتقيَّدوا

أَوَلَم تَرَ الدنيا بأشهرِ حجِّهم
في حِليةِ الفرحِ المقيمِ تغرِّدُ

هـم أدلجوا فهفا الضياءِ بليلِهم
والسَّعيُ في نورِ المحامدِ يُحمَدُ

من مكة : الإسلامُ أشرقَ صبحُه
فبلالُ صنوُ أذانها والموعدُ

والرَّاوياتُ ولم تنم آماقُنا
ونهبُّ صوبَ رحابِها نتعبَّدُ

فالصَّفحةُ البيضاءُ مُلكُ مَن اتَّقى
فالإثمُ ولَّـى والذنوبُ تُبَددُ

هي للحجيج رسالةٌ شرعيةٌ
لبَّى نِداها المؤمنُ المتعبدُ

لبيكَ ربَّ الناسِ جئنا نرتجي
من عفوِكَ الفيَّاضِ يحفظُه الغدُ

يوم النشورِ إذا المقابرُ بُعثِرَتْ
والناسُ في وجلٍ فما ملكتْ يــدُ

وهمُ الحجيجُ بهم يباهي ربُّهم
مَن في السماءِ وللتَّباهي مشهدُ

اليومَ يُجزَون الجِنانَ مكانةً
طابت ، وطابَ نعيمُها المتفردُ

نفحاتُها في حقبةِ الدنيا لهم
كانتْ بشائرَ من كريمٍ يُقصَدُ

فالحجُ مبرورٌ و ذاك جزاؤُه
يرويه (مسلمُ ) والحديثُ مؤكَّدُ

تحلو مواقيتُ الدُّنُوِّ من الرضــا
فالذنبُ يُغفَرُ والخطيئةُ تُبعَدُ

فالحجُّ يمحو ما جناهُ أخو الهوى
واليومَ رايتُه الأثيرةُ تُعقدُ

لبيكَ ياربَّاهُ إني تائبٌ
وأنا بحفظِ عهودِه أتعهدُ

فاغفرْ ذنوبًا يا إلهي أوجعتْ
أحناءَ قلبي ، والمآثمُ تُفسِدُ

وذرفْتُ في عرفاتِ دمعًا طالما
لـم يَجْــرِ من مقلي التي تتبلدُ

فنسيمُ عفوكِ هـزَّني فاعشوشبتْ
في الصَّدرِ دنيا للإنابةِ تشهدُ

قد باتَ يحضنُها ربيعُ مُحَمَّدٍ
فالحرفُ يَهزجُ والقصيدُ يُغرِّدُ

نفحاتُ جودِكَ يا إلهي أيقظتْ
قيمًـا على عهدِ الولاءِ تُجَدَّدُ

ولها تعرضتِ القلوبُ فَجَنْيُهَـا
أبهى وأغلى إن تباهى العسجدُ

فزخارفُ الدنيا تزولُ ، وإنَّمـا
يبقى الذي من هَدْيِهِ نتزوَّدُ

في السَّعيِ أو في الجريِ معنىً يُجْتَلَى
بين الصَّفا والمروةِ الناسُ اهتدُوا

يا أُمَّ إسماعيل سعيُك صرحُه
أضحى لكلِّ المسلمين يُشَيَّدُ

في الحجِّ زُهدٌ ، والمشاعرُ موطنٌ
للذكرِ لانَ على نداهُ الجلمدُ

والنَّحرُ من سُننِ الهدى والرَّجمُ في
أيامِه للموبقاتِ تَبَدُّدُ

ومزيَّةُ الإحرامِ فيها رِفعةٌ
للنفسِ عن دنيا الهوى و تَجَرُّدُ

يا أيُّها القلبُ السليمُ حباكَ مَنْ
يهدي إلى رضوانِه ويُسددُ

هـا أنتَ عُدْتَ لذاتِكَ المُثلى وقد
أصغيْتَ للقيمِ الحِسانِ تُنَضَّدُ

أبشرْ برضوانٍ بـه تنجو غــدًا
فالنَّـارُ وَهْجُ أُوارِهـا لايخمدُ

