القضية الفلسطينية رهينة سياسات الإدارة الأمريكية بقلم:مروان صباح
تاريخ النشر : 2020-07-14
القضية الفلسطينية رهينة سياسات الإدارة الأمريكية بقلم:مروان صباح


مروان صباح / لأول مرة تفتقد السياسية الأمريكية مبادراتها التى عودت العالم على طر حها ، فأهلا في صحراء السياسة ، غير أن المراقب لا يغفل عن تلك التوجيهات التوراتية أو المآلات الفكرية الغربية التى كانت تُقدم مجموعة من الأكاذيب من أجل تمرير أهدافها أو التمني من أجل استحسان نوع من الصداقة والمصداقية وهذا ما يتحسسه مفندها القياسي الذي يرفض أن يكون جزء ممن يتورطون في قراءات بليدة لا تستطيع قراءة مقاصدها الحقيقية ، في هذه الأيام تحديداً ، تمر القضية الفلسطينية أسواء أيامها ، لم تشهدها من قبل ، لقد استطاعت إسرائيل في الآونة الأخيرة بناء علاقة قوية مع القومية العربية ، فمقولة أولاد العمومة ترجمة حرفياً على أرض الواقع ، وبالتالي أنقسم العرب إلى قسمين وأقاما تحالفان مع إسرائيل ، فالجانب المصري والخليج العربي ، هذا الطرف ، متحالف مع نتنياهو ضد المشروع الإيراني ، وايضاً في المقابل الجانب التركي وقطر والإخوان المسلمين ، متحالف هذا الطرف مع نتنياهو في مواقع متعددة ، وبالتالي المنطقة جميعها أُخرجت من الصراع الاسرائيلي العربي الإسلامي وبات الصراع بين الدول الأساسية في المنطقة ، وهذه الدوامة التى أنطلقت شرارتها مع قدوم الخميني إلى سدة الحكم في طهران ، لم تنطفئ حتى يومنا هذا بل تزداد اشتعالاً وحدةً يوم بعد الآخر .

هناك مظاهر فرح لا يمكن اخفاءها ، قد تكون احياناً ناتجة عن الفطرة البشرية ، لكن ايضاً قد تكون عن تجارب مكتسبة من الحياة السياسية وبالتالي تجاوزت الطفولية ، لهذا يستمر نتنياهو في الحكم مستفيداً من أخطاء من سبقوه في إدارة الكيان الإسرائيلي ، وبالتالي ، طالما يضع أمام عينيه مصير بيغين وشارون الرئيسين السابقين للحكومات الإسرائيلية ، يدفعه مصيرهما بالمزيد من التمسك بتحالفاته مع المستوطنين ، لأن الإثنين دفعا ثمن قرارهما بتفكيكهما للمستوطنات الواقعة في قطاع غزة وسيناء ، وهذا إن دل يدل على حجم تأثير المستوطنات داخل الدولة العبرية ، الذين لا سواهم يرون بأن أي دولة فلسطينية في الضفة الغربية ستحاصر الوجود اليهودي وستجعل المستوطنات في المنظور البعيد كونتنات ضعيفة ، وبالتالي عندما يردد نتنياهو ، رئيس الحكومة الإسرائيلية مقولته ، بأن الوقت مناسب لضم أراضي الضفة ، هو لا يقصد بذلك الوضع الهش للعرب أو الفلسطيني ، بل يشير عن الانحطاط التى تعيشه أوروبا ، بسبب جائحة فيروس كوفيد 19 والذي كشف الفيروس عن حجم الانهيار الداخلي ، فأوروبا تواصل انهياراتها وتعيش ايضاً حالة من الشيخوخة الحقيقية التى لا تسمح لها بالاعتراض أو فرض عقوبات فاعلة تتأثر بها إسرائيل ، إذن إصرار نتنياهو على قرار الضم ينطلق من تقيمه للحال الدولي ، فإذا كانت الإدارة الأمريكية تتضامن معه والعرب والدول الاقليمية منخرطون بقتال بعضهم البعض ، وأوروبا فشلت في توفير أبسط الاحتياجات الطبية للناس أو لطواقم الطبية في المستشفيات ، وهذا دليل آخر ، بأن هذه الدول غير قادرة على خوض حروب طويلة حتى لو كانت اقتصادية ، بل كيف يمكن للدول الأوروبية تفسير لمواطنيها ، اللجوء للصين لكي تؤمن لهم الكمامات والتى تحتاج فقط مشاغل صغيرة لإنتاجها .

تعيش القيادة الفلسطينية أزمة ما بعد التأجيل ، أنا شخصياً أعتبر كل ما قيل من تحذيرات دولية ، تعتبر عديمة الأسنان ، وبالتالي من المفترض للقيادة الاجتهاد في ابتكار أساليب أخرى غير الرفض ، بل مسألة الإشادة بمواقف الأردن وبالاخص موقف الملك عبدالله الراسخ وحركته الدبلوماسية المضادة لحركة نتنياهو تعتبر جيدة ، لكن الإشادة وحدها لا تكفي ، بل تحتاج إلى ابتكار مجموعة من الضغوط الداخلية التى تفكك حيوية التأجيل وتحويله إلى ملف ملقى على الرف ، غير ذلك ستكون الأمور في المستقبل ليست لصالح الفلسطيني ، وهذا بالفعل حصل عندما قررتا حركتي حماس وفتح الاتفاق على وضع خلافتهم جانباً وشكلا معاً خندق لمواجهة قرار الضم ، الذي اعتبرته إسرائيل نقطة تحول غير متوقعة وكواحد من أشكال الضغوط الجديدة وبالتالي دفع التخندق إسرائيل إلى إعادة فهم الانقسام من جديد والتكيف معه .

في الواقع قرار الضم ليس كله منافع لإسرائيل بل ستفقد الشريك الوهمي ، وطالما إسرائيليون اعتاشوا عمراً على هذا الشريك ، فإتفاق أسلو وفر لهم جسور بينهم وبين العرب ورسم صورة دولية جديدة للحركة الصهيونية لم تكن تعرف عنها ، وبالتالى خطوة الضم بنيت عن معرفة الحركة الصهيونية بالاختلال العالمي ، صحيح قد تكون فرصة نادرة ، لكن ربما أيضاً قد تكون خطوة متسرعة وتحمل مفاجآت غير محسوبة ، تماماً كما نجح الشباك الإسرائيلي ، جهاز الأمن المعروف ، بتشكيل حكومة الظل في قطاع غزة وبالصدفة تم إكتشاف وزير المالي في هذه الحكومة ، الذي كان يتكفل في إمداد جواسيس إسرائيل بالمال والدعم اللوجستي ، إذن من الممكن أن تخفق إسرائيل في نقل المهمة لحكومة الظل في الضفة الغربية ، وبالتالي يصح ايضاً النظر إلى خلاصات أخرى ، من حيث المبدء الأمور تفهم على هذا النحو ، لإسرائيل حكومات ظل في أغلب الدول ، ولديها رجالها الاقتصادين في المنطقة كما هو الحال في العالم ، لكن إحساس نتنياهو بأن الوقت حان للاستغناء عن الشريك الوهمي ، قد يكلف إسرائيل ذلك ثمناً باهظاً ، لأن مسألة ضم الضفة الغربية إلى السيادة الإسرائيلية تعتبر إعلان صريح عن حسم المعركة ، وبالتالي السؤال الذي لا بد لنتنياهو الإجابة عنه ، هل بالفعل حسم المعركة تماماً . والسلام
كاتب عربي