الحب والسياسة والتمرد فى «جوابات قصر الدوبارة»
عبر عدة فصولٍ قصيرةٍ، ومن خلال قصة حبٍ من لحمٍ ودمٍ، تُقدم لنا رواية «جوابات قصر الدوبارة» للزميل الصحفي والروائي عبد الرحمن عباس، والصادرة عن دار «سكرايب للنشر والتوزيع» سبتمبر 2019، شخصيتين تحاولان طوال أحداث الرواية الهروب من مصيرٍ يبدو محتومًا، وعاداتٍ وتقاليد باليةٍ لكنها تطارد بطلي هذا العمل الأدبي، حتى النهاية الصادمة للرواية، والتي لم أتقبلها، وكنت أريد غيرها.
بالطبع يُستحسن فى «الريفيوهات» عدم حرق أحداث الرواية كاملةً؛ حتى نترك للقارئ مساحةً يتعرف على شخوصها، حكاياتهم، مصائرهم، ولكن بشرح بسيط نجد أنّ المتصفح لهذا العمل الأدبي سيجد نفسه أمام بطلين رئيسيين؛ «غادة»، مسيحية
أرملة، اقتحمت شوارع العاصمة على غير رضا أهلها، لتعمل فى مركز حقوقي، وتزور قريتها فى الصعيد على فتراتٍ، لتعاني من الاصطدام مع والدتها غير الراضية عن حياة وطريقة معيشة ابنتها فى القاهرة.
بطلنا الثاني في الرواية هو «يوسف»، الشاب الذي ينحدر من عائلةٍ غنيةٍ، والده صادق باشا، الرجل الذي صادرت الثورة أملاك والده الإقطاعي سليمان باشا، لكن «صادق» ينجح فى استرداد تلك الثروة؛ بل أضعافها، بالظلم والقسوة حتى يكتسب عداوة الجميع، يعيش فى قصرٍ بعذبة بالقرب من بنها فى القليوبية.
«يوسف» درس الهندسة، وفر إلى اليونان، ومنها إلى الإمارات، علاقته مرتبكة بوالده، ولكن قلبه مُعلق بفتاةٍ فى القاهرة هى «غادة»، الفتاة الصعيدية التي تعمل فى مركزٍ حقوقي، وصاحبة الشعر الكيرلي كما يسميها بطلنا خلال أحداث هذا العمل الأدبي.
العلاقة العاطفية بين الاثنين بدأت بدايةً غير معتادة، «يوسف» يكتب لها خطاباتٍ، يسلمها لـ«غادة» قس بكنيسة قصر الدوبارة، ومع أحداث الرواية، تتطور علاقة الاثنين، حتى يعود «يوسف» من الإمارات بعد وفاة والده «صادق باشا»، ثم يقابل «غادة»، ويحاول الزواج منها، ولكن يفشلان فى إتمام هذه الخطوة، وتنتهى
الرواية بلحظة الفراق بينهما.
عبر صفحات الرواية سترى مقارناتٍ بين ميادين اليونان الساحرة التي وصفها الكاتب بدقةٍ، وبين شوارع الإمارات، ثم المقارنة بين تاريخ الدولتين، تُلمح الرواية إلى التشكيك في مصادر العاملين بالعمل الحقوقي، وتُلقي الضوء أيضًا على التحرش الجنسي داخل المراكز العاملة بهذا النشاط.
كذلك هناك وصف لشوارع وميادين وسط البلد فى القاهرة، هنا يلتقي أبطال هذا العمل الأدبي، تدور حوارات باللغة العامية تدفع بأحداث الرواية إلى الأمام، لنرى أحاديث عن «تلفيق» التهم للنشطاء السياسيين الذين يهتم المركز الحقوقي بتدوين أسمائهم، والدفاع عنهم، وكذلك نجد حديثًا عن العادات البالية في الصعيد، وتحديدًا المنيا، التي تُقيد بطلة الرواية «غادة» من الزواج للمرة
الثانية، هذه العادات التى تحكم على الأرملة التي تُريد التزوج للمرة الثانية بأنها «منفلتة» جنسيًا لا تستطيع التحكم فى نفسها.
«التمرد» تمثله فى الرواية «نهال»، شقيقة يوسف، التي كانت تعيش بجسدها فقط فى القصر مع والدتها، ولكنها منفصلة فى الحقيقة، توبخ شقيقها على فشله وانهياره أمام العادات البالية، وتحكمات والدته التي تمنعه من الزواج بـ«غادة»، مع وفاة
والدها، تطالب بميراثها؛ لتسافر إلى فرنسا لإكمال تعليمها.
الرواية تضم مجموعةً من الشخصيات الثانوية التي ترتبط بأبطال هذا العمل الأدبي، تندمج معهم، وتشكل هذه الشخصيات عاملًا فى تصاعد الأحداث، عبر «سرد» كان قويًا فى النصف الأول من الرواية، ثم بدأت هذه القوة تتراجع قليلًا في النصف الثاني، خاصةً مع الاستعانة بأحاديث، وجمل تقليدية، وكأن الكاتب يُريد طوال أحداث الرواية تأكيد الديانة المسيحية لأبطال عمله.
الغلاف أيضًا كان تقليديًا، على الرغم من أن هذا العنصر (أي الغلاف)، أصبح الآن، بجانب اسمه العمل الأدبي بالطبع، من العوامل التي تقف وراء رواج الكثير من الأعمال الأدبية.
رواية «جوابات قصر الدوبارة» هي الثانية للزميل الصحفي والكاتب عبد الرحمن عباس، بعد روايته «في مارس يبدأ كل شيء» والتي صدرت فى 2015.
الحب والسياسة والتمرد فى "جوابات قصر الدوبارة" بقلم: عرفة محمد أحمد
تاريخ النشر : 2020-07-16