هي للعصاةِ ومَن يعيشُ سفاهةً
فيهـا المخازي والمساوئُ تحصُدُ





شتَّانَ بينَ براءةٍ يسمو بها
هذا الفؤادُ وبينَ فسقٍ يُورَدُ

هذي الشريعةُ لم تزلْ أركانُهـا
في روحِ أُمَّتِنا الإباءَ تُجددُ

ما أذعنتْ يوما لسطوةِ ظالمٍ
مهما طغى ، فإباؤُها لاينفدُ

أو أُخمدتْ نيرانُ عزَّتِها التي
تأبى على راياتِ حقدٍ تُعقَدُ

قد ألَّفَ الإسلامُ بين شعوبِها
فالوحدةُ ازدانتْ وطابَ الموردُ

أَوَلَم تــَرَ الجمعَ المباركَ بوركَتْ
أيامُه في أُلفةٍ لا تُوْأدُ

في الحجِ في الصلواتِ في الجُمعِ التي
فيها النفوسُ إلى المآثرِ تَحفدُ

قُلْ للذي جحدَ الشَّريعةَ كافرًا
أَقْصِرْ فنارُ الجاحدين ستخمدُ

مهما عتوا بفسادِهم وضلالِهم
وبشرِّهم يرغي أذاهُ و يزبدُ

وبنارِ أكبادٍ لهم قد أُضرِمَتْ
حقدًا على الإسلامِ لا تترددُ

ومؤامراتٍ صاغهـا أسيادُهم
في الشرقِ أو في الغربِ بئسَ الحُسَّدُ

لابدَّ من يومٍ ترى أجنادَنا
راياتُهم بهدى النُّبُوَّةِ تُعْقَدُ

فهي البشارةُ للطغاةِ ، تلألأتْ
في وجهِ مَن للهِ ويكَ يُمَجِّدُ

فاللهُ ينصرُ جندَه ويُبِيدُ مَن
كفروا بدينِ المسلمين وعربدوا

فالمُلكُ والملكوتُ مُلكُ يمينِه
أمَّـا المُبَشِّرُ فالحبيبُ مُحَمَّدُ

لو شاء أفناهم فلا يبقى لهم
أثـرًا فليس لِمَن تمادى منجدُ

قد غرَّهم إبليسُهم فتنمَّروا
ودعاهُمُ داعي الهوى فاستأسدوا

فَهُمُ استباحوا أمَّةَ الإسلامِ لم
يسلمْ من العبثِ البغيضِ موَحِّدُ

إنَّا وإن شهدوا لزورِ حضارةٍ
بينَ الأنامِ فإننا لانشهدُ



بئستْ حضارتُهم وبئسَ زمانُها
إنَّ الحضارةَ بالمكارهِِ تُزهدُ

هذي حضارتُهم مع ( الفيتو) نمت
وعلى التآمرِ شرُّها لايُغمَدُ


جاءت بعلمٍ بابُه يبقى على

وَهْبِ العقولِ من المهيمنِ تُحمَدُ

إنا وإن شهدَ الهوى لحضارةٍ
بين الأنامِ فإننا لا نشهدُ

جاءتْ بعلمٍ بابُه يبقى على
وَهْبِ العقولِ من المهيمنِ يُحْمَدُ

لكنَّ أهلَ الفِسقِ قد جعلوه في
أيدي الذين بغوا هناك وعربدوا

فتصحرَتْ بيدِ التَّبارِ حضارةٌ
وجفا محيَّـاها الربيعُ الأجودُ

وذوت بها القيمُ الرفيعةُ ، وانطوتْ
صفحاتُ خيرٍ بِـرُّهـا لاينفدُ

أين الإخاءُ؟ وأين منها رحمةٌ
للخلقِ جافاها الشَّقيُّ الملحدُ

أين السُّمُوُّ بأنفُسٍ خُلِقَتْ لِمـا
شاءَ الإلهُ ، وفيه يُجلَى المقصدُ !

سيماءُ إنسانيَّةٍ فُقِدَتْ فلم
يُبْصَرْ بدنياهم وربِّك سؤددُ


خانوا عهودَ إلهِهِم واستكبروا
فاجتالهم هذا الضَّلالُ الأنكدُ

واستسلموا لهوى شياطين الأذى
فاقتادَهم مَن للفضائلِ يَجحدُ

هذا مع الهوى الغربيِّ غنَّى والهًـا
وأخوهُ شرقيُّ الهوى متبلدُ

والآخرُ المأروضُ أمعنَ في الشَّقا
من حيثُ لايدري وقد يتهودُ

حتى إذا ما التفَّتِ السَّاقانِ في
يومِ المساقِ فبئسَ بئسَ الموردُ

أَوَمَـا ترى مَن حــجَّ عادَ مكرَّمًـا
وإلى الجِنانِ مآلُه إذ يَحفدُ

يا أيُّها السُّفهاءُ غـرَّ نفوسَكم
زيفُ الحياةِ ولن يدومَ العسجدُ

حارَبْتُمُ الإسلامَ لكنْ فاتكم
رضوانُ ربٍّ جودُه المُتَزَوَّدُ

أضمرتُمُ الأضغانَ لكنْ خبتُمُ
وحقيقةُ السُّفهاءِ سوفَ تُجَرَّدُ

هي سورُ سخْطِ اللهِ كبَّلَ بأسُها
أيَّامَكم ، وغدًا يحينُ الموعدُ !


مهما يَطُلْ حبلُ المِـراءِ ، وغلظةٌ
نيرانُها في كلِّ قلبٍ توقدُ

يأتِ الهلاكُ على حشودٍ بارَزَتْ
ربَّ العبادِ ، فجمعُها يتبددُ

يا أيُّها الإنسانُ ويحك فاستفقْ
من غفلةٍ فالويلُ حولك يورَدُ

عاهدتَ ربَّك عند كعبتِه فَصُنْ
عهدًا وثيقًا للمزايا يُعقدُ

باهى بك الرحمنُ في عليائه
قلبًـا سما ، أما الرضا فمُشَيَّدُ

حلَّقتَ في أُفُقِ المآثرِ مؤمنًـا
ولأنَّك الأسمى وأنتَ الفرقدُ


في الحجِّ جمعُ المسلمين مُوَحَدٌ
فبه تقيٌّ صالحٌ ومُوَحِّدُ

يقوى به عضدُ المواجهةِ التي
تُخزي العدوَّ ومَن لنا يتصيَّدُ

هو ركنُ دينِ اللهِ لايفنى ولا
يقوى عليه محاربٌ يتهددُ

فَحْوَاهُ للمستشرقين رسالةٌ
عصماءُ ربانيَّةٌ تتجدَّدُ

فاللهُ ــ جلَّ جلالُه ــ هو وحده
مَن في مدى غبرائِه يُتَعَبَّدُ

وله العبادُ من المآثمِ والهوى
ومن الفسادِ وقد أناخَ تجرَّدوا


هو ربُّهم وإليه أوبتُهم غدًا
ولغيرِه في عيشِهم لن يسجدوا

الشَّوقُ يحدوهم ليومِ لقائِه
فلهم نعيمٌ بعدَ ذلك أرغدُ

قد خلَّفوا مُتَعَ الحياةِ وأقبلوا
شطرَ المناسِكِ والقلوبُ تغرِّدُ

من كلِّ فــجٍّ حثَّهم إيمانُهم
وإلى المنافعِ أسرعوا كي يشهدوا

هذي هُوِيَّتُهم ، وهذا فخرُها
في العالمين وللهنا لم يفقدوا

وهي الحجازُ وفي رباها لم يزل
ما قد حباها من هُدَاهُ مُحَمَّــدُ

في مهبطِ الوحيِ الأمينِ تباشرتْ
بالوحيِ أُمَّتُنا فنعمَ السُّؤددُ

فهنا هنا خطواتُ نورِ المصطفى
وهنا النُّبوَّةُ والمثاني ترفدُ

والذكرياتُ وليس يُطوَى سِفرُها
والصَّالحون من اللبابِ تزوَّدوا

والعجُّ يطربُ في المناسكِ روحَنا
والثَُّّجُّ للجودِ الأثيرِ يُؤكِّدُ

والذِّكرُ أدناهم فما من ذاكرٍ
هيهاتَ ينأى عن مناهُ ويبعدُ

والصَّومُ والصَّدقاتُ والصَّلواتُ ما
أغنى الحفيِّ بها وذاكَ الأسعدُ

اللهُ أكبرُ قد تآختْ أُمَّةٌ
بالمالِ والسُّلطانِ هاهي تزهدُ

وتماهتِ الألوانُ والأجناسُ في
إحرامِهم أما الرياءُ فَمُبْعَدُ

ويُفصِّلُ الآياتِ ربي للورى
حتى يثوبَ العاقلُ المسترشدُ

خيرُ البريَّةِ أُمَّـةُ الهادي ولن
يجدَ الحصيفُ سِوى هُداها يُقصَدُ

العالميَّةٌ هاهنا ، لكنَّهـا
في ظلِّ رحمةِ بارئٍ يُتَعَبَّدُ

أهدى لكلِّ الخلقِ من نعمائِه


فالخيرُ فاضَ ورزقُه لاينفدُ

وأتَتْ شريعتُه القويمةُ منهجًـا
للناسِ كلِّ الناسِ حتى يسعدوا

أمَّـا الإخاءُ فأُلفةٌ و مودَّةٌ
وتكافُلٌ وتسامحٌ و تَوَدُّدُ

والبيتُ للنَّاسِ الكرامِ مثابةٌ
والبِـرُّ من ربِّ العبادِ مُسَدَّدُ

هبَّتْ رياحُ العفوِ منه تَكَرُّمًـا
وأولو الإنابةِ من جناهُ تزوَّدوا

فملاذُ أرواحٍ هَفَتْ توَّاقةً
والَّلهُ آمَنَها فليستْ تُطرَدُ

أرأيْتَ رأسًا حاسِرًا متواضعًا
وإزارُه عنوانُ زهدٍ يشهدُ !

مستغفرًا وملبيًا متجردًا
من زينةِ الدنيا جناها يكسدُ

والمخبتون لربِّهم قد عظَّموا
هذي الشعائرَ شأنُها لا يُعضدُ

فاستأنسوا في الحجِّ مأوى آمنًـا
للنفسِ لاتشقى ولا تُستبعدُ

واخضلَّت العشرُ الأواخرُ إنها
بجمالِ طلعةِ فجرِها تتورَّدُ

في وجهِها الألقُ السَّماويُّ الذي
ألفى السَّكينةَ في سناهُ مُسَهَّدُ

أيَّامُها نفحاتُ زهوٍ دغدغتْ
أحناءَ قلبٍ من جديدٍ يولدُ

هذي الليالي المقمراتُ استيقظت
لجمالِها الأسنى العبادُ السُّجَّدُ

تهفو نفوسُهُمُ لنيلِ منازلٍ
المرءُ فيها في النعيمِ مُخَلَّدُ

يتنوَّعُ الإغراءُ في دنيا الورى
في مطمعٍ أو مُتعةٍ تُتَوَسَّدُ

لكنَّ مَن فازوا بجائزة الرضا
من ربِّهم يومَ القيامةِ أُفْرِدُوا

هـم وحدهم أهلُ المكانةِ هكذا
قد أخبرَ القومَ الكرامَ المشهدُ

أمَّـا الذي ولَّى وأدبرَ هازئًـا
بالدِّينِ بالقيمِ التي لا تُجحَدُ

متلبسًا حالَ الأثيمِ ولم يكن
إصدارُه عن وعيِ قلبٍ يرشدُ

ضيَّعْتَ ياهذا معالمَ شِرعةٍ
ومشتْ خطاكَ تَنُوفَةً تتوقدُ

أتلفْتَ في سوقِ الهوى حيويَّةً
ومضَيْتَ في آثامِها تتمرَّدُ

فعليك لم تبكِ السماءُ ولا الثَّرى


ولأنتَ ــ في كنفِ الحياةِ ــ المقعدُ

فيها تولَّى أمرَكَ المذمومَ مَن
للغيِّ والفعلِ القبيحِ يُمجِّدُ

فخسِرْتَ دنياكَ التي لولا الهوى
لسقاكَ من شَهدِ الهدايةِ أحمدُ

صَلَّى عليه الَّلهُ بَلَّغَ دعوةً
ولغيرِ دينِ اللهِ عاشَ يُفَنِّدُ

قد فازَ بالإسلامِ أصحابُ الحِجى
وأولو الضَّلالةِ في التَّبارِ اسْتُعبدوا

يَفْنَوْنَ ما عاشوا وينقلبون يا
ويلَ الجُناةِ إلى جحيمٍ يوقدُ

وَتَنَمَّرُوا وهوتْ مخالبُهم على
طفلٍ رضيعٍ ويلهم واستأسدوا

والفصلُ يومَ الفصلِ لم ينفعْ وإن

ندموا ومهما عمَّروا أو شيَّدوا

شريف قاسم